بسم الله الرحمن الرحيم سؤال موجه لسماحة الشيخ حبيب الكاظمي .
س/ على فرض أن الابن انحرف، فهل يمكن في سن متأخر تدارك فساده واستنقاذه، وتحويله من ولد عاق إلى صدقة جارية؟..
بلا شك.. إن طريق المحبة والعاطفة، لمن أفضل الطرق لاحتواء الطرف المقابل.. الآن لو فرضا أن الولد عصا أبويه، وتعرب بعد الهجرة، ورجع-بعد مضي مدة من العمر- فاقدا للمقومات الإيمانية، ومتزوجا بامرأة ليست على ملته؛ فالأبوان من الممكن أيضا أن يعملا على استنقاذه، بالكلام الحكيم، كما يقول القران الكريم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}.

إن البعض من الأولاد قد لا يستمع لأبويه، وخاصة في فترة من العمر، وهو في سن فوران الشهوة والغريزة والعاطفة، حتى بعد بناء العش الزوجي، وبعض الأولاد إلى سن الأربعين، وهو قد يعيش حالة التمرد على والديه.. ولكنه بعد أن يهدأ، ويجرب الحياة بحلوها ومرها، وتذهب فورة الغرائز، يحب أن يرجع إلى أحضان أبويه، كما لاحظنا بعض الأولاد، وخاصة في قسم البنات.. إلا أن بعض الآباء كأنه في مقام الانتقام من الابن، فيواجهه مواجهة قاسية، بأنه مادمت خرجت مني فلا تعد، وأنا لست بأب لك، وأمثال هذه التعابير.. والحال بأن الأب العاطفي والأم العاطفية، هم من يبادرون في استنقاذ الولد، ولا ينتظرون الإشارات منه، حتى يستجيبا لإشارات الولد الآبق أو العاق لهما.
إذن، إن من الممكن للأبوين ذلك، كما وقع في التاريخ كثيرا، حيث كبار المجرمين والفسقة رجعوا إلى رشدهم، بحركة عاطفية من أحد العلماء، والقصص في هذا المجال كثيرة.

إن الأب الصالح من الممكن أن يضرب على هذا الوتر، ويعيد الابن إلى رشده، وخاصة مع الدعاء الحثيث في استنقاذ الولد.. هناك عمل يسمى بعمل أم داوود، يلتزم به المؤمنون عادة في منتصف شهر رجب.. وبعض الآباء والأمهات يلتزمون بهذا العمل، بنية استرجاع أولادهم من أحضان الرذيلة والانحراف، ولسان حاله: كما أن أم داوود ابتليت بفقد ولدها في سجون الظالمين، فأنا ابني ذهب إلى بلاد الغرب، ووقع في سجن الهوى، يا ربي!.. أنا ليست طلبتي استنقاذ ابني من السجن، وإنما طلبتي استنقاذه من الهوى الذي هو عاكف عليه.
ومن المناسب أيضا المداومة على صلاة الأولاد، وهي ركعتان خفيفتان: في الأولى بعد الفاتحة سورة القدر، وفي الثانية سورة الكوثر، تصلى في الليل للأبناء، وفي النهار للآباء.
ومن الأمور النافعة أيضا، الإكثار من قول الأبوين-قبل الولادة، وحين الولادة، وبعد الولادة-: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.