قبل التلبّس بأي عنوان ، فإن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية بإمتياز ، أرضٌ مغتصبة ، حقوق مسلوبة ، حصار جائر ، دماء تسيل ، مهجّرون وأسرى وسجناء .. كل هذا وغيره مما لا يرضاه أدنى مستوى من الإنسانية ولا يقبله أقلّ حظٍّ من الضمير الإنساني ..
ولكن عند إضافة بعض الموضوعات على هذا الملفّ فهو مما يساعد على إضفاء قناعات جديدة وإعادة لترتيب أولويته ودرجة الاهتمام به عند هذه الجماعة أو تلك .. وبالتالي فإنه يصبّ في مصلحة القضية وتقليص مدتها بحسب الإمكان .
فمثلاً ، هي قضية فلسطينية تهمّ أهل فلسطين ، وهي قضية عربية ، وهي قضية إسلامية ، وهي قضية شرق اوسطية ، وهي قضية إقليمية ، ثم أنّها عالمية .. وهكذا ، وكل وصف من هذه الأوصاف من شأنه تعزيز الجبهة المصطفّة الى جانب الفلسطينين اتجاه العدو المشترك اسرائيل والصهيونية العالمية ..
وعليه .. هذا المنشور يُعنى بمناقشة القضية الفلسطينية من وجهة نظر إسلامية فقط ، وكالآتي :
إسلامياً يربطنا بفلسطين أمور ثلاثة مهمة :
الأول : الأرض الإسلامية في فلسطين
الثاني : المقدسات الإسلامية هناك
الثالث : المواطن الفلسطيني المسلم
أمّا الأرض / فإن فلسطين من الأراضي الاسلامية التي افتتحت عنوةً - اي من خلال حرب عسكرية - بعد أن كان يحكمها البيزنطيون ، وهي دولة مسيحية تدين بدين النصرانية ، وذلك في أيّام عمر بن الخطاب .. وحكم الأرض الإسلامية المفتوحة عنوةً هو أنها وقف لجميع المسلمين ، أو على رأي بعض المذاهب الإسلامية أنها تُقسّم على الغانمين لها .
وامّا المقدّسات / فالقدس كمدينة هي قبلة المسلمين الأولى ، وأمّا المسجد الأقصى ، فهو مسرى الرسول صلوات الله عليه ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الاسراء ١ ، فحرمتها واضحة وأن الإسلام لا يسمح بإنتهاكها او أهانتها ، ما بالك في ان تكون أسيرة بيد غير المسلم الذي لا يعرف حرمتها فضلاً عن المحافظة على تلك الحرمة والقدسية ..!
وأمّا سكّانها المسلمون / فنصرتهم والدفاع عن دمائهم واعراضهم واموالهم هي من واضحات الأحكام بل قد ترقى الى الضروريات والثوابت الإسلامية ..
وبهذا فإن اسرائيل اليوم تُعتبر جهة غاصبة للأرض الإسلامية ومنتهكة للحرمات والمقدسات ومعتدية على دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وحرياتهم ، وواجب المسلمين اليوم هو العمل لإرجاع كل تلك الحقوق ورفع كل تلك الظلامات .
وقد يتندّر البعض بكلمات هدفها تشويه الحقائق الإسلامية وتقريب مفهوم الصلح مع اسرائيل بإعتبار أن للصلح أساس اسلامي ولقد كانت هنالك معاهدات واتفاقات مع اليهود أيام الرسول الأكرم صلوات الله عليه .. في حين أنّ هذا المتندّر يحاول تغيير الموضوع من أجل تغيير الحكم ، مشكلتنا مع اسرائيل ليست عقيدتهم وانما مشكلتنا معهم أنهم معتدون ومحاربون وغزاة ، مغتصبون لأرض الإسلام ، يقتّلون ابناء الإسلام وينتهكون حرماتهم وكرامتهم ..!! ، قال تعالى ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ) النساء ٧٥ ، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال : من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ، ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم . وسائل الشيعة ج١٦ ص٣٣٧
لا أحقية لليهود في أرض فلسطين ، فهي أرض المسلمين خالصة ، قد طردوا عنها - وفق أحكام دينهم - الدولة البيزنطية المسيحية ، ولم يطالب اليهود الآن بهذه الأرض باعتبارها أرضاً يهودية بقدر ما هي أرض ميعاد عندهم ، مركزها بيت المقدس وتمتد شرقاً الى نهر الفرات وغرباً الى نهر النيل ، مستندين في ذلك على نصوص في التوراة قد أشارت الى وعد الهي لنبي الله إبراهيم - ع - بوراثة هذه الأرض ، وهم يعتبرون أنفسهم من سلالة ابراهيم ع وهم الأحق بهذه الأرض ..!!
والحقيقة أن أوربا قد ضاقت باليهود ذرعاً لما يتصفون به من صفات اجتماعية مقيتة ، فعملوا هذه المكيدة لجمع يهود العالم في مكان واحد بتخطيط وتنفيذ بريطاني ماكر وملعون في النصف الأول من القرن العشرين .. !!
قال تعالى { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } العمران ١٦٠