بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علم الفلسفة موضوعه دراسة المسائل التي ينحصر إثباتها بالأدلة العقلية ، لكن علم الكلام موضوعه دراسة المسائل التي لا تثبُت إلا عن طريق النقل 1 و التعبّد .
ثم إن بين مسائل علم الكلام و الفلسفة عموم و خصوص من وجه ، بمعنى أنه رغم وجود نقاط مشتركة بين علم الكلام و علم الفلسفة إلا أن هناك نقاط افتراق بينهما ، فهناك مسائل مشتركة بينهما تثبت بالتعقل ، كما أن هناك مسائل خاصة بكل منهما ، فالخاصة بعلم الفلسفة لا تثبت إلا بالتعقل ، و الخاصة بعلم الكلام لا تثبت إلا بالنقل و التعبّد ، و من وجوه الاتحاد بين هذين العلمين المسائل التي تتعلق بمعرفة الله و إثبات الخالق .
و بعبارة أخرى فان علم الكلام أسلوبه التلفيق بين العقل و النقل ، أما الفلسفة أسلوبها الاعتماد الكلي على العقل و الأدلة العقلية .
هذا و إن الفلسفة لا تعتمد إلا على التعقل في جميع المسائل المبحوثة فيها ، لكن علم الكلام يعتمد على التعقل تارة و على النقل و التعبّد أخرى ، فمثلاً يعتمد في مسائل الإمامة على النقل فقط ، و لإثبات المعاد يعتمد على التعقل و النقل و التعبد .
غير أن المسائل الخاصة بعلم الكلام ليست كلها في مرتبة و احدة ، فهناك مسائل أمثال حجية قول الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و عمله ـ السُنة ـ لا تثبت إلا عن طريق القرآن ـ بعد إثبات القرآن بالأدلة العقلية طبعا ـ ثم تليها سائر المسائل أمثال تعيين الخليفة للرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) ، و كذلك حجية أقوال الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) استناداً إلى كلام الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) ، ثم تثبت أمورا أخرى استنادا إلى أقوال الأئمة ( عليهم السَّلام ) .
و من الواضح أن النتائج الحاصلة من الأدلة النقلية إنما تكون يقينية إذا ثبُت صدورها عن المصدر المعتمد عليه ـ أي المعصومون ( عليهم السَّلام ) .
الهامش
_______________________
1. المقصود من النَقل هو كلام الله تعالى الذي يُنقل إلينا بواسطة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) عبر الوحي ، و كذلك أقوال النبي (صلى الله عليه وآله ) و الأئمة الأطهار التي تصل إلينا بواسطة الرواة .