من المسؤول؟
يا إلهي ساعدني
استوقفتني هذه العبارة بعد أن كنت مسرعة للّحاق بالحافلة فالتفتُ من حولي لأرى طفلاً صغيراً لم
يتجاوز الثامنة من عمره جالساً على رصيف الشارع وأمامه عدد من قطع الحلوى، وكان الغبار
يطغى على براءة الطفولة، لترسم آثار الشمس على وجهه ملامح الكبار، اقتربت منه دون إرادتي
وقلت: ما بك يا صغيري؟
نزلت دموعه، وقال: أريد اللحاق بالمدرسة.
تعجبتُ وقلتُ: وما يمنعك من الذهاب؟
فقال: لا أستطيع الذهاب إلا بعد أن أبيع كلّ هذه الحلوى، تأثرت بكلامه وقلتُ له وأنا أحاول أن
أخفي حزني بابتسامة كاذبة: حسناً يا عزيزي وما هو حلمك في المستقبل؟ قال لي وعيناه تتطلع إلى
غدٍ أفضل: أريد أن أصبح ضابطاً في الجيش لأتمكن من إمساك كلّ المجرمين، فقلت له: هذا حلم
غريب بالنسبة لطفل في عمرك، نظرت إليه وعرفت ما يقصد من عينيه قبل أن يتكلم، فقد استشهد
والده في إحدى الانفجارات، ووالدته تعمل في تنظيف البيوت وله ثلاثة إخوة صغار هو أكبرهم،
وبهذا أصبح رجل البيت ولابدّ له من توفير لقمة العيش لأسرته، في تلك اللحظة لا أعلم ما الذي
حدث لي فقد كنت اخجل من النظر إليه، وهذا الطفل هو جيل المستقبل الذي ننتظره!!
أخرجت منديلاً ومسحت دموعه وأعطيته بعض النقود وقلت له: الآن يمكنك اللحاق بالمدرسة، فرح
كثيراً وانطلق مسرعاً كطائر يحلّق في سماء الحرية؛ ليحقق حلمه، نظرت من حولي لأرى عشرات
الأطفال ما بين متسول وبائع وخلف كلّ واحد منهم قصة تهزّ مشاعر الإنسانية، حينها رفعت رأسي
إلى السماء وقلت: يا إلهي عن هذا كلّه مَن المسؤول؟
نور علي عمران
تم نشره في المجلة العدد 72
يا إلهي ساعدني
استوقفتني هذه العبارة بعد أن كنت مسرعة للّحاق بالحافلة فالتفتُ من حولي لأرى طفلاً صغيراً لم
يتجاوز الثامنة من عمره جالساً على رصيف الشارع وأمامه عدد من قطع الحلوى، وكان الغبار
يطغى على براءة الطفولة، لترسم آثار الشمس على وجهه ملامح الكبار، اقتربت منه دون إرادتي
وقلت: ما بك يا صغيري؟
نزلت دموعه، وقال: أريد اللحاق بالمدرسة.
تعجبتُ وقلتُ: وما يمنعك من الذهاب؟
فقال: لا أستطيع الذهاب إلا بعد أن أبيع كلّ هذه الحلوى، تأثرت بكلامه وقلتُ له وأنا أحاول أن
أخفي حزني بابتسامة كاذبة: حسناً يا عزيزي وما هو حلمك في المستقبل؟ قال لي وعيناه تتطلع إلى
غدٍ أفضل: أريد أن أصبح ضابطاً في الجيش لأتمكن من إمساك كلّ المجرمين، فقلت له: هذا حلم
غريب بالنسبة لطفل في عمرك، نظرت إليه وعرفت ما يقصد من عينيه قبل أن يتكلم، فقد استشهد
والده في إحدى الانفجارات، ووالدته تعمل في تنظيف البيوت وله ثلاثة إخوة صغار هو أكبرهم،
وبهذا أصبح رجل البيت ولابدّ له من توفير لقمة العيش لأسرته، في تلك اللحظة لا أعلم ما الذي
حدث لي فقد كنت اخجل من النظر إليه، وهذا الطفل هو جيل المستقبل الذي ننتظره!!
أخرجت منديلاً ومسحت دموعه وأعطيته بعض النقود وقلت له: الآن يمكنك اللحاق بالمدرسة، فرح
كثيراً وانطلق مسرعاً كطائر يحلّق في سماء الحرية؛ ليحقق حلمه، نظرت من حولي لأرى عشرات
الأطفال ما بين متسول وبائع وخلف كلّ واحد منهم قصة تهزّ مشاعر الإنسانية، حينها رفعت رأسي
إلى السماء وقلت: يا إلهي عن هذا كلّه مَن المسؤول؟
نور علي عمران
تم نشره في المجلة العدد 72
تعليق