بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
وبعد قال :
سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ }...[10] [سورة الحجرات] .
وذكر من نعيم أهل الجنة المعنوي:

قوله سحانه وتعالى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } [47] [سورة الحجر].
وجاء عن الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله )
أنه قال : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى ) (1)
و قال (صلى الله عليه وآله ) : و قد سئل أي الناس أحب إليكم قال أنفع الناس للناس قيل فأي الأعمال أفضل قال إدخالك السرور على المؤمن قيل و ما سرور المؤمن قال إشباع جوعته و تنفيس كربته و قضاء دينه و من مشى مع أخيه في حاجة كان كصيام شهر و اعتكافه و من مشى مع مظلوم يعينه ثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام و من كف غضبه ستر الله عورته و إن الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل (2)
وفي الجملة يجب أن تقوم الأخوة بين المؤمنين يجب أن تقوم وتستمر على الثوابت التي أسس عليها الشرع الحنيف حيث أراد أن يكون المجتمع الإسلامي، مجتمعا واحدا كالجسد الواحد، يتآلف ويتعاون ويترابط، يظهر فيه الإيثار والمحبة، وتسوده المودة والألفة والعفو عن الزلات والصفح عن الأخطاء والهفوات وحسن الظن، ويزول منه الحسد والقطيعة والشحناء والضغينة والاحتقار والسخرية والبغضاء والخديعة، وتختفي منه الأنانية وحب الذات.
هذه هي مقتضيات الأخوة ولوازمها، يجب أن نلتزم بها ظاهرا وباطنا قولاً وفعلاً وسلوكًا وتعاملاً.
فإن الذي ينغص ويفسد جو الإخوة أن يكون في القلوب غلٌ وحقدٌ وحسدٌ، فينكد على الإنسان عيشته في الدنيا ويخسر أخرته .
وهذه الأخلاق فقد تحلى بها بعض الشخاص غير المسلمين فقد
ذكر عن محرر الهند غاندي أنه ركض للحاق بالقطار، وقد بدأ القطار بالسير، وعند صعوده القطار سقطت إحدى فردتي حذائه، فما كان منه إلا أن خلع الفردة الثانية ورماها بجوار الاولى.
فتعجب اصدقاؤه: ما حملك على ما فعلت؟!.. لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟..
فقال: أحببت للفقير الذي يجد الحذاء أن يجد فردتين، فيستطيع الانتفاع بهما، وان بقيت هذه الفردة معي فلن تفيدني..
والحكمة من هذه القصة هي: لا انانية، ولا حب تملك، إذا فاتك شيء فقد يذهب إلى غيرك، ويحمل له السعادة، فلتفرح لفرحه..
ــــــــــــــــــــــ
(1)البحار ج 109 ص 173 .
(2)عوالي اللآلي ج 1 ص 125