السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
---------------------------
{قصة الولادة المباركة}
قال بشر: أتاني كافور الخادم فقال(مولانا ابو الحسن علي بن محمد العسكري يدعوك إليه).
أقول: وإنما سُمي الإمام (عليه السلام) بالعسكري لأن الخليفة الظالم سجن الإمام(عليه السلام) في العسكر حتى لايتمكن من الخروج عليه.
(فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي: يا بشر انك من ولد الأنصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف وأنتم ثقاتنا أهل البيت واني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسرّ اطلعك عليه وانفذك في ابتياع أمة فكتب كتاباً لطيفاً بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه واخرج شُقَيقة) تصغير شقة وهي جنس من الثياب (صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً فقال : خذها وتوجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوائف المتابعين من وكلاء قواد بني العباس وشرذمة من فتيان العرب فإذا رأيت ذلك فاشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس)والنخاس عبارة عن الذي كان يبيع العبيد والاماء (عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا لابسة حريرين صفيقين)الصفيق من الثوب: ما كثف نسجه (تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن حاول لمسها وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه.
فيقول بعض المبتاعين: علي ثلاثمائة دينار.. فقد زادني العفاف فيها رغبة.
فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فاشفق على مالك.
فيقول النخاس: فما الحيلة ولابد بيعك.
فتقول الجارية: وما العجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه والى وفائه وأمانته.
فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معك كتابا ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي وصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فان مالت إليه ورضيته فانا وكيله في ابتياعها منك.
قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية.
فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب وحلفت بالمحرّجة والمغلظة أي اليمين المؤكدة انه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها.
فما زلت اشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان اصحبنيه مولاي(عليه السلام) من الدنانير فاستوفاه وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد.
فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدها وتمسحه على بدنها.
فقلت متعجباً منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه؟
فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء(عليه السلام) أعرني سمعك وفرغ لي قلبك انا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون انبئك بالعجب.
إن جدي قيصر اراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل وجمع من أمراء الأجناد وقواد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف وأبرز من بهي ملكه عرشاً مصنوعا من أصناف الجوهر ورفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه واحدقت الصلب وقامت الأساقفة عكفاً ونشرت أسفار الانجيل تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض وتقوضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار وخر الصاعد من العرش مغشياً عليه فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم.
فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال دولة هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني.
فتطير جدي من ذلك تطيراً شديداً وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان واحضروا أخا هذا المدبر العاثر والمراد بالعاثر الكذاب وفي بعض النسخ العاهر المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.
فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأول وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتماً فدخل منزل النساء وأرخيت الستور واُريت في تلك الليلة كان المسيح (عليه السلام) وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علواً وارتفاعاً في الموضع الذي كان نصب جدي فيه عرشه ودخل عليهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وختنه ووصيه (عليه السلام) وعدة من أبنائه
فتقدم المسيح (عليه السلام) إليه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاعتنقه فيقول له محمد(صلى الله عليه وآله وسلّم): يا روح الله اني جئتك خاطباً من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا وأومأ بيده إلى ابي محمد (عليه السلام) ابن صاحب هذا الكتاب.
فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم).
قال: قد فعلت.
فصعد ذلك المنبر فخطب محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وزوجني من ابنه وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد أبناء محمد والحواريون.
فلما استيقظت أشفقت من أن أقص هذه الرؤيا على ابي وجدي مخافة القتل فكنت أسرها ولا أبديها لهم وضرب صدري بمحبة أبي محمد (عليه السلام) حتى امتنعت من الطعام والشراب فضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضاً شديداً فما بقي في مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني وهل يخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا.
فقلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من اسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومنّيتهم الخلاص رجوت أن يهب لي المسيح وأمه عافية.
فلما فعل ذلك تجلدت في اظهار الصحة في بدني قليلاً وتناولت يسيراً من الطعام فسر بذلك واقبل على اكرام الاسارى واعزازهم فأريت بعد أربع عشرة ليلة كان سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) قد زارتني ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين أم زوجك أبي محمد (عليه السلام)، فاتعلق بها وابكي وأشكو إليها امتناع ابي محمد(عليه السلام) من زيارتي.
