إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نثريات / الكاتبة اليمنية رزنه صالح

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نثريات / الكاتبة اليمنية رزنه صالح


    ( خواطر قلب يافع الحنين)

    رَزْنة صَالح]
    ( الخاطر أول)
    في منخفض شجرة الأيام، وفي ظل سهوي رأيت صديقة ترتدي عينيها عباءة الحزن، تبحث بين وجوه العابرين، تسقط أهدابها على أرض جفنيها المتقرحة بألم الخيبة، حين لا تجد أمامها إلا الضباب،
    حدقتُ، أصابت شحمة عيني بسهام هالاتها السوداء، تسربت الأسئلة إلى جمجمتي كقطرات ماء!
    أخاطب زميلتي بالقرب منيّ
    -ماذا يحدث مع زميلتنا، لماذا تبدو كالوطن المحتل؟
    تنظر زميلتي إلى الفراغ، وتحتضن الصمت بشفتيها، فتتسلل الكلمات من ثغرها على حين غفلة!
    تقول:
    -هذه صديقة تزوجت فلم يكن النصيب أن تكمل تِلك الزيجة تطلقت وأخذوا منها أبنها، ومن حينها كلما افتقدناها وجدناها في حديقة الأطفال، مخنوقة تبحث عن الأكسجين!
    يا لهُ من شعور مهيب حين تلد الأم طفلاً يؤجج من أحشائها، ويغفي على طيب أحضانها، تشد أحلامها بين صحوته وابتسامته، وفجأة يُسلب منها دون رحمة، تُنتزع منها البهجة، تجري بحثًا عن الأمل في بساتين الضياع، تجد في زاوية الغرفة ثوبًا يحتوي رائحة صغيرها، وكأنها تجد الوطن بعد ان قضت عمرها في المنفى بلا دليل، تعاود النظر في بوابة الغرفة فلا تجد سوى حطام يحتل عتبة الباب، ويدغدغ مفاتيحه، تصرخ في الساحة منتظرة رد من همساته الصغيرة، حتى يجيبها الصدى بصوت من عويل، بعد أن تضع طفلها وتركن على خصلات شعره أحلامها تسقط فوق جمجمة الأرض بخيبة السلب، ويأتي الزوج ليحمل أمنياتها إلى مقبرة الحياة ويتركها بلا كفن، تصبح الحياة قبرًا والأيام لحد مظلم كئيب، تصرخ أن اترك لي سنا أيامي الوحيد فيأخذ فجر عينيها المُظلمة ويرحل يتركها في ساحة المنزل تحتضر دون برهان، تصرخ كيف تتركني بلا بصيص نور؟
    ماذا اجيب احشائي التي قد ركن بالقرب منها تسعة أشهر حين تسألني عنه؟
    ماذا عن حبلي السري كيف ارتب له الأبجدية؟
    تتكسر الكلمات على ديوان حنجرتها، وتعول النقاط على السطور لتلد لونًا أسودًا داكن،
    يصبح القمر حجرًا منطفئة في عينها، تصرخ المباني فيسمعها الأصم ويترجم للعمى كلماتها، تغفو الأيام على أمل صحوة الفرح فتموت في حضن السبات.
    &&&&

    ( الخاطر الثاني)


