بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و في تلك الأيام التي كانت معلومات علماء البشر محدودة و كانوا لا يعرفون الكثير من الحقائق المكتشفة اليوم لعدم حصولهم على الوسائل و الآلات العليمة ... و في تلك الأيام بالذات ظهر القرآن الكريم ببشارة سعيدة للبشرية ، و بعث في نفوس البشر الأمل الوطيد في وصولهم إلى حقائق خفية و أسرار مكنونة فقال : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ... ﴾ 1
فتنطلق هذه البشارة باعثة الأمل في نفوس الباحثين ليعلموا أن المستقبل سيظهر لهم الكثير من آيات الله في الآفاق الكونية ، و في بناء البشر أنفسهم ... ليصلوا إلى النتيجة المطلوبة و هي أن الله هو الحق و الموجود .
... و كأن الله تعالى يقول للبشر في عصر النبي ( صلى الله عليه و آله ) : بالرغم من أنني أظهرت كثيرا من الآيات و الحقائق للبشر ، و لكن الحقائق التي يمكن اكتشافها لهم هي أكثر بكثير من الحقائق المكتشفة لحد الآن . و في المستقبل القريب ، سأظهر لهم من الآيات الجديدة و الحقائق الكثيرة ما يكفل لهم إتضاح الحق و القدرة الإلهية أكثر .
و كأن الأئمة عليهم السلام كانوا يتنبأون بالتقدم العلمي للبشر ، و التعمق الذي سيبذلونه في بحوثهم في العصور التالية ، و لذلك فكانوا يذكرون ذلك في الأوقات المناسبة ...
« سئل علي بن الحسين ( عليه السلام ) عن التوحيد ، فقال : الله عز و جل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون ، فأنزل الله : ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ 2 و الآيات من « سورة الحديد » ... » 3 .
إن مما لا شك فيه هو أن البشر اليوم قد اكتشفوا ـ بفضل التقدم العلمي ـ كثيراً من الحقائق و الأسرار في الآفاق الكونية و النفس الإنسانية مما لم يكن يحدس به أصحاب القرون السابقة ، فمثلاً كان السابقون يستفيدون من قوله تعالى : « ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى » بمقدار ما كان يعرف البشر من أسرار العالم حينذاك ، فكانوا يعرفون مثلاً أن النحلة تملك الأدوات اللازمة لها في صنع غذائها و كذلك تعرف بفضل الهداية الفطرية كيفية استخدامها . أو أن الحمامة تعرف ـ بالهداية الفطرية ـ كيف و أن تضع عشها ، وكيف تحافظ على فروخها .
أما العلماء اليوم فإنهم عبروا المراحل التي تدرك بالعين المجردة . و شاهدوا الموجودات الحية التي ليست قابلة للرؤية ، بواسطة العين المسلحة ( بسلاح المجهر ) ، و تمكنوا أن يراقبوا نشاط الخلية التي تعتبر الوحدة الأولى لجميع الأحياء في العالم . إن ما لا شك فيه هو أن هذه الاكتشافات العلمية قد كشفت الستار عن كثير من آيات الله الخفية و أرتنا قدرة الله العظيم في الهداية الفطرية التي أودعها في هذه الموجودات لمزاولة نشاطها بصورة أوسع مما مضى .
المصادر
1. القران الكريم : سورة فصلت ( 41 ) ، الآية : 53 ، الصفحة : 482 .
2. القران الكريم : سورة الإخلاص ( 112 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 604 .
3. تفسير البرهان : 1228 .