السؤال: جاء في رواية نقلها العلامة المجلسي أنّه ظهرت في أيام الخليفة المتوكّل العباسي امرأة شابّة ادّعت بأنّها زينب، ابنة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فوصل خبرها إلى الخليفة المتوكّل، فأمر بإحضارها إليه، فاُحضرت، فقال لها: أنت امرأة شابّة وقد مضى على زينب حتى الآن سنين عديدة، ما يقارب المائة و التسعين سنة. قالت له: إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ مسح على رأسي وسأل الله أن يردّ عليّ شبابي كلّما بلغ عمري أربعين سنة. فبقي المتوكّل متحيّراً لا يعرف ماذا يقول لها، فقال له وزيره: يا مولاي، أحضر مشايخ آل ابن أبي طالب وولد العباس بن عبد المطلب وقريش وأخبرهم بموضوعها؛ لعلّنا نجد الحلّ لديهم. ففعل المتوكّل ما أشار عليه وزيره، فحضروا جميعاً وقالوا لها: أيّتها المرأة، إنّ زينب ابنة علي ـ عليهما السلام ـ ماتت في سنة أربعة وستين من الهجرة. قالت المرأة: هذا كذب، فإنّ أمري كان مخفيّاً عن الجميع فلم يعرف أحد بحياتي و بموتي. فسكت الجميع، فقال لهم المتوكّل: إنّ هذه المرأة صادقة، أحضروا لي الدليل على كذبها. فقال له شيخٌ من مشايخ آل أبي طالب: يا مولاي، أحضر لها الإمام الهادي ـ عليه السلام ـ فهو لديه الدليل على كذب هذه المرأة. فبعث إليه فحضر الإمام عليه السلام، فأخبره المتوكّل بخبر المرأة وما تدّعيه، فقال له الإمام عليه السلام: كذبت هذه المرأة؛ فإنّ زينب ابنة علي عليهما السلام ماتت سنة أربعة وستين من الهجرة. فقال له المتوكّل: إنّ هؤلاء الناس قالوا مثل قولك وكذّبتهم، ولكنّنا نحتاج إلى دليل لبين كذبها. فقال الإمام علي الهادي عليه السلام: نعم، إنّ الدليل على كذبها موجود عندي. قال المتوكّل: ما هو؟ قال الإمام عليه السلام: إنّ كلّ من كانت جدّته فاطمة الزهراء عليها السلام، فلحمه محرّم على السباع، فأنزلها إلى السباع، فإن كانت من ولد فاطمة فلا تؤذيها السباع. فالتفت المتوكّل إلى المرأة وقال لها: ما تقولين بهذا الدليل؟ فقالت له: إنّه يريد قتلي، أنا لن أنزل.. لا. فالتفت المتوكّل نحو الإمام عليه السلام: لم لا تنزل أنت إلى بئر الأسود؟ وكان هنالك بئرٌ كبير مملوء بعدد من الأسود في داخل القصر… فقال له الإمام علي الهادي: سأفعل ذلك. ففرح المتوكّل فرحاً شديداً وتصوّر بأنّ الخلاص من الإمام عليه السلام قد اقترب، فأحضروا السلّم إلى الإمام عليه السلام ووضعوه في داخل البئر، فنزل الإمام عليه السلام إلى الأسود وجلس، فاتجهت الأسود إليه ورمت بأنفسها بين يديه، فجعل الإمام عليه السلام يمسح على رؤوس الأسود… ثمّ أشار الإمام عليه السلام إلى الأسود بأن تبتعد عنه، فابتعدت عنه طائعةً لأمره، فتعجّب الناس من هذه المعجزة، وبدأت التكبيرات والصلوات تعلو في داخل القصر.. عندما رأى المتوكّل الإمام عليه السلام جالساً بين الأسود غضب غضباً شديداً ومن شدّة غضبه لم يعرف ماذا يفعل، لكنّ وزيره كان من الماكرين، فاتجه إليه وقال له: أسرع إلى إخراجه قبل أن تنتشر هذه المعجزة بين الناس، فطلب المتوكّل من الإمام أن يخرج، فاتجه الإمام عليه السلام إلى السلّم فاجتمعت حوله الأسود تتمسّح بثيابه، فأشار إليها بالرجوع فرجعت. فصعد الإمام عليه السلام وقال: كلّ من يقول أنّه من ولد فاطمة فليجلس بين هذه الأسود. فالتفت المتوكّل للمرأة، وقال لها: انزلي، قالت له: الله.. الله.. إنّني كاذبة، فأنا لست زينب كما قلت، أنا فلانة بنت فلان، سامحني يا مولاي
المصدر:بحار الأنوار 50: 149 نقلا عن (الخرائج والجرائح 1: 404 ـ 406)،