اللهم صل على محمد وآل محمد
هل يستحق هذا أن يكون هدفا نسعى إلى تحقيقه؟ الجواب: نعم، فإنه من أسمى الأهداف وأعلاها، بتحققه تنجابُ عن القلب الظلمات، وتنزاح من الطريق إلى الحق العقبات، ويتحرر الإنسان من التبعات، وهي أكثر من خطيرة، فكل ما يحدث للإنسان من أزمات ونكبات منشؤها الذنوب، حتى ورد في الروايات الشريفة كما عن الإمام الصادق (ع): "مَنْ يَمُوتُ بِالذُّنُوبِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَمُوتُ بالآجَالِ".
لكن الأخطر من الذنوب أن نستسلم لها ونقنع أنفسنا بالعجز عن الإقلاع عنها، والعجز عن التوبة والرجوع عن الأخطاء وإصلاحها، فهنا تكون الطامة الكبرى التي تقودنا إلى اليأس من رَوْحِ الله ومغفرته، فنصبح رهائن ذنوبنا، حتى نعتادَ عليها ونألفَها، فتصير جزءا من تكويننا النفسي، ومائدة يومية نتغذى عليها، لا تثير فينا خوفا ولا قلقا، حتى تحجبنا عن الله تعالى بِحُجُبٍ سميكة، بل تحجبنا حتى عن ذواتنا حتى ننساها ونغفل عن مصالحها، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" ﴿19 الحشر﴾.
إنَّ وقوع الذنب من الإنسان العادي أمر متوقع في كل يوم بل في كل ساعة، فكلُّ بني آدمَ خَطَّاءٌ كما ورد في الحديث الشريف، ولكن الاستسلام له خطأ أكبر منه وأعظم، لأنه يجعل الإنسان لا يفكر في الإقلاع عنه والتحرر من قبضته، فيتوهم أنه قدَرٌ محتوم، وقضاء مُبرَمٌ، فلا يحرك ساكنا لدفعه، ولا يفكر في الاستغفار منه، ولا يتوجه إلى الله ليعينه على عدم تكراره.
لا الذنبُ قَدَرٌ محتوم، ولا الاستسلام له مقبول، إن الإنسان ذو إرادة وهو قادر على إعمالها، وإن الإنسان موجود عاقل مختار، يتعَقَّل الأمور، ويميز بين الخير والشر، وبين الصحيح والخطأ، وبيده أن يفعل هذا أو يفعل ذاك، وإن من الناس من كانت الذنوب محيطة به مستولية على معظم حياته، لكنه حين أراد الإقلاع عنها وعزم بنية صادقة على التحرر من قبضتها كان له ما أراد، فإذا به وقد صار حُراً طليقاً، تائباً مستغفراً، صالحاً طيباً، عاملا للباقيات الصالحات، متقربا إلى ربه بالطاعات، مقبلا على شأنه، مهتما بأمر دنياه وآخرته، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون.

توصيات:
1- كُنْ قوي الإرادة، فإن قوة الإرادة تصنع الأعاجيب.
2- أزل من قاموسك مفردة الإستسلام فإنها لا تليق بك.
3- إذا أذنبت فسارع إلى الاستغفار لتعيد لقلبك صفاءه ولنفسك نقاءها.