بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا
محمد وآله الطيبين الطاهرين .
هل يكون الطفل نبياً ! حدثَ ذلك عندما جاءت مريم ( عليها السلام ) تحمل طفلها ، فثارت في وجهها نساء بني إسرائيل ورجالهم ، واتهموها ووبخوها : فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً . قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً . فأنطقه الله تعالى بلسان فصيح وقول بليغ ، فبُهِتَ المفترون وأسقط في أيديهم !
وبعد عيسى ( عليه السلام ) بمدة وجيزة ، صار طفلٌ آخر نبياً ، هويحيى بن زكريا ( عليه السلام ) !
وقبل عيسى ويحيى ( عليهما السلام ) جعل الله سليمان نبياً ورسولاً ، وحاكماً بعد أبيه داود ( عليهما السلام ) وهو ابن عشر سنين ! فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاً آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا .
ثم حدث ذلك في عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) فكان محمدُ الجواد بن الإمام الرضا ( عليهما السلام ) طفلاً وظهرت منه علائم الإمامة ، فآمن به المأمون وتحدى بشخصيته وعلمه العباسيين وفقهاء الخلافة ! قال لهم المأمون : « ويحكم إن أهل هذا البيت خِلْوٌ من هذا الخلق ! أوَمَا علمتم أن رسول الله بايع الحسن والحسين وهما صبيَّان غير بالغين ، ولم يبايع طفلاً غيرهما ! أَوَمَا علمتم أن علياً آمن بالنبي وهو ابن عشر سنين ، فقبل الله ورسوله منه إيمانه ، ولم يقبل من طفل غيره ، ولادعا النبي طفلاً
غيره إلى الإيمان ! أوَمَا علمتم أنها ذرية بعضها من بعض ، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم » ! « الإختصاص / 98 » .
فكان الإمام الجواد أول إمام من أهل البيت يتحمل أعباء الإمامة في السابعة ، أما علي والحسنان ( عليهم السلام ) فكانوا أئمة وهم صغار ، لكنهم كانوا في ظل النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
وبعد الإمام الجواد تحمل الإمامة ابنه علي الهادي ( عليه السلام ) وكان عمره نحوسبع سنين أيضاً ، فكان الإمام الثاني صغير السن .
أما الثالث فهوالإمام المهدي الموعود ( عليه السلام ) الذي توفي أبوه وعمره خمس سنين ، فكان أصغر الأئمة سناً ، ولكنه سيكون أكبرهم أثراً في الحياة ، كما أخبر جده المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً !
وهذا الكتاب في سيرة الإمام علي الهادي ( عليه السلام ) ، الطفل المعجزة ، والإمام الرباني ، وسترى فيه تصديق قوله تعالى : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ .
كتبه بقم المشرفة جمادى الأولى 1434
علي الكَوْراني العاملي عامله الله بلطفه