إذا أردت أن يكون كلامك مؤثّراً فانظر إن كنت قد عملت به فبها، وإن لم تكن قد عملت به بعدُ فحاول أن تعمل به قبل أن تتفوّه به، وكرّر المحاولات ولا تيأس، لأنّ الأمر ممكن وإن كان لا يخلو من صعوبة. ولو راجع كلّ منّا نفسه بعد كلّ قول يقوله ونظَر إن كان قد عمل به أم لا، لتعجّب من كثرة ما يصدر عنه من أقوال مغايرة لأفعاله! وسيشعر حينها بمسؤولية الكلمة ومدى خطورتها، محاولاً لأن يقترن كلامه مع عمله.
فالآية الكريمة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾ تحرّضنا على أن نعمل بما نقول، دون أن تنهانا عن القول وإن كنّا لم نعمل به بعدُ؛ وذلك أنّ القول الحقّ بحدّ ذاته واجب سواء في الواجبات أو المحرّمات، وهو ما يعبّر عنه الشرع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإنْ أمَر المكلّف بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يكن ممتثلاً بنفسه، خاطبتْه الآية محرّضة إيّاه على العمل بما يقول، مضافاً إلى أنّ قوله قد يكون قليل التأثير ما لم يكن مقترناً بالعمل.
من كتاب: العلم النافع سبيل النجاة