فقالت سيدة النساء (عليها السلام): إن ابني ابا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله تعالى من دينك فان ملت إلى رضى الله ورضى المسيح(عليه السلام) ومريم (عليها السلام) وزيارة ابي محمد اياك فقولي: اشهد أن لا اله إلا الله وان ابي محمداً رسول الله.
فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين (عليها السلام) وطيبت نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة ابي محمد فإني منفذته إليك.
فانتبهت وأنا انول وأتوقع لقاء أبي محمد(عليه السلام).
فلما كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمد(عليه السلام) وكأني أقول له: جفوتني يا حبيببي بعدان أتلفت نفسي معالجة حبك.
فقال (عليه السلام): ما كان تأخري عنك إلا لشركك فقد اسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في العيان فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الاسارى.
فقالت: أخبرني ابو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي أن جدك سيسيّر جيشا إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا ففعلت ذلك فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك وذلك باطلاعي إياك عليه ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: (نرجس) فقال: اسم الجواري.
قلت: العجب انك رومية ولسانك عربي.
قالت: نعم من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إليّ امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إلي وكانت تقصدني صباحاً ومساءاً وتفيدني العربية حتى استمر لساني عليها واستقام.
قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دَخَلَت على مولاي أبي الحسن (عليه السلام) فقال: كيف أراكِ الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف محمد وأهل بيته (عليهم السلام)؟
قالت: كيف اصف لك يا بن رسول الله ما أنت أعلم به مني.
قال: فاني أحببت أن أكرمك، فما أحب إليك: عشرة آلاف دينار ام بشرى لك بشرف الأبد.
قالت: بشرى بولد لي.
قال لها: ابشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
قالت: ممن؟
قال: ممن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا بالرومية.
قالت: من المسيح ووصيه؟
قال لها: ممن زوجك المسيح (عليه السلام) ووصيه؟
قالت: من ابنك أبي محمد (عليه السلام).
فقال: هل تعرفينه؟
قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة النساء (صلوات الله عليها).
قال: فقال مولانا: يا كافور ادع أختي حكيمة فلما دخلت قال لها: ها هي، فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيراً فقال لها أبو الحسن (عليه السلام) يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن فانها زوجة أبي محمد وأم القائم (عليه السلام)
اللهم صل على محمد وال محمد
---------------------------
{قصة الولادة المباركة}
قال بشر: أتاني كافور الخادم فقال(مولانا ابو الحسن علي بن محمد العسكري يدعوك إليه).
أقول: وإنما سُمي الإمام (عليه السلام) بالعسكري لأن الخليفة الظالم سجن الإمام(عليه السلام) في العسكر حتى لايتمكن من الخروج عليه.
(فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي: يا بشر انك من ولد الأنصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف وأنتم ثقاتنا أهل البيت واني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسرّ اطلعك عليه وانفذك في ابتياع أمة فكتب كتاباً لطيفاً بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه واخرج شُقَيقة) تصغير شقة وهي جنس من الثياب (صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً فقال : خذها وتوجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوائف المتابعين من وكلاء قواد بني العباس وشرذمة من فتيان العرب فإذا رأيت ذلك فاشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس)والنخاس عبارة عن الذي كان يبيع العبيد والاماء (عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا لابسة حريرين صفيقين)الصفيق من الثوب: ما كثف نسجه (تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن حاول لمسها وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه.
فيقول بعض المبتاعين: علي ثلاثمائة دينار.. فقد زادني العفاف فيها رغبة.
فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فاشفق على مالك.
فيقول النخاس: فما الحيلة ولابد بيعك.
فتقول الجارية: وما العجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه والى وفائه وأمانته.
فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معك كتابا ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي وصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فان مالت إليه ورضيته فانا وكيله في ابتياعها منك.
قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية.
فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب وحلفت بالمحرّجة والمغلظة أي اليمين المؤكدة انه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها.
فما زلت اشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان اصحبنيه مولاي(عليه السلام) من الدنانير فاستوفاه وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد.
فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدها وتمسحه على بدنها.
فقلت متعجباً منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه؟
فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء(عليه السلام) أعرني سمعك وفرغ لي قلبك انا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون انبئك بالعجب.
إن جدي قيصر اراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل وجمع من أمراء الأجناد وقواد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف وأبرز من بهي ملكه عرشاً مصنوعا من أصناف الجوهر ورفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه واحدقت الصلب وقامت الأساقفة عكفاً ونشرت أسفار الانجيل تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض وتقوضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار وخر الصاعد من العرش مغشياً عليه فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم.
فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال دولة هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني.
فتطير جدي من ذلك تطيراً شديداً وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان واحضروا أخا هذا المدبر العاثر والمراد بالعاثر الكذاب وفي بعض النسخ العاهر المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.
فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأول وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتماً فدخل منزل النساء وأرخيت الستور واُريت في تلك الليلة كان المسيح (عليه السلام) وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبراً من نور يباري السماء علواً وارتفاعاً في الموضع الذي كان نصب جدي فيه عرشه ودخل عليهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وختنه ووصيه (عليه السلام) وعدة من أبنائه
فتقدم المسيح (عليه السلام) إليه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاعتنقه فيقول له محمد(صلى الله عليه وآله وسلّم): يا روح الله اني جئتك خاطباً من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا وأومأ بيده إلى ابي محمد (عليه السلام) ابن صاحب هذا الكتاب.
فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم).
قال: قد فعلت.
فصعد ذلك المنبر فخطب محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وزوجني من ابنه وشهد المسيح (عليه السلام) وشهد أبناء محمد والحواريون.
فلما استيقظت أشفقت من أن أقص هذه الرؤيا على ابي وجدي مخافة القتل فكنت أسرها ولا أبديها لهم وضرب صدري بمحبة أبي محمد (عليه السلام) حتى امتنعت من الطعام والشراب فضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضاً شديداً فما بقي في مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني وهل يخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا.
فقلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من اسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومنّيتهم الخلاص رجوت أن يهب لي المسيح وأمه عافية.
فلما فعل ذلك تجلدت في اظهار الصحة في بدني قليلاً وتناولت يسيراً من الطعام فسر بذلك واقبل على اكرام الاسارى واعزازهم فأريت بعد أربع عشرة ليلة كان سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) قد زارتني ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين أم زوجك أبي محمد (عليه السلام)، فاتعلق بها وابكي وأشكو إليها امتناع ابي محمد(عليه السلام) من زيارتي.
فقالت سيدة النساء (عليها السلام): إن ابني ابا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله تعالى من دينك فان ملت إلى رضى الله ورضى المسيح(عليه السلام) ومريم (عليها السلام) وزيارة ابي محمد اياك فقولي: اشهد أن لا اله إلا الله وان ابي محمداً رسول الله.
فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين (عليها السلام) وطيبت نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة ابي محمد فإني منفذته إليك.
فانتبهت وأنا انول وأتوقع لقاء أبي محمد(عليه السلام).
فلما كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمد(عليه السلام) وكأني أقول له: جفوتني يا حبيببي بعدان أتلفت نفسي معالجة حبك.
فقال (عليه السلام): ما كان تأخري عنك إلا لشركك فقد اسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في العيان فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الاسارى.
فقالت: أخبرني ابو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي أن جدك سيسيّر جيشا إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا ففعلت ذلك فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك وذلك باطلاعي إياك عليه ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: (نرجس) فقال: اسم الجواري.
قلت: العجب انك رومية ولسانك عربي.
قالت: نعم من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إليّ امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إلي وكانت تقصدني صباحاً ومساءاً وتفيدني العربية حتى استمر لساني عليها واستقام.
قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دَخَلَت على مولاي أبي الحسن (عليه السلام) فقال: كيف أراكِ الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف محمد وأهل بيته (عليهم السلام)؟
قالت: كيف اصف لك يا بن رسول الله ما أنت أعلم به مني.
قال: فاني أحببت أن أكرمك، فما أحب إليك: عشرة آلاف دينار ام بشرى لك بشرف الأبد.
قالت: بشرى بولد لي.
قال لها: ابشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
قالت: ممن؟
قال: ممن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا بالرومية.
قالت: من المسيح ووصيه؟
قال لها: ممن زوجك المسيح (عليه السلام) ووصيه؟
قالت: من ابنك أبي محمد (عليه السلام).
فقال: هل تعرفينه؟
قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة النساء (صلوات الله عليها).
قال: فقال مولانا: يا كافور ادع أختي حكيمة فلما دخلت قال لها: ها هي، فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيراً فقال لها أبو الحسن (عليه السلام) يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن فانها زوجة أبي محمد وأم القائم (عليه السلام)