بعنوان «المرجعية الدينية ودورها في إرساء السلام، ومحاربة الإرهاب وفقا للأسس والقيم الإنسانية الحضارية» للأساتذة أ. م. د. عائدة محمد الجبوري
تراب علي
تراب علي
والباحث: علي محمد عبيد الجبوري/ جامعة الموصل
يشكل النص البحثي رؤية لمجموعة العلاقات المكونة لكشف بنية الموضوع، وترسيخ المعنى الدلالي لجوهر القيمة، وبحث الأساتذة أ.م.د عائدة محمد الجبوري، والباحث علي محمد عبيد الجبوري من جامعة الموصل والمعنون «المرجعية الدينية ودورها في إرساء السلام، ومحاربة الإرهاب وفقا للأسس والقيم الإنسانية الحضارية»، رسّخ لنا مفهوم السلام، واستجلاء معنى السلام داخل الحرب أو الجهاد من أجل رسالة السلام، والسعي لإظهار العمق الداخلي الذي يكسب النصّ ملامح الفرادة ومميزات الفتوى مثل: إعداد جيل من المقاتلين بشرط امتلاكهم روح التسامح وسعة الأفق ورجاحة التفكير، لتحقيق رسالة المرجعية وبناء السلام، الذي يتطلب أولًا القضاء على الإرهاب منهجًا وتطبيقًا.
استخدام النص لهذا الأسلوب وفّر لنا عملية القراءة والخصائص التي تهدف لها الفتوى من قيم حضارية ورؤية مستقبلية للمرجعية، فقد كان السلام هدفًا أسمى لدعوة المرجعية لمحاربة الإرهاب، ويتقصى البحث عن أسس وعوامل النجاح في أداء الدور القيادي الحضاري الحقيقي وهو استلهام ماضيها لتوظيفه خدمة لمستقبل الأمة، فلابد أن تتمثل بمبادئ الوحدة والسلام والتعايش السلمي والبحث عن الوظائف البلاغية التي كثفت دلالات السلام، من خلال التركيز على حرمة النفس الإنسانية، وشكل كثافة البلاغة على قدرات المرجعية الدينية، مثلًا قدرتها في الدعوة الى الاستنفار، وهو من مبادئ الحرب الأساسية، استطاع سماحة السيد السيستاني (دام ظله) أن يجعل من هذه المنطلقات الفكرية وسيلة لاستنفار الرأي العام الإسلامي، وتميز النصّ البحثي، بارتكازه على قراءة داخلية تعتني باستقطاب العناصر الخبرية، وتبنّي الدفاع عن مصلحة الأمة، وتحشيد القنوات، فالتحشيد بحد ذاته يعدّ إنجازًا كبيرًا، والفتوى المقدسة حشدت المجاهدين من مختلف الأطياف والمذاهب من مختلف الاعمار، ودعت الى الالتزام بالصبر.
سعى النص الى انتقاء أفكار وأحداث وأقوال للنبي (ص)، والامام علي (عليه السلام) يبين مديات التلاحم والتوائم الإنساني في معظم تشخيصاته، ونرى ان الولاء لحكمة القيادة عند السيد السيستاني (دام ظله الوارف) يوصي بالتزام الصبر وقد نهل الوصية من قول رسول الله (ص)، عندما بعث عبد الله بن جحش على سرية قال: «لأبعثن رجلًا أصبركم على الجوع والعطش»، والامام علي (عليه السلام) يقول لمالك بن الاشتر: «فانك معي استظهر به على اقامة الدين، واقمع به نخوة اللئيم، وأسدّ به الثغر المخوف».
يكشف البحث امكانيته عن مدى ما يتمتع به الباحثان من حرية حقيقية في اختياراتهما، لتفسير روح المنطلق الفكري للمرجعية مثل: حماية العقيدة وتأمين حرية انتشارها ومقاومة الاعتداءات الخارجية على بلاد الإسلام، وعززت الفتوى المباركة توطيد السلام.
استند الاختيار الاسلوبي لدراسة سمات إنسانية المرجع الديني السيد السيستاني (دام ظله الوارف)، حين جسد مرحلة الادراك والوعي، الى واقع العمل والتطبيق، وانتقل من المرحلة النظرية الى المرحلة التطبيقية، لتحقيق العدالة والسلام، والدفاع عن مصلحة الأمة الذي يعد من اهم المنطلقات الفكرية التي عبرت عن روح الموقف؛ تعبيرا عن حالة العزم والاقدام الجماهيري.
مواقف شجاعة تعدّ حربًا ضد الارهابيين واستخفافا بجبروتهم وطغيانهم يقول سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف): «واعلموا أنكم لا تجدون إلا النصح من بعضكم البعض اذا تعايشتم واجتمعتم فيما بينكم بالمعروف».
سعى البحث الى مصداقية العرض الفكري ليثير ذهن المتلقي بالحقائق ويكسب التفاعل والتأثير، فالسيد السيستاني (دام عزه الوارف) يرى للجهاد آدابًا عامة لابد من مراعاتها حتى مع غير المسلمين، ارتباط عميق بين الفكر القيادي للسيد السيستاني (دام عزه الوارف)، وأصحاب القيادة المحمدية، مرتكزا على النهي عن الابتداء بالقتال، وبهذه المقومات الرشيدة تحقق النصر النهائي، وستبقى مواقف المرجعية الدينية خالدة في نفوسنا ابد الدهر؛ كونها سعت الى إقامة نظام اجتماعي متماسك ومواجهة التعصب والفرقة، ودعا الى وحدة وتآلف الامة الإسلامية، وعمل بجد لانهاء الافكار الدعائية للإرهابيين ومعالجة الانحراف الفكري، وتقوية اللحمة بين المرجعية والجماهير.