السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
******************
حياته الاجتماعية والسياسية كان عصر الإمام الصادق والظروف الاجتماعية والثقافية عاشها عصراً و ظروفاً فريدة، ذلك أن تلك الفترة كانت من الناحية السياسية فترة تزلزل الحكم الأموي واشتداد شوكةالعباسيين، وكان الطرفان في صراع مستمر إذ بدأ الصراع الإعلامي والنضال السياسي للعباسيين منذ عهد هشام بن عبدالملك، كان نطاق الكفاح المسلح، وفي النهاية انتصر العباسيون .ولأنّ الأمويين كانوا في هذه الفترة منشغلين بالمشاكل السياسية الكثيرة لم تسنح لهم الفرصة لمضايقة الإمام الصادق كما حدث في حياة الإمام زين العابدين جد الإمام الصادق. ومن هنا كانت هذه الفترة فترة هدوء وحرية نسبية للإمام الصادق و أصحابه، فكانتفرصة مناسبة جداً لتفعيل نشاطهم العلمي والثقافي.

ونظراً لتوفر الفرصة السياسية المناسبة وحاجة المجتمع الماسة واستعداد الأرضية الاجتماعية، واصل الإمام الصادق جهوده في النهضة العلمية والثقافية التي ابتدأها أبوه الإمام محمد الباقر وأسس مدرسة وجامعة علمية كبيرة عّلم وربى فيها تلامذة كبارًا وبارزين ; أمثال هشام بن الحكم، محمد بن مسلم، أبان ابن تغلب، هشام بن سالم، مؤمن الطاق، المفضل بن عمر، و جابر بن حيان و قد زاد عدد تلامذته على الأربعة آلاف.
ومن الناحية الفكرية والثقافية كان عصر الإمام الصادق عصر النشاط الفكر ي والثقافي، وقد حدثت في ذلك العصر حركة علمية منقطعة النظير في ا المجتمع الإسلامي، ونشأت العلوم المتعددة ; سواء العلوم الإسلامية، مثل علوم قراءة القرآن والتفسير والحديث والفقه والكلام أو العلوم الإنسانية العامة، مثل علوم الطب والفلسفة والنجوموالرياضيات و لدرجة أنه كلّ من كان له بضاعة فكرية وعلمية كان يعرضها على سوق العلم والمعرفة، وعليه حدث تعطّش علمي غريب كان على الإمام أن يجيب عليه ويستجيب له .
إن نشاطات الإمام الصادق لم تنحصر في المجالات العلمية بكل ما لها من سعة وعمق، بل كان له نشاطات سياسية أيضاً غير انّ هذا الجانب من نشاطاته ظل خافياً على كثير من المحدّثين والكتّاب،و بدافع بثّ فكرة الإمامة أرسـل الإمام الصـادق مـن يمثّلـه إلى سـائر أرجاء البلاد، ومنهم رجل كوفي بعثه الإمام نيابة عنه إلى خـراسان يـدعـوهـم لإمامتـه، ففـرقة أطاعت وأجـابت، وفـرقة جحدت وأنكـرت، وفـرقة ورعت ووقفت خوفاً من الفتنة. ثمّ خرج من كلّ فرقة رجل يمثّل فرقته للقاء الإمام الصادق، وكان ممثل الفرقة الثالثة قد قام بعمل قبيح مع إحدى جواري بعض من معه دون أن يعلم به أحد، و لمّا دخلوا على الإمام كان المتكلم هو ذلك الرجل، فقال: أصلحك اللّه قدم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس إلى طاعتك وولايتك، فأجاب قوم وأنكر قوم وورع قوم ووقفوا . قال الإمام: «فمن أي الثلاث أنت؟».
قال: أنا من الفرقة التي ورعت ووقفت.
قال الإمام: فأين كان ورعك ليلة قيامك بذلك العمل الشائن؟
كان مبعوث الإمام كوفياً ومحل أداء مهمته خراسان بينما كان الإمام يقيم في المدينة، وهذا يوضح لنا اتساع رقعة نشاطاته السياسية.
أقواله
(ان قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فان عليك في خروجك ان لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن، ثم قال : نعم صومعة المسلم، بيته، يكفُّ فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه.)
قال لحمران يا حمران انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك بما قسم لك، واحرى ان تستوجب الزيادة من ربك، واعلم ان العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين واعلم انه لا ورع أولى من تجنب محارم اللّه والكف عن اذى المؤمنين واغتيابهم، ولا عيش أهنأ من حسن الخلق، ولا مال انفع من القنوع باليسير المجزي، ولا جهل اضر من العجب.)
وقيل له : على ماذا بنيت أمرك، فقال : (على أربعة أشياءعلمت أن عملي لا يعمله غيري فاجتهدت، وعلمت أن اللّه عز وجل مطلع عليّ فاستحييت، وعلمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأننت، وعلمت أن آخر أمري الموت فاستعددت.)
من أنصف الناس من نفسه رُضي به حكما لغيره
(لا تسخطوا الله برضى احد من خلقه, ولا تتقربوا إلى الناس بتباعد من الله)
(أحب أخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي).
(من سرته حسنته وساءته سيئته فهو المؤمن).
الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض.
(من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا، من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطي التوكّل أعطي الكفاية)
(هل الإيمان إلا الحب والبغض).
من أقواله : (ما منا إلا مقتول أو مسموم)، ويقصد أن الأئمة كلهم مقتولون أو مسمومون وقد ثبت ذلك في التاريخ بأن الأئمة الإثني عشر قتلوا أو سموا .
أبناؤه
كان للصادق عشرة أولاد هم إسماعيل (و إليه ينسب المذهب الإسماعيلي ) و عبد الله وأم فروة -وأمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب-، وموسى بن جعفر وإسحاق و محمد -وأمهم أم ولد أسمها حميدة ، والعباس و علي ( المعروف بالعريضي) وأسماء و فاطمة لأمهات شتى .
وفاته
المشهور عند الشيعة إنه مات مسموماً على يد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ، و ذلك أن الخليفة أبا جعفر المنصور كان قلقا جدا من نشاطات و تحركات الإمام الصادق السياسية، ومما جعله يزداد قلقاً هو محبوبية الإمام الصادق ومترلته العلمية الكبيرة، لذلك كان يحضر الإمام إلى العراق بين الحين والآخر بذريعة أو بأخرى و يخطط لقتله و في كلّ مرة كان الخطر يزول عن الإمام بنحو أو بآخر .وكان الإمام يمنع الشيعة من الترافع إلى قضاة الجهاز العباسي، و ينهاهم ولا يعتبر الأحكام التي يصدرونها واجبةالتنفيذ شرعا.و كان يحذّر الفقهاء والمحدّثين من الانتماء إلى الحكومة ويقول: «الفقهاء أُمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم» . وحين حانت الفرصة للخليفة المنصور دس إليه السم في العنب فمازال الإمام مريضاً حتى توفي سنة 148 هـ