ان منزلة السلام من المنازل الجلية التي اختصها الله عز وجل لاسم من أسماءه الحسنى، قال تعالى(هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلم))، والسلام اسم من أسماء الجنة، فسميت دار السلام، قال تعالى: ((والله يدعوا الى دار السلم)).
والسلام، السلامة من الآفات ومنه قوله في الدعاء: «لبيك داعيا الى دار السلام» لان السلامة مقرونة بسكانها من كل أفه وهي دار السلام واتصاف القول بالسلام في قوله تعالى: ((واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما))فالقول السالم الذي يقولونه عند مخاطبة الجاهل هو ماليس فيه تعد ولا تاثم.
والسلام نوع من التحية كقوله تعالى: ((تحيتهم يوم يلقونه سلاما))، كما انه نوع من التواصل تتجلى فيه حالة من الفهم المتبادل بين شخصين يكون أحدهما مرسل لوقت ما ويكون الأخر مستقبلا التحية في وقت آخر، يتبادل كلا الطرفين المواقع من حيث الإرسال والاستقبال، فتاره يكون الارسال « السلام عليكم « ويكون الاستقبال باحسن منها « السلام عليكم ورحمة الله وبركاته « كقوله تعالى: ((واذ حييتم بتحية فحيوا باحسن منها)). والسلام بين الناس يعني الأمان
والمحبة والصفاء والتآلف والمسالمة كقوله تعالى: ((فسلام لك من أصحاب اليمين)) والسلام التواصلي يعني عملية تبادل للأفكار والآراء والمشاعر والمعلومات والقناعات عبر وسائل متنوعة لفظية وغير لفظية.
ان الفرق بين السلام والتحية هو أنّ كل سلام تحية وليس كل تحية سلاما، والقرآن الكريم يؤكد على السلام وليس على التحية وذلك لأنّ السلام تحية أهل الجنة بعضهم لبعض كقوله تعالى: ((إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خلدين)).
عند مخاطبة القران الكريم الائمة المعصومين بسلام عليكم فهو خطاب موجه من السلام لأوليائه المخلصين ويدل على المنزلة الجليلة والقدر العالي المقام فيه من السلامة العليا، حيث التسليم الكلي منه تعالى اليهم في الدنيا والآخرة، فسلم اليهم أمر جميع العوالم وفوضّ إليهم أمر دينه بعدما أدبهم بأحسن تأديب الرب لمربوبيه وسلمهم من كل آفه فيما أنعم عليهم من العلوم والأسم الأكبر.
ومن هذا المنطلق يتضح لنا أن السلام على الإمام المعصوم يختلف عن السلام على الإنسان العادي، فما معنى السلام على النبي والإمام المعصوم؟ فعن داود بن كثير الرقي قال : قلت لأبي عبد الله : ما معنى السلام على رسول الله ؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور ، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لاشية فيها ، قال : لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك، وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله ، لعله أن يعجله عز وجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه .
الكافي – ج 1 – ص 451
وأخيراً أن للسلام أهمية قصوى وفائدة كبرى نجملها فيما يأتي:
* السلام يجلب السكينة والطمأنينة والأمن والأمان والصفاء والراحة النفسية والروحانية، قال تعالى: والله يدعو الى دار السلم.
*السلام يشرح الصدر ويزيل الهم والغم قال تعالى: {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}.
*السلام ينشر المحبة بين الناس قال تعالى: {يحبهم ويحبونه}، وقال الرسول الكريم: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو تلقى اخاك بوجه طلق).
*السلام يضبط التوازن الجسدي ويعمل على الاستقرار الانفعالي لقوله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}.
* السلام يؤثر على مزاج الانسان ويحوّله من حالة سلبية الى حالة إيجابية فعّالة لقول الإمام عليّ: من لانت كلمته وجبت محبته.
* السلام عطر اللقاء والالتقاء قال تعالى: {وتحيتهم يوم يلقونه سلام}…
نشرت في مجلة الولاية العدد -117