إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

استحمار الشعوب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • استحمار الشعوب


    اللهم صل على محمد وآل محمد
    الشاب المًبتلى بعلتي الصمم والبكم الذي كان يعمل كراعي للأغنام في منطقة ايل البختيارية ولدى عشائرها، كان معروفا بحدة ذكائه واقدامه وشجاعته، ذلك الشاب وبعد سبع سنوات من العمل في النهار والقراءة في الليل وبينما هو وسط الناس صرخ بأعلى صوته ناطقًا بكلمات قصيرة، وبعد تجمّع الناس حوله مبهوتين من نطق الاخرس، أخذ بتلاوة بعض آيات المعاجز في القرآن وتكريم الله لمن إتقى وصبر.
    وكعادة ساكني تلك المنطقة من أهالي محافظة مسجد سليمان المتشكلين من عشائر وقبائل. أخذ الناس يتبركون بتراب أقدام من كانت معه المعجزة ويمزقزن ثيابه ليستأثروا بخرق صغيرة مسّت اليد الإلهية التي وهبته النطق وأصبح يسمع مايقوله له الناس ويحدثهم باللهجة البختيارية والتي هي جزء من اللغة الفارسية السائدة في إيران والرسمية.
    إيمانًا وشكرًا للكرامة الإلهية الممنوحة له شدّ الشاب رحاله إلى الحوزة العلمية لتلقي دروس الفقه والأصول والأخلاق وبقية العلوم الدينية وتمكن هناك من إظهار نبوغه في العلوم الدينية والمنطق وتعمقه في فلسفة المجتمع البختياري وتاريخ عشائر المنطقة وقبائل العرب.
    في محافظة مسجد سليمان الواقعة في الجنوب الإيراني والغنية بالنفط لم يكن أحدًا ليعلم بان ذلك المُلّا ورجل الدين النابغة هو الجاسوس البريطاني (وليم دارسي)، والمسمى رسميًا في جهاز الاستخبارات البريطاني (m16) بمستر جيكاك.
    عاد المستر جيكاك بعد إكماله للحوزة مُعمّمًا بعمامة سوداء بعد أن حدّث البختيارين بأن الإمام علي بن أبي طالب (ع) شرفه في المنام ووضع يده على كتفه فخصه بحديث عن شيعته من البختيار وأوصاه بهم خيرًا وأن يأخذ بيدهم ويأخذ من يدهم حاجاتهم وطلباتهم ليرفعها إلى أمير المؤمنين كونه من أولاده الذين اصطفاهم الأمير وقد كشف (السيد) جيكاك اللباس عن كتفه لتظهر كف الإمام علي مطبوعةً عليها ويضج الناس بالبكاء ويتراكضون للتبرك بأثرها،
    أصبح السيد جيكاك صاحب كرامات تجري على يده معاجز خارقة لعادة المجتمع ولم تعتدها نواظر وأسماع الناس حيث كان يعلم نسل السادة الحقيقيين من السادة المدعين أو المزيفين والداخلين على النسل المحمدي والعلوي وقد نجح أمام العشائر بتشخيصهم بعد أن قام بإحراق لحيته بالنار فلم تحترق وبعث يطلب سادة معممين ورجال دين وقام أمام الناس أيضًا بحرق لحاهم فإذا بالنار تشب في وجوههم وسط تكبير الناس وتهليل القوم وأذعن الناس من ذلك الوقت أن العلوي الحقيقي لا يمكن أن تحترق لحيته.
    السيد جيكاك الذي أصبح مرجعًا فريدًا وأوحد للناس، كان أيضًا يحكم في الناس قاضيًا في مشاكلهم فكان يلمس المتخاصمين في مشكله بعصاه فتصعق عصاه الكاذب منهم ويظهر الله الحق على يد السيد المباركة لذا كانت الناس تسير خلفة جموع وافواج للتبرك بخطواته وهم يرون السيد كلما نزع نعليه للصلاة وخرج من الصلاة فإنه يشير للنعلين بعصاه فتصطفا وتعتدلا وتتقدما إحترامًا لعلو مقام السيد. وقد لمع نجم السيد في حوادث كان يحكم بها على إبن الحلال و إبن الحرام من الناس فيميز منهم إبن الفراش والشرع من إبن الزنا بعد أن يغز جسدهما بعصاه فيسيل الدم من إبن الزنا وينجو من الغزة إبن الحلال، حتى إن شيوخ العشائر هناك كانوا يرتعدون خوفًا من سماحته إذا ما كشف عنهم المستور.
    العشائر الساكنة في محافظة مسجد سليمان الغنية بالنفط وكذلك بوير أحمد كان لها علاقتها القريبة والجيدة جدًا مع العشائر العربية التي تقطن الأهواز والمحاذية لهم .. وهم أيضًا تجمعهم صلات تصل حد المصاهرة بين أولاد مشايخ القوميتين وبناتهم، وأما منطقة الأهواز فهي الغنية أيضًا بالثروة النفطية التي تحتكرها آنذاك شركات بريطانية وفقًا لمعاهدات تختص بدول الحلفاء
