بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الغيبة هي نموذج بارز لهذا النوع من الاعتداء؛ فذكر الإنسان عيب أحد في حالة عدم وجوده، من أجل تشويه سمعته، والانتقاص منه، يُعدّ أمراً قبيحاً مستهجناً، شرعاً وأخلاقاً، حتى ولو كان ذلك العيب حاصلاً في واقع الأمر؛ إذ نرى البعض يسوّغ استغابته للناس، وذكر معايبهم، بأن ما ذكره موجود في من استغابه، ولكن خفي على هؤلاء أن مجرّد ثبوت هذا العيب في الإنسان لا يكون مسوّغاً لنشره وفضحه، بل تبقى المسألة غيبة محرّمة ما دام ذكره يشوّه سمعة هذا الإنسان ويحطّ من كرامته.
وقد مثّل الله سبحانه وتعالى للغيبة بأبرز الأمثلة الصارخة المستقبحة عند بني البشر حيث قال تعالى: ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً؛ أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحيم﴾
.
فالإنسان يكره أن يأكل من لحم أخيه الميّت، ويستقبح أكل لحوم البشر عموماً، وحينما يتحدّث العقلاء عن شخص يمارس هذا الموضوع فسيموضعونه في دائرة الشذوذ والانحراف، وهذا ما نوّهت إليه الآية المتقدّمة؛ فإن من ينهش كيان الإنسان المعنوي وسمعته فهو يمارس عملاً أقبح من أكل لحمه الماديّ.
والروايات في هذا الباب كثيرة؛ حيث حذّرت من الغيبة وشدّدت النكير على ممارستها، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثاً ينبغي التأمّل فيه كثيراً من أجل معرفة قبح هذه الظاهرة:
«يَا أَبَا ذَرٍّ، إِيَّاكَ وَ الْغِيبَةَ، فَإِنَّ الْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْغِيبَةُ قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُهُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذَاكَ الَّذِي يُذْكَرُ بِهِ. قَالَ: اعْلَمْ إِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»
ولا شكّ إن السبب الذي حدا بالشريعة لتشديد النكير على حرمة الغيبة إنما هو أثرها السلبيّ على كرامة الإنسان، والانتقاص منه، وتسقيط شخصيّته، وتشويه سمعته، ولأن الغيبة تنشر الفاحشة والسوء في المجتمع، فإن تداول الغيبة بين الناس، وتحوّلها إلى حالة عامّة بينهم، هو سحق للقيم والأخلاق، الأمر الذي يفضي إلى التشجيع على التجاوز، فحينما يرى الإنسان الآخرين يفعلون فعلاً فإن ذلك باعثاً على إسقاط هيبة ذلك الفعل في نفسه، بل تسبّب الغيبة ردّة فعل من قبل المغتاب؛ فربما ينزعج وينتقم لنفسه، وهو أمرٌ طبيعيّ، ولأجل جميع هذه الأمور جاء التشديد على قبح الغيبة والتحذير منها.
لكننا نعيش اليوم في عصر أصبحت فيه هذه ظاهرة انتهاك الحقوق المعنويّة للآخرين، وتشويه شخصياتهم، من أكثر الظواهر تفشّياً وظهوراً، وخاصة في أوساط المتدينين، مع الأسف الشديد؛ فالمتديّنون الذي يتعاطون ويتداولون هذه النصوص الشريفة الذامّة لهذه الرذيلة والمتلبّس بها، نراهم يمارسونها دون هوادة، ولا أدري لِمَ هذا التساهل في أوساطهم في تشويه شخصيات بعضهم بعضا، مع هذه النصوص الماثلة أمامهم؟ ولا أدري أيضاً السر الذي جعل من هذه المشكلة خطراً أكبر وأظهر في عصرنا الراهن؟
إن تطوّر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ سبب آخر يسّر أمر هذا السلوك القبيح أعني الغيبة وتشويه السمعة؛ حيث تجد البعض يسقّطون الناس تحت مظلّة اسم مستعار بإسفاف وجهل، لكنهم غفلوا إن هذا الاسم المستعار قد يخفى على الناس لكنّه لا يخفى على خالقهم العليم الخبير بكلّ شيء.
