هي غدّة تنمو في بداية الولادة وتضمر بعد سنتين ممّا حمل كبار العلماء على أن يقولوا: هذه الغدّة لا وظيفة لها ولا شأن لها في حياة الإنسان إطلاقاً ثمّ أُكتشف فجأة أنّ هذه الغدّة من أخطر الغدد في حياة الإنسان.
يعدّ جهاز المناعة المكتسب من أخطر الأجهزة في الجسم البشري وهو جيش دفاعيّ عالي المستوى والجاهزيّة فيه فُرق الاستطلاع وفرق تصنيع السلاح وفرق الخدمات وفرقة المغاوير والحديث هنا عن فرق القتال.
يرسل فريق من كريّات الدم البيضاء التي صُنعت وتشكّلت في نقيِّ العظام والتي فُرزت لمهامَّ قتاليّة تُرسلُ هذه الكريّات إلى مدرسة حربيّة اسمها الغدّة الصعتريّة (التيموس) في دورة تثقيفيّة تدريبيّة وبعد اجتياز الامتحان تتخرَّج بلقب (الخليّة التائية المثقفة)
وفي هذه المدرسة الحربيّة تدرس هذه الكريّات البيضاء التي فُرزتْ للقتال مادتين أساسيّتين: التعريف بالذات والصديق، والتعريف بالعدوِّ الممرض.
ففي المقرّر الأوّل: يُعرض على هذه الخلايا مئات الألوف من البروتينات التي تدخل في بناء الجسم البشري ثمّ ترمز هذه العناصر الصديقة وتدرّب هذه الخلايا على ألّا تهاجمها لأنّها إذا هاجمتها فمعنى ذلك أنّ الجسم يدمّر نفسه ويتلف بعضه.
وفي المقرر الثاني : يُعرض على هذه الخلايا ماعرَفه النوع البشري عبر الأجيال على أنّه عنصر ممرض من خلال مناعات الأم التي تصل إلى المولود من خلال الحليب ومن خلال التجربة الحيّة حيث إنّ الطفل في السنوات الأولى يميل بفطرته إلى التقاط الأشياء ووضعها في فمه لتعرف خلاياه المقاتلة العناصر المعادية التي عليها أن تهاجمها أو تذيع نبأ وجودها أو تساهم في إلقاء القبض عليها. وتبدو الغدّة الصعتريّة على شكل مدرجات رومانيّة تتصطفُّ الكريّات البيض عليها لتتلقَّى هذه المحاضرات القيّمة. وتمرّ هذه الكريّات فرادى في بوّابات امتحانيّة وتُمتحن واحدة واحدة في المقرّرين السابقين.
امتحان المادّة الأولى: يعرض على الكريّة البيضاء الممتحنة عنصر صديق فإن هاجمته أخفقت في الامتحان ومُنِعَتْ من مغادرة الغدة الصعتريّة وقُتِلَت لأنّها إذا خرجت إلى الدم هاجمت الجسم الذي شَكَّلَها.
امتحان المادة الثانية: يُعرض على الكرية البيضاء الممتحنة عنصر عدوّ ممرض فإذا أخفقت في تمييزه والرد عليه رسيت في الامتحان ومنعت من المغادرة وقتلت لأنّها إن خرجت إلى الدم غفلت عن العدو ومكَّنته من مهاجمة الجسم. ويستمر عمل هذه الكليّة الحربيّة (الغدة الصعتريّة) من بدء الولادة وحتى السنة الثالثة وبعدها تقوم بتوريث علم مراقبة وضبط عمل الكريّات البيضاء إلى الكريّات البيضاء الناجحة في الإمتحان والتي تسمّى بعد التخرج الخلايا التائية المثقفة لتقوم بدورها في نقل هذا العلم إلى أجيال الكريّات البيض اللاحقة. وفي السبعينات من العمر يضعف تثقيف الكريّات البيض المقاتلة فتبدأ بمهاجمة العناصر الصديقة وبعض أجهزة الجسم وأعضائه لذا نرى في هذا العمر أمراضاً شائعة كالتهاب المفاصل الرئوي، وبعض الإعتلالات الكلويّة... وأمراض أخرى ما كان سببها إلّا ضعف ثقافة الجهاز المناعي الذي ينتج عنه زوال الضبط في عمل الخلايا المقاتلة وهو(خرف الجهاز المناعي) فتهاجم الخلايا المناعيّة المقاتلة الجسم الذي شكّلها وثقَّفها للدفاع عنه وتكونُ حالة الجسم ما يشبه *الحرب الأهليّة* هذه الغدّة التي لايلتفت الناس إليها ويُظَنُّ أنّه لا فائدة منها. هي في الحقيقة من أخطر الغدد في جسم الإنسان إنّها شبيهة بالمدرسة الحربيّة أو الكُلِّيةِ العسكريّة من أجل تدريب العناصر المقاتلة على معرفة الصديق والعدو. وكلّما تقدّم العلم اكتشف هذه الآيات الدّالة على عظمة الله سبحانه.
-------------------------------------
من آيات الله في الإنسان