    نحنُ جيل تنهار على وجنتيه الدموع حسرة على دينه، في عالم تقدم في العلم تأخر في الدين، جيل بنى مباني مرتفعة واخترع اختراعات عصرية ولم يستطيع الوقوف تحت قبة مسجد ليتلو آية قرانية واحدة،
    نحن في زمن تضحك الأفواه على مزح بائسة، تؤازر تارك الصلاة بلين وتسخر ممن يصلي وتتهمه بالتشدد
    بين زحمة كل هذه الأفكار رأيت اليوم مقطعا صغيرا في أحدى البرامج، لم يكن صغيرا على قلبي فتلك الثواني اسكتت
    جميع أفكار ي وقادتني إلى واقعنا المر، يقول أحدهم: صليت ركعة واحدة طالبا الدعاء على حصول شيء و لم أسجد لله سجدة واحدة من قبل
    انطلقت صرخات الضحك والمزاح في كُل القاعة وقام الجميع بالتصفيق والفرح بتلك الكلمات، أو لعلها أصبحت على قلبي لكمات مؤلمة ،
    وددت لو أسألهم كيف تعيش أرواحكم مطمئنة وهي لا تقترب من الله؟ كيف يشعر بنور الصباح من أظلم قلبه بهجر الصلاة؟ كيف تجرد نفسك من العبادة ولا يزال ثغرك ضاحًا مازحًا بتلك المصيبة!
    الم تسمع (قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)
    اعتصرت داخلي ريح صرصرً انتزعت السرور منيّ على حين غفلة، كيف يضحكون وكانهم سمعوا طرفة ما؟
    إن الإنسان يجد في القرآن ضماد لجِراحة، وفي الصلاة سكينة وأمان، وفي الدعاء ألفة مع الله، حتى سجادة الصلاة تصبح حضنًا دافئا يحتوينا كلما اثقلتنا الحياة،
    بين يدي صديق قريب تشعر بالأنس فما بالك بين يدّي الله؟ أتساءل حقًا أين يجدون كل هذا الانشراح في هذا الكون المكلوم بالآهات؟ كيف يبتسمون إذا لم يركلوا كل دنياهم ويسعون إلى الله ؟
    لست بالكمال الذي قد ينفي عن نفسه الذنوب
    ولكني العائذ الذي يطرق باب الله كلما شعر بأنهُ سقط في بركة الحياة الدنيا وحاولت ابتلاعه،
    كُل الطرق موحشة دون الله
    كل المدن منافي حين لا تحمل أسمه، وكل القصور قبور خاوية حين لا يُعبد فيها،
    حين تهجر الصلاة إلى أين تعود نهاية اليوم وانت مُنهك مُتهالك من احمال الدهر؟
    قراءة ألف كتاب لن تغنيك عن صفحة واحدة في القرآن، وقرب ألف صديق لن تنفعك وأنت بعيد عن الله، وجميع الثقافات لن ترفع قدرك وأنت تنزل من قدر الصلاة،
    لا أعلم هل يجب أن نجهش بالبكاء على أنفسنا، أم أنفسنا تجهش بالبكاء علينا، نحن على حيرة منا علينا !
    &&&
    ( الخاطر الثالث )


    ظهر المساء غدرًا، وداهمت الريح الشوارع، وصبغ الضباب الرمادي المدينة، تجولت جوارحي بين الأزقة وغرقت أناملي في خصلات شعر الليل السوداء، على نوافذ مديتني الترابية، في صرحها الضيق، وممراتها الفارغة، والإنارة الخافتة، أجول بين شرايين عاصمتي الصغيرة،
    أسمع أنين كلماتها البكماءِ التي ماتتْ قبل أن ترى النورَ، و الرثاءِ الذي مزق نياط عيونها الواسعة،
    خرجت باحثة عن دواءٍ لسقمٍ قد عشعش داخلي، لطالما داوتْ مدينتي جراحي،
    صغيرة جدًا لا تحملُ أزهاراً ولم يكُ بها أنهار، ولكنها تحتضن هشاشتي وأسألها كثيراً كيف تمسحين بيديكِ على ندبات وجعي ومنازلكِ أهدرتها الحروبُ؟
    والمقابرُ داخلكِ في ازدياد؟
    ألا تحتاجين من يخفف عنكِ الكبد؟!
    ولكنها تُجيبني بابتسامةٍ طاهرةٍ وتصمتُ.
    أحملها في عبق نهر من سلسبيل عذب بين أوردتي،
    أُقبِّل وهن مفاصلها بكل حبْ، أخطو في شوارعها وأنا بجدرانها أهيم، وفجأة!
    رأيت ظلاً على الرصيف!
    ثار داخلي بركانٌ صاخبٌ خوفًا من تِلك الدماء المترسبة في المكان، اقتربتُ خوفًا بأن هُنالك شظايا من جسدِ إنسان أصابتها وخزة من وخزات الحرب، وحين وضعتُ قدمي بالقرب من النهرِ الدامي، وقعت عيني على حمامةً شاحبة كالجثة،
    في عينيها صمتٌ قاتل وعلى أجفانها دموع غزيرة،
    حاولتُ تضميد الفجوة المركونة على أحشائها ولكنها أبتْ،
    - سألتها: لمَ لا تريدين الدواء؟
    -فقالتْ: دوائي أضعته في زحمةِ الحرب والزمان،
    -من أنتِ؟
    - أنا حمامةُ السلام
    -صرختُ بصوت خافت: ولماذا تنزفين وأنتِ نبع الأمان؟
    -ألا ترين ماذا حل بالأوطان؟ كم جثة زُرِعت في الأحضان؟
    إقتربي وازرعي السلام العالق في بياضكِ بين شقوق الحرب لعلها تنام،
    أظنكِ لا ترين كيف أصبح العالم أينما وضعت قدمي انتشلتني قذيفة قاتلة حتى أني بتُ أشعرُ بالغربةِ بينكم.
    أي غربةٍ في الدروبِ التي ترعرعتِ في رحم أشجارها حتى تغيمي عليها في إحدى الأيام!
    هل تعلمينَ بإني ذهبتُ إلى زيتونةِ فلسطين؟
    على رأسي سقطَ البناء،وعدتُ إلى عرشِ بلقيس أمطرتْ السماءُ عيار القذائفِ بين أوراقي!
    وحلقتُ بالقرب من غيوم دمشق ، تسللت بالقرب مني رصاصة تحملُ رائحةَ الياسمين، ومضيتُ إلى العراق لعلي أسمعُ أصواتًا نديةً فوضعتُ ريشة جناحي على مسامعي من شدة ضجيج الموت،
    وهاجرتُ في شرايين سماءِ العرب فوجهتْ فجوة بندقية الحرب رائحة بارودها على أنفاسي وسقطتُ مختنقًا بسبب انقطاع الأكسجين،
    -هل أداوي جراحكِ يا حمامة؟
    -لا تستطيعين!
    دواءُ علتي بين تراتيلِ القرآن وترانيمِ السلامِ
    حين تصرخُ المساجدُ الله أكبر قد حلتْ السكينةُ والاطمئنان،
    ويرتفعُ صوتُ المؤذنِ وتصمت الأحزان،
    دوائي في صلاةِ الزائرين وضحكات الذاهبين،
    حين يزفُ الصغارُ شهاداتهم لا أكفان أهاليهم،
    وتحلقُ قبعاتُ النجاحِ لا أصوات العويلِ والنحيب.
    حينها فقط ساحلق في الفضاءات بحرية

