
المفارقات التي لا يمكن نسيانها، تلك الجملة التي كانت تردّدها إحدى العجائز التي وُلِدَتْ في مطلع القرن العشرين، حيث كانت تظن أن الأرض كلها تنتهي عند أطراف القرية التي تسكن فيها، وليس هناك بشر ولا موجودات خارج تلك القرية، آنذاك لم تكن وسائل التواصل الحالية موجودة، فمن حق تلك العجوز أن لا تستوعب وجود بشر وحياة خارج حدود قريتها. أما اليوم فالكرة الأرضية والعالم كلّه أصبح قرية صغيرة، حيث يطلّع الجميع على الجميع، والثقافات تتداخل، والمحاضرات تُبّث وتصل بشكل مباشر إلى عموم العالم، عبر وسائل توصيل حديثة كالفضائيات وشبكة الإنترنيت وغيرها، وفي ظل هذا التطور الهائل في مجال التوصيل، لم يعد هناك أي عذر في إفهام البشرية كلها بتفاصيل وأهداف ومبادئ القضية الحسينية.
واجب نشر الفكر الحسيني، وشرح تفاصيل مجريات الطف، وما جرى في عاشوراء لآل بيت الرسول

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي

(من مسؤولية المؤمن بقضية الإمام الحسين


استثمار الإعلام الحديث لدعم الشعائر
إذاً وجوب استثمار السوشيال ميديا بأقصى ما يمكن للتعريف بالفكر الحسيني، يتطلب إقامة الندوات والمؤتمرات التي تتخذ من الفكر الحسيني مضمونا ومحورا لها، بالإضافة إلى إقامة مجالس العزاء الحسينية، في الحسينيات والبيوت، والسعي لتسجيلها وتصويرها وبثها عبر الفضائيات ووسائل التواصل الأخرى.
ومن الأهمية بمكان أن تكون هناك خطط متقنة تعنى بمتابعة توصيل الأهداف التي ثار من أجلها الحسين

يواصل سماحة المرجع الشيرازي


(الأمر الثاني: يتحدّدـ بعد إتقان مقدّمته في الأمر الأول ـ بالاقتداء في متابعة أهداف الإمام الحسين سلام الله عليه. فالتعريف بالحسين وقضيّته من خلال إقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية والعمل على تحقيق هدف الإمام المتمثّل بإنقاذ العباد من جهالة الكفر وضلالة الباطل إلى نور الحقّ والإسلام والإيمان، هما ضمن المسؤولية الملقاة علينا تجاه الإمام الحسين سلام الله عليه).
ولابد أن يكون الجميع على دراية ومعرفة، بأن الخدمات التي يقدمها الإنسان بما يصبّ في تعضيد الشعائر والتشجيع عليها، سوف تُقابل بثواب استثنائي، جزاءً لما قدموه لنصرة عاشوراء وثقافتها ومبادئها، وعلى العكس من ذلك سوف يجد كل من حاول أو سعى إلى إعاقة هذه الشعائر، وعطّل إحياءها وتعمّد في معاداتها، فإنه سوف يواجه عواقب استثنائية بسبب عدائه غير المبرر لعاشوراء.
لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي

لقد بات واضحا أننا أمام مسؤولية لا يجوز التنصّل منها، فكل من يقول في العلن، ويؤمن في داخله، بالقضية الحسينية، عليه أن يبادر من دون تردد إلى أداء مسؤوليته الحسينية، خصوصا أننا نعيش اليوم أجواء عاشوراء في شهريّ محرم وصفر، ما يعني أننا يجب أن نقدم أقصى ما لدينا في هذا المضمار، ليس على الصعيد المادي وحده (خدمة الزائرين، والتبرع بالأموال، وما شاب)، بل علينا السعي الحثيث والصادق لنشر وتطبيق مبادئ عاشوراء.
وسائل تحقيق نشر الفكر الحسيني
أما وسائلنا لتحقيق ذلك، فهي كثيرة ومتنوعة، ويمكن لكل منا أن يبادر في دعم الشعائر كل حسب قدراته المادية ومؤهلاته المعنوية والفكرية، وحتى الفنية منها عبر استخدام الأفلام التوثيقية القصيرة المركز التي تعرّف الآخرين في عموم العالم، بثورة الحسين


هناك وسائل نشر وتوصيل كثيرة، متنوعة، لابد من التعامل معها، وفق حالات استعداد مسبقة، وتخطيط متقن، صحيح أن الجهود المباركة كلها تؤتي أُكُلها في إطار القضية الحسينية، ولكن الأعمال والأنشطة التي تأتي بعد تخطيط وتدقيق ورسم مسبق لخطوات التنفيذ، سوف تكون نتائجها أكبر وأهم وأكثر تأثيرا في الآخرين، وهذه العملية يجب التركيز عليها من حيث التخطيط والتطبيق.
هناك من يؤكد أن الانتصار لقضية الإمام الحسين

يقول سماحة المرجع الشيرازي

(لنشمّر عن ساعد الجد وخصوصاً في شهري محرّم وصفر، ولنستثمر طاقاتنا في هذا السبيل من أجل أن تتحقّق المبادئ العليا المتمثّلة بسيرة أبي عبد الله الحسين وذلك من خلال المواكب والشعائر والمجالس والأفلام الرمزية المسجّلة والشبكات المعلوماتية والفضائيات والمنابر والندوات، وسائر الوسائل المتاحة).
إن مسؤوليتنا واضحة، ولا تحتاج إلى تنبيه وإعادة، ولكن التذكير يأتي من باب (ذكّر عسى أن تنفع الذكرى)، لاسيما أن هناك روايات وأحاديث شريفة، كثيرة لأئمة أهل البيت

وإذا عرفنا أن هناك كثيرين في عالم اليوم، تنقصهم معرفة تفاصيل القضية الحسينية، ومنهم من لم يسمع بها سابقا، فإننا سوف نفهم حجم مسؤوليتنا كمؤمنين ومناصرين للإمام الحسين


سماحة المرجع الشيرازي

(هذه الأمور جميعها تشكّل جزءاً من مسؤوليتنا الوارد ذكرها في قول الإمام الصادق حين يخاطب جدّه الحسين سلام الله عليهما: «وضمّن الأرض ومَن عليها دمك وثارك». فما أكثر الناس الذين لا يعرفون الإمام الحسين وقضيته وأهداف نهضته، وما أثقل مسؤوليتنا تجاههم؟).
والآن أصبحنا على علم بكيفية توصيل القضية الحسينية إلى العالم، وعرفنا حجم هذا الدور، كما أننا بتنا على بينة من الخطوات الواجب اتخاذها لنشر القضية الحسينية في عموم العالم، ولم يبق سوى مواصلة دعم الشعائر بكل السبل والإمكانات، فحين يصبح العالم كله على بينة من قضية الحسين

من شبكة النبا المعلوماتية