مِن صُورِ الإخلاصِ والوفاءِ والسالميّةِ عند مولاتِنا أُمِّ البنين لإمامِ زمانِها:
أنّها لمّا دَخلَ بشْرُ بنُ حذلم إلى المَدينة ناعياً سيّدَ الشهداء.. خرجتْ تسألُ عن الحسين مَذهولةً عن أبنائها الأربعة..
فلمّا سأل عنها بِشْر قِيل له: هذهِ أمُّ البنين، فقال لها:
عظّمَ اللهُ لكِ الأجر بولدِك جعفر..
ثُمّ بعثمان.. ثُمّ بعبدالله..
وهي تقول لهُ في كُلِّ مرّة يذكرُ فيها واحداً منهم: أخبرني عن حبيبي الحسين
فتعجّبَ بشْرٌ منها.. فهو الّذي دخل المدينةَ ينعى الحُسين -كما أمَرَهُ إمامُنا زينُ العابدين-
ولكنَّ أمَّ البنين كانت في حالةِ دهشةٍ وذهولٍ مِن وقع هذا الخبر.. فكانت تسألهُ عن الحسين..!
إلى أن قال لها بِشْر:
عظّمَ اللهُ لكِ الأجرَ بأبي الفضل العبّاس!
فوضعت يدها على خاصِرتِها وسَقَطَ الطِفلُ الذي كانت تَحمِلُهُ مِن على عاتقِها وقالت:
واللهِ لقد قطّعتَ نياط قلبي، أخبرني عن الحسين
فهنا قال لها بِشر: عظّم اللهُ لكِ الأجر بأبي عبدالله الحسين
فرجعت مُولولة صارخة مفجوعة، تندب الحُسين "صلواتُ الله عليه"💔
✱ومضةُ تفكُّر:
بِشرُ بن حذلم لم يكن في مَرتبةٍ إيمانيّة عالية.. لذلك أخذ يُخبرُ أمَّ البنين بأبناءها واحداً تِلو الآخر
أمّا أُمُّ البنين فكان كُلُّ وُجودِها وكُلُّ عقلِها وفِكرِها وقلبِها ومشاعرِها مُتوجّهةً نحو الحسين
نحو إمام زمانها..
إنّها تُرخِصُ كُلَّ ما في الوجودِ لأجلِ إمام زمانها "الحسين"
فقد تعلّقتْ أمُّ البنينِ بسيّدِ الشُهداء تعلّقاً وارتباطاً لا نجدُ عباراتٍ يُمكنُ أن نَصِفَ بها طبيعةَ هذا التعلّق!
وهذا درسٌ لنا مِن مولاتِنا أُمّ البنين نتعلّمُ مِنها كيف نرتبطُ أشدَّ الارتباطِ بإمام زمانِنا وكيف نكونُ أوفياءَ ومُخلصين لإمامِ زماننا، ونبذلُ كُلَّ شيءٍ في سبيلِ إمامِ زمانِنا..
فأمُّ البنين هي أُسوتُنا وقُدوتُنا ودليلُنا في طريقِ معرفةِ إمامِ زمانِنا وفي ساحةِ خدمتِهِ ونُصرتِهِ
لاحظوا تمامَ سالميّةِ أُمِّ البنين لإمامِ زمانها
فهي لا تلتفتُ لأيِّ أحدٍ غير الحسين مهما علت منزلتُهُ.. حتّى العبّاس..!
وأمُّ البنين تعرفُ مقامَ أبي الفضلِ العبّاس وعلوّ شأنّه،
فهذا المقامُ الرفيعُ لقمر بني هاشم ما هو إلّا سِرٌّ مِن أسرار أُمّ البنين
فأمُّ البنين صلواتُ اللهِ عليها فنتْ في الفِناء الفاطمي، وانقطعتْ إلى الزهراء.. فصارتْ رَحمتُها فاطميّةً، وصارَ حَنانُها حَناناً فاطميّاً..
وهذا المعنى عُصارتُهُ وخُلاصَتُهُ ظهرتْ في "قمر بني هاشم"
فإخلاصُ أُمّ البنين وخُلوصُها وانقطاعُها للصدّيقةِ الكبرى ظَهَر في هذا الكائن النُوري الأقدس الذي اسمه: "أبو الفضل العبّاس"
فأُمُّ البنين تعرفُ مقامَ أبي الفضل العبّاس وعلوّ شأنه.. ولكن رُغمَ ذلك هي لم تلتفت إلى العبّاس حين عادتْ قافلةُ الحسين، ولم تجد للعبّاسِ قيمةً بالقياسِ إلى إمامِ زمانها..
ولِذا لم تسأل بِشر عن حاله..
لأنَّ فِكرَها وبوصلةَ قلبِها وكُلُّ كيانها مُتوجّهٌ نحو الحسين (نحو إمامِ زمانِها) فقط..
أُمُّ البنين قدّمت العبّاس قُرباناً وفداءً في فناءِ إمامِ زمانها
مِن هنا نتعلّمُ مِن أُمِّ البنين دروسَ الوفاء ودروس الإخلاص والخلوص، ودروس السالميّةِ والانقطاعِ التام لإمام زمانِنا
'
• سيّدي يا بقيّة الله الأعظم:
نُقسِم عليكَ بأحزانِ أمّ البنين وآلام أمّ البنين ومدامعِ أمّ البنين وبوفاء أمّ البنين وإخلاصِ أم البنين وبروحانية أمّ البنين وانقطاعها إلى الزهراءِ وآلها الأطهار..
أن ترزقنا مَعرفتك، وأن تأخذ بأيدينا وتُوفّقنا لِخدمتكَ المُقدّسة على النحو الذي تُريد..
وتَجعلها بمنّكَ وإحسانكَ وتفضّلكَ خِدمةً زاكيةً خالصةً لوجهكَ الكريم
منقول