    وبمرور الزمان أخذت السمعة الاعجازية للسيد جيكاك بالسريان بسرعة إلى العشائر العربية والتي تمتد إلى الخفاجية والبسيتين وعبادان في محاذاة الجنوب العراقي فراح مشايخ القبائل هناك يقدمون الطاعة وينصاعون إلى أوامر السيد بعد أن سافر لهم إلى الأهواز للإطلاع عن كثب حول رغبة الاهوازيين (عربستان) في تأميم شركات النفط هناك بعد اتحادهم في الرأي مع البختياريين وتشكيل جمعية تختص بذلك. فأصدر السيد المرجع من هناك فتواه المعروفة بأن
    (النفط نجس مطلق والنصارى أولى برفع النجاسة عن ديار المسلمين)!
    في العام 1924 أسس السيد فرقة دينية تُدعى الطلوعيين، وهي فرقة تؤمن بطلوع المهدي الحجة إبن الحسن العسكري المنتظر (عج) وراح يكتب لها أركانها الفلسفية وأهدافها والشعائر التي تُعجّل في ظهور صاحب الزمان ولازالت آثار تلك الفرقة من الطلوعيين واضحة المعالم والسلوك في قراءات التعزية الحسينية للسبط الشهيد هناك وطريقتها في إقامة المواكب الحسينية وكان السيد جيكاك يُحيي بنفسه تلك المراسيم في المحرم بقراءة المقتل الحسيني إلى أن ينهار الناس وتأخذهم جذبة كربلاء الى الاندماج بالصورة التي يرسمها السيد والخطيب ويرمي بعدها عمامته السوداء في النار التي تتوسط المجلس فلا تمس النار عمامته ولاتحرق منها خيطًا واحدًا أبدًا!
    من مسجد سليمان أطلق السيد جيكاك شعاره الشهير الذي يوضح فيه رفضه القاطع لتأميم الثروة النفطية:-
    (في قلب الموالي .. لايجتمع تأميم النفط وحُب علي)
    وبعد أن سفّه أحلام الناس في المناطق الغنية بالنفط في تأميم ثروتهم ومنع الإنكليز من الاستئثار بها وارتحل. جلس السيد جيكاك في بيته وسط لندن يكتب مذكراته والتي يذكر فيها إنه لم يكن في بداية عمله لصالح جهاز الاستخبارات البريطاني (m16) وإنه لا يجيد الفارسية واللهجة البختيارية ولا العربية لذلك إدعى إنه أخرس وأطرش لسبع سنوات إلى أن درس اللغة جيدًا وتمكن من اللهجة المحلية لكل من البختياريين والعرب بعد أن حفظ القرآن ودرس تاريخهم وعادات مجتمعاتهم وبعد أن صدّق الناس معجزة نطقه وتمكنه من سماع الناس عزّز معلوماته الفقهية وتوسع بدراسة الأصول والمنطق.
    ثم عاد صنع له عصا تحوي في داخلها ملف كهربائي صغير ومجال مغناطيسي تعطي كهرباء ضعيفة تصعق كل من يمسّه بها مدعيًا إن الكاذب تفضحه العصا وبعد أن زوّد العصا بقطعة مغناطيس عمد إلى وضع قطع صغيرة من المغناطيس متضاد القطبية في فردتي نعليه فكان كلما قرّب منهما عصاه اصطف بفعل الجذب المغناطيسي للنعلين!
    أيضًا في وسط العصا كان سلك غير مطاوع يدفعه بيده في جسد من يريد أن يثبت إنه إبن زنا لإخافة الشيوخ من الفضيحة وتسقيط اعدائه بهذه الطريقة!
    وفي الفصول الأخرى من مذكراته يكتب السيد بأنه رسم أصابع يده على قطعة من الورق الابيض ثم قصّها على شكل يد ولصقها على جسده ثم بقي لنهار كامل تحت الشمس في حر تلك المنطقة الحارق ليتحول كل جسمه الى أسمر إلاّ ذلك المكان الذي تحت الورقة بشكل اليد ليصدق القوم بأن يد الإمام علي كانت على كتفه والبياض ماهو إلاّ بقايا نور الولي!
    وذكر جيكاك أيضًا بأنه حاك مع لحيته الصغيرة لحية من خيوط غير قابلة للاشتعال كي يتخلص من رجال الدين الذين يرفضون توجهاته ويعزلهم عن مسيره، فادعى بأن النار لن تحرق لحية من والى علي بن أبي طالب حقًا وهي لن تحرق لحية السيد من نسل محمد الرسول الكريم وعلي بن أبي طالب وأحرق بذلك لحاهم ليسقطهم دينيًا واجتماعيًا وكذلك فعل بعمامته السوداء التي ادعى بأنها عمامة الإمام الصادق ولن تمسها النار البتة وكسب بذلك طاعة الناس وانصياعهم الأعمى.
    ---------
    المصادر:-
    - التاریخ السیاسي والاجتماعي للبحتیاریین/ تأليف راف كارث ويت/ ترجمه إلى الفارسية مهراب أميري/ طهران - سهند 1995.
    - وثائق من العلاقات الايرانية البريطانية (1924 - 1929) للكاتب زرين كلك طهران – بهناز/ مؤسسة الوثائق والكتب الوطنية/ إيران 2004.
    - ویکیبيديا فارسي- دانشنامة آزاد .
    - ظاهرة الطلوعيين والخطأ البريطاني في تأسيسها/ عددين من المجلة الفصلية - تاريخ المدن الايرانية.
    ش 3 (خريف وشتاء العام 2015).
    --------------------------------------
    منقول عن - سلام جبار عطية

    أين استقرت بك النوى
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X