
العزة ورفض الذّل هي من أهم الدروس الأخلاقية التي ميّزت نهضة كربلاء، ومن أوّليات ثقافة عاشوراء. قال الحسين (


القتل أولى من ركوب العار
والعار أولى من دخول النار
لقد كانت نهضة كربلاء درسا عمليا من دروس العزة والكرامة ورفض الذل، واستلهم الثوار منها روح المقاومة والتحرّر.
أما الصبر فيعني الثبات والصمود والمقاومة، ومجابهة العوامل التي تعيق الإنسان عن بذل مساعيه في سبيل هدفه، إضافة الى تحمّل المصاعب والشدائد في سبيل أداء الواجب وإحراز النصر.
وقد رسمت واقعة كربلاء أجمل صور الصمود والثبات في سبيل العقيدة وتحمّل الصعاب، حتى أضحت سببا لمجد وخلود تلك الملحمة، وكما قال أمير المؤمنين (



وفي ملحمة كربلاء كان الصبر مشهودا في القول والعمل لدى سيد الشهداء (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الصابرين الأوفياء، فلما أراد الخروج من مكة إلى العراق ألقى خطبة قال فيها: «رضى اللّه رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين»([7]).
وخاطب أصحابه في أحد المنازل على طريق العراق ليلفت أنظارهم الى خطورة الموقف وصعوبة ما هم مقبلين عليه فقال: «أيها الناس، من كان منكم يصبر على حدّ السّيف وطعن الأسنّة فليقم معنا، وإلاّ فلينصرف عنّا»([8])، ولكن أصحابه لم يبدر منهم إلاّ ما أحبّ هو من الصبر عند لقاء الأقران، وتحمّلوا شدّة العطش، وضراوة هجوم العدو، نتيجة الصبر والثبات على الشهادة على الرغم من قلّة الناصر، بل كانوا في غاية الفرح والسرور، حتى ان بعضهم كان يمازح في تلك الساعة، كما سيأتي. وكان الحسين (

وعلّم درس الصبر للنساء لعلمه باتصافهن بالرّقة وسرعة الجزع عند المصيبة، فقد جمع أخته زينب (

وكانت كل لحظة من وقائع الحادثة تعبيرا عن المقاومة والثبات، وحتّى الكلمات الأخيرة التي تلفّظ بها سيد الشهداء حين سقط على الأرض إنّما تعكس هذه الروح من الصبر والصمود، إذ قال مخاطبا ربّه: «صبرا على قضائك، ولا معبود سواك، يا غياث المستغيثين»([11]).
المصدر: أبعاد النهضة الحسينية - بتصرف، عباس الذهبي
([1]) مناقب آل أبي طالب ابن شهر آشوب 4: 224.
([2]) الإرشاد 2: 98.
([3]) اللهوف: 59.
([4]) اللهوف: 70.
([5]) عيون الحكم والمواعظ / علي بن محمد الليثي الواسطي: 33، دار الحديث ط1 ـ 1376 ش.
([6]) مستطرفات السرائر / ابن ادريس الحلي: 550، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 2 ـ 1411هـ، من لايحضره الفقيه / الشيخ الصدوق 4: 416، جامعة المدرسين، قم ط2 ـ 1404 هـ.
([7]) مثير الأحزان: 29، واللهوف: 38.
([8]) ينابيع المودّة، القندوزي 3: 163 / الباب الحادي والستون.
([9]) اللهوف: 68.
([10]) اللهوف: 50.
([11]) ينابيع المودّة / القندوزي 2: / 174 الباب الحادي والستون.