المسألة
بسم الله الرحمن الرحمن:
في الآية: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾
كيف دلَّت بعض الأولى على الرجال والثانية على النساء؟ فلو قصد بالأولى الرجال لقال بما فضل اللهُ الرجال على النساء.
الجواب:
قوله تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ ظاهرٌ في تعليل جعل القوامة للرجال على النساء، وذلك يقتضي أنَّ المفضَّل هو مَن جُعلت له القوامة على الآخر وهم الرجال، إذ لا يستقيم القول بأنَّ علَّة جعل القوامة للرجال هو أنَّ النساء مفضَّلات على الرجال، وكذلك لا يستقيمُ تعليل جعل القوامة للرجال بالقول إنَّ التفاضل بينهم متبادل، فثمة رجالٌ مفضَّلون على النساء، وثمة نساءٌ مفضَّلات على الرجال، فهذا لا يصلح أنْ يكون علَّةً لجعل القوامة لخصوص الرجال، فلو كان هذا هو المراد لاقتضى ذلك أنْ يجعل القوامة تارةً لبعض الرجال ولبعض النساء، فحيث إنَّه تعالى جعل القوامة للرجال محضاً فإنَّ ذلك يكون قرينةً على أنَّ المراد من قوله: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ هو بما فضَّل اللهُ الرجالَ على النساء، فتلك هي القرينة على أنَّ المراد من البعض الأولى هم الرجال والبعض الثانية هم النساء، ويتأكد ذلك بقوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ فإنَّ الذي يلزمه الإنفاق على الآخر هم الرجال فيكون ذلك قرينة أخرى على أنَّ المراد من بعضهم في الآية هم الرجال فعلة القوامة هو التفضيل والإنفاق.
وعليه يكون مفاد قوله:﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ إنَّ سبب جعل القوامة للرجال هو أنَّ الرجال أليقُ بهذه المهمَّة من النساء وأقدرُ على تحمُّلها منهنَّ بما أودع اللهُ تعالى في الرجال من خصائص تكوينيَّة كالبأس والشدَّة وحُسن التدبير والقدرة على تحمُّل المشاق المقتضي ذلك كلّه لأهليتهم لهذا التكليف دون النساء الفاقدات من حيثُ الخَلْق والتكوين لهذه الخصائص أو للمرتبة المصحِّحة لإناطة هذا التكليف بهن، فهذا التفضيل ليس بمعنى التكريم وأنَّ الرجال أكرمُ على الله تعالى من النساء، فإنَّ الأكرم على الله هو الأتقى كما بيَّن ذلك في كتابه بقوله: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ فالتفضيل المقصود من الآية يعني الأليق -من حيثُ الخَلْق والتكوين- لهذه المسئوليَّة فإنَّ الله تعالى قسَّم الخصائص الخَلقية والنفسيَّة بالنحو الذي تنتظمُ به الحياة ويستقيمُ بها المعاش.
والحمد لله ربِّ العالمين
سماحة الشيخ محمد صنقور