الابراج والتنجيم عند الإمام علي عليه السلام ..

[الجياشي]

• • بسم الله الرحمن الرحيم
  • والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
  • الابراج والتنجيم عند الإمام علي عليه السلام ..
    استعد أمير المؤمنين عليه السلام مع جيشه ليردع الخوارج عمّا يقومون به من تجاوزات دينية وأخلاقية.
    وبينما يريد المسير انبرى اليه احدهم وقال له:
    يا أمير المؤمنين؛ إن سرت في هذا الوقت خشيت ألا تظفر بمرادك، من طريق علم النجوم.
    فقال عليه السلام: أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ، وَتُخَوِّفُ مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ.
    فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ، وَاسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي نَيْلِ الْمَحْبُوبِ وَدَفْعِ الْمَكْرُوهِ.
    وَتَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ، لِأَنَّكَ بِزَعْمِكَ: أَنْتَ هَدَيْتَهُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي نَالَ فِيهَا النَّفْعَ وَأَمِنَ الضُّرَّ .
    ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال:
    أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَتَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا يُهْتَدَى بِهِ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ (معرفة الطريق).
    فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ، وَالْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ، وَالْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ، وَالسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ فِي النَّارِ، سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ.
    يحتوي علم الفلك على أمور هامة ومنها الابراج ولا يمكن إنكارها لأنها تُبنى على جملة من الأصول العلمية والحسابات الفلكية.
    ويستفاد منها في معرفة الاوقات للشروق والغروب مثلاً، والخسوف والكسوف، ووو..
    أما أبراج الحظ والتنجيم التي تنشرها بعض الصحف والمجلات والاذاعات، والتي تروي البشائر تارةً والأحزان أخرى، فلا قيمة لها ولا يمكن الوثوق بها, بل لا أصل علمي لها ولا تذكر إلا لغرض التسلية..
    أقول: إن مفاتيح السعادة والرزق والصحة والنجاح، ودفع السوء والشقاء والامراض، كل ذلك ليس بمقدور الأفلاك والنجوم والأبراج، وإنما بيد خالقها ومدبرها، ونحن أقرب اليه من أي مخلوق آخر.. {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
    فالإنسان الذي حمل أمانة السماء، وهو محور الأشياء يستطيع من خلال علاقته بالخالق العظيم أن يدعوه ويطلب منه، سيما إن جعل بين طلبه وبين خالقه الشفعاء الذين هدانا الله لجعلهم الوسيلة..
    {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ…}
    
    نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج 1 ص 128

الخطحجم