    &&&&&
    ( الخاطر الرابع)
    يرتد طرف الليل فتمتلأ العيون بالظلمة الحالكة ،يُقال أنجب الصمت كلمات مُعاقة حتى أنهُ ركل خيباته على زنزانة الحياة فاصدرت صوتًا من حديد..
    -متى تصبح الكلمات بكماء؟
    -حين يصم العالم عن سماع الحقيقة
    -وهل تظنين الأوطان تشعر بالغربة كما نشعر نحن؟
    -في( جوف) القذائف أكثر من يشعر بالغربة هي الأوطان..
    -رأيت طفلاً يحمل أقدامه ويجري هربًا من الحياة، باغتته الدقائق فاذا به شابًا في منتصف العمر ..
    - تجولين في نفس الزوايا بقدم مبتورة
    -صلب قلبي حين رأيت رجلاً كبير في السن يبحث عن غذائه من بطن الأرض أمام أعين الباعة ..
    - لأن الجوع يفضح البطون يتمنى الكثيرمن الجياع الموت
    لا نور يضيء العتمة والليل يستولي على النهار،
    -قالت لي نجمة بأن في كبد كُل ظلام نور
    -ونسيت بأن أخبرها بأن لولا السواد لما ظهر النور
    -في مدينتي تهمس الجدران ويصاب السكان بالبكم
    هل تسللت الالسنة خلسة إلى افواه المباني؟
    -الرياح تحمل عطرًا يهدا من شجني لا أعلم هل تزور القبور؟
    صدقني الموت ليس النهاية أنت بداية كل شيء تعيش فيّ،
    قالوا بأن الكفن يحتوي الجسد بعد الموت ولكني أشعر بأنهم يقصدون قلبي
    في الفلاة تتحدث ذرات التراب بماذا تشعر به المدن المزدحمة بالناس؟
    -أجيبها وما فائدة الزحام إن كانت الوحدة تسكن الروح؟
    -في حنجرتي جرح قديم هل دفنت الكلمات الملكومة هُناك
    -لا فائدة من الفجر إن سكن المساء تحت أجفاني
    -اراك تمر من امامي فابتسم فيقولون لي
    مسها طيفًا من الجنون ولهذا كثرت هذياناتي
    انظر إليهم أشعر بأن نظراتهم تتسلل الى قلبي ونسوا بأن الأحبة فيه
    المذياع القيب يرتل :ـ ما صاحبكم بمجنون ..
    قلت :ـ مع هذا هم لا يؤمنون بأن الاموات في قلوب احبتهم أحياء يرزقون
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X