بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثبت عند علماء أهل السنة أنّ النبيّ عيسى (عليه السلام) لا يزال حيّاً إلى الآن بينما ينكر بعضهم طول عمر حجة الزمان وخاتم الاوصياء الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
وفي الواقع يعدّ طول عمر الإمام المهديّ (عليه السلام) من الأمور التي يشنّع بها المخالفون لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ويرون أنّه مما يؤيّد بطلان فكرة الاعتقاد بالإمامة والمهدويّة، ومع أنّ الأعمار بيد الله يهبُها لمن يشاء، وقد سلف طول العمر في البشر، والوقوع خيرُ دليلٍ على الإمكان، ومع ذلك يصرّون ويكابرون ويقولون إنّ ذلك من المحالات وإنْ آمنوا به في مواضع أخرى، وهل هذا إلا من التناقض والتهافت وعدم الإنصاف!
قال الحافظ الذهبيّ في وصف معتقد الشيعة الإمامية في الإمام ابن الحسن العسكريّ (عليهما السلام): (ومحمد هذا هو الذي يزعمون أنه الخلف الحجة، وأنه صاحب الزمان، وأنه صاحب السرداب بسامراء، وأنه حي لا يموت حتى يخرج، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلِئَتْ ظلماً وجوراً. فوددنا ذلك -والله- وهم في انتظاره من أربع مائة وسبعين سنة، ومن أحالك على غائب لم ينصفك، فكيف بمن أحال على مستحيل؟! والإنصاف عزيز - فنعوذ بالله من الجهل والهوى -)، انظر: سير أعلام النبلاء، ج13، ص120.
في حين أنّنا نرى علماء أهل السنة -ومنهم الحافظ الذهبيّ- يعتقدون بحياة عيسى (عليه السلام) المولود قبل الإمام المهديّ (عليه السلام) بمئات السنين، ومنهم:
1. ابن جرير الطبريّ (ت: 310هـ).
قال في تفسيره: (وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إلي؛ لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال» ثم يمكث في الأرض - مدة ذكرها اختلف الرواة في مبلغها -، ثم يموت، فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه).
المصدر: تفسير الطبريّ، ج5، ص451، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركيّ، الناشر: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع.
2. القاضي عياض (ت: 544هـ).
قال في شرحه على صحيح مسلم: (ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة؛ لصحيح الآثار الواردة فى ذلك؛ ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه، خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية، ومن رأى رأيهم من إنكار ذلك).
المصدر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، ج8، ص492، تحقيق: د. يحيى إسماعيل، الناشر: دار الوفاء- دار الندوة العالميّة.
3. ابن تيميّة (ت: 728هـ).
قال: (عيسى عليه السلام حي وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية"، وثبت في الصحيح عنه أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وأنه يقتل الدجال. ومَنْ فارقت روحُه جسدَه لم ينزل جسده من السماء وإذا أُحيي فإنه يقوم من قبره. وأما قوله تعالى: (إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا) فهذا دليلٌ على أنه لم يعنِ بذلك الموت؛ إذ لو أراد بذلك الموت لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين؛ فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فعلم أن ليس في ذلك خاصية. وكذلك قوله: (ومطهرك من الذين كفروا) ولو كان قد فارقت روحه جسده لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء أو غيره من الأنبياء).
المصدر: مجموع الفتاوى، ج4، ص322-323.
4. الحافظ الذهبيّ (ت: 748هـ).
قال في تِعداد صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: (عيسى بن مريم عليه السلام: صحابيٌّ ونبيٌّ؛ فإنّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء وسلّم عليه، فهو آخرُ الصّحابةِ موتاً).
المصدر: تجريد أسماء الصحابة، ج1، ص432، رقم الترجمة 4673، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت.
5. الحافظ ابن كثير الدمشقيّ (ت: 774هـ).
قال: (وهذا هو المقصود من السياق الإخبار بحياته الآن في السماء، وليس الأمر كما يزعمه أهل الكتاب الجهلة أنهم صلبوه بل رفعه الله إليه، ثم ينزل من السماء قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة كما سبق في أحاديث الدجال، وكما سيأتي أيضا، وبالله المستعان).
المصدر: البداية والنهاية، ج19، ص218، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركيّ، الناشر: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع.
وللَّجنة الدّائمة للبحوث العلميّة والإفتاء في المملكة العربية السعودية والتي تمثّل زعامة الحركة الوهّابية كلماتٌ متعددة في أكثر من استفتاء تؤكّد ما قاله هؤلاء العلماء، وسيأتي ذكر أقوالهم ضمن الوثائق المصورة الآتية.