✨ الشبهة :
يذكر بعض ان الاحاديث التي رويت في رضاع الكبير عند المخالفين عن عائشة مصدرها ليس الا هو وضع الامويين لاجل الاسائة لعائشة للعداوة بينهم وانها بريئة من هذه الاحاديث الخادشة للحياء المسيء للنبي صلى الله عليه واله
✅الجواب :
اولا : ان الروايات المسيئة الخادشة للحياء عن عائشة في كتب المخالفين مستفيضة ان لم تكن متواترة معنى سواء كانت في رضاع الكبير او غيره من الروايات فلا يعقل ان يتواطيء كل هؤلاء الرواة وفي شتى المصادر على وضع مثل هذه الاحاديث وفي من !! في التي يعتبرونها امهم ويقدسونها ؟؟ فانهم حتى لو كانوا امويين لكنهم قبل ذلك بكريين عائشيين وكان معاوية يتخذ سنة ابي بكر وعمر دينا له
بل الامر على العكس تماما فان الوارد في الروايات ان معاوية قد امر الرواة بأن يضعوا الحديث في فضائل الصحابة وخصوصا ابو بكر وعمر ومن لف لفهم لكي يغيض شيعة امير المؤمنين عليه السلام فكيف في نفس الوقت يأمرهم بأن يضعوا احاديث تخدش بعائشة ؟؟!!
نعم كانت بينهم منافرة لكن لا مجال امام معاوية ان يضع الحديث في توهين عائشة لانه يدعي حبه وسيره على طريقة ابيها وصاحبه .
ففي واقع الامر من يزعمون ذلك من المتطفلين على ساحة العلم والعلماء لا يفهمون الدور الحقيقي الذي مارسته عائشة في تضليل هذه الامة ووضع الاحاديث على رسول الله صلى الله عليه واله لكي تعلي من شأنها وتشرعن بعض تصرفاتها الخادشة للحياء كرضاع الكبير .
شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١١ - الصفحة ٤٤
(( و روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث قال كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب و أهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة و على كل منبر يلعنون عليا و يبرءون منه و يقعون فيه و في أهل بيته و كان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي ع فاستعمل عليهم زياد ابن سمية و ضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة و هو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي ع فقتلهم تحت كل حجر و مدر و أخافهم و قطع الأيدي و الأرجل و سمل العيون و صلبهم على جذوع النخل و طرفهم و شردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم و كتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي و أهل بيته شهادة و كتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان و محبيه و أهل ولايته و الذين يروون فضائله و مناقبه فادنوا مجالسهم و قربوهم و أكرموهم و اكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم و اسمه و اسم أبيه و عشيرته . ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان و مناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات و الكساء و الحباء و القطائع و يفيضه في العرب منهم و الموالي فكثر ذلك في كل مصر و تنافسوا في المنازل و الدنيا فليس يجي ء أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه و قربه و شفعه فلبثوا بذلك حينا .
ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر و فشا في كل مصر و في كل وجه و ناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة و الخلفاء الأولين و لا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا و تأتوني بمناقض له في الصحابة فإن هذا أحب إلى و أقر لعيني و أدحض لحجة أبي تراب و شيعته و أشد عليهم من مناقب عثمان و فضله . فقرئت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر و ألقي إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم و غلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه و تعلموه كما يتعلمون القرآن و حتى علموه بناتهم و نساءهم و خدمهم و حشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله )) .
ثانيا : مع ما قدمناه اولا من ان الحديث مستفيض في كتب القوم فانه لا يبقى معنى لكي يطالبونا برأي علمائنا الاقدمين قدس الله نفوسهم لان ما كان على حد التواتر او الاستفاضة حجة مطلقا بذاته وان كان من كتب المخالفين .
ومع ذلك فاليتفقهوا وليطالعوا اكثر يجدوا اقوال علمائنا وتصريحهم بما فعلت عائشة - مع ملاحظة ما كانت ظروفهم التي يعيشونها في اوضاع تقية صارمة كل ذلك لم يمنعهم عن التصريح بمثالب اعداء اهل البيت عليهم السلام ولم يجبنوا ويتخاذلوا كما يفعل المتطفلون على العلم في زماننا بحجة التقية المغلوطة - :
يقول شيخ الطائفة الشيخ الطوسي قدس سره ( ت 460 هجري )
في كتابه المبسوط - - ج ٥ - الصفحة ٢٩٣
(( الرضاع إنما ينشر الحرمة إذا كان المولود صغيرا فأما إن كان كبيرا فارتضع فإنه لا ينشر الحرمة بلا خلاف إلا ما حكي من خلاف عائشة وبعض التابعين، فإنه حكي عنها أنها كانت تأمر بنات أخواتها وبنات أختها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها وأن يدخل عليها وإن كان كبيرا، وبه قال أهل الظاهر ))
وقال ايضا في كتابه الخلاف
الخلاف - ج ٥ - الصفحة ٩٨
(( مسألة 4: الرضاع إنما ينشر الحرمة إذا كان المولود صغيرا، فأما إن كان كبيرا فلو ارتضع المدة الطويلة لم ينشر الحرمة. وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وهو قول جميع الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، ومالك وغيرهم (1).
وقالت عائشة: رضاع الكبير يحرم كما يحرم رضاع الصغير، وبه قال أهل الظاهر )) .
فنرى ان الشيخ الطوسي قدس سره لم يناقش في نسبة هذا القول لعائشة اطلاقا بل هو الذي نسبه لعائشة واعتمد عليه .
وكذلك فعل علماؤنا الاخرون حينما نقل عبارة الشيخ هذه لم يناقشوا في ان هذا فعلا منسوب لعائشة او لا
اذ انه لو كان علماؤنا يعتقدون بان هذه الروايات مكذوبة على زوجة النبي صلى الله عليه واله اذن فهي بريئة ويجب ان ينفوا هذه النسبة حينما يأتي عليها القلم
جواهر الكلام - الشيخ الجواهري - ج ٢٩ - الصفحة ٢٩٨
(( وفي محكي المبسوط بعد أن ذكر عدم العبرة برضاع الكبير خلافا لعائشة قال: " الرضاع لا حكم له إلا ما كان في الحولين، فإن رضع بعضه في الحولين وبعضه خارج عن الحولين لم ينشر الحرمة، ولا فرق بين أن يكون مفتقرا إلى شربه أو مستغنيا " )) .