والأنكى والأتعس تكوّن جهات تحترف إسقاط شخصيات الناس، من خلال تجهيز وسائل إعلاميّة يكون شغلها الشاغل تسقيط سمعة المؤمنين؛ فلديهم آراء معيّنة متطرّفة، يعتبرونها هي الحقّ الصراح، ومن خالفهم في ذلك فهو كافر وضال ومبتدع وناقص العقيدة وهادم للإسلام... إلى غير ذلك من الأوصاف التي يكيلونها دون أن يفرّقوا بين متقدّم ومتأخر، ولم يسلم من إيذائهم وسوؤهم أحد من الأولين والآخرين من مراجع وعلماء وفقهاء ومفكرين.
وهذا الأمر أخطر من الخطير؛ فحينما تتحوّل الغيبة وإسقاط سمعة الآخرين من عمل فرديّ إلى عمل مؤسساتي فهذه هي الكارثة؛ إذ نجد مؤسسات منظّمة يكون شغلها الشاغل إسقاط الآخرين وتشويه سمعتهم، مرتكزين في ذلك على عنوان التقرّب إلى الله تعالى، خدمة للدين والمذهب، مع أن هذا العمل من أشدّ المحرمات التي تحقّق أهداف الأعداء المتربصين لإضعاف مجتمع المؤمنين، ولا وسيلة أفضل من هذه الوسيلة الناجعة في تفكيك اللحمة، والاجهاز على ثقة الناس بالدين وعلماءه؛ فإذا فرضنا إن هذا المرجع أو هذا الخطيب الذي أدّى دوراً كبيراً في خدمة الدين والمنبر يوصف بهذه المواصفات البذيئة، فلا يبقى للدين ورموزه باقية، وهذا الأمر يعدّ من أخطر وأقبح الأعمال السيئة التي تفشّت في مجتمعات المؤمنين في هذا العصر.
وعلى المؤمنين أن يكون لهم دور في تحصين المجتمع من تأثيراتها، وينبغي أن لا يصغي الناس لهؤلاء، حتى لا يتربّى جيل مجتمعيّ على هذا المنحى والتوجّه، كما نلحظ في واقعنا الحاضر شباباً في مقتبل العمر متحمسين لدينهم يلهجون بلعن هذا وإتهام ذاك.
حذّرت من انتهاك سمعة الآخرين وتشويه شخصياتهم، ينبغي في بثّ ثقافة التحصين لمجتمعنا من مثل هذه التوجهات السيئة السلبيّة
نسأل الله تعالى أن يبعدنا وإياكم عن مساوئ الأخلاق.
«يَا أَبَا ذَرٍّ، إِيَّاكَ وَ الْغِيبَةَ، فَإِنَّ الْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْغِيبَةُ قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُهُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذَاكَ الَّذِي يُذْكَرُ بِهِ. قَالَ: اعْلَمْ إِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِذَا ذَكَرْتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»
ولا شكّ إن السبب الذي حدا بالشريعة لتشديد النكير على حرمة الغيبة إنما هو أثرها السلبيّ على كرامة الإنسان، والانتقاص منه، وتسقيط شخصيّته، وتشويه سمعته، ولأن الغيبة تنشر الفاحشة والسوء في المجتمع، فإن تداول الغيبة بين الناس، وتحوّلها إلى حالة عامّة بينهم، هو سحق للقيم والأخلاق، الأمر الذي يفضي إلى التشجيع على التجاوز، فحينما يرى الإنسان الآخرين يفعلون فعلاً فإن ذلك باعثاً على إسقاط هيبة ذلك الفعل في نفسه، بل تسبّب الغيبة ردّة فعل من قبل المغتاب؛ فربما ينزعج وينتقم لنفسه، وهو أمرٌ طبيعيّ، ولأجل جميع هذه الأمور جاء التشديد على قبح الغيبة والتحذير منها.
لكننا نعيش اليوم في عصر أصبحت فيه هذه ظاهرة انتهاك الحقوق المعنويّة للآخرين، وتشويه شخصياتهم، من أكثر الظواهر تفشّياً وظهوراً، وخاصة في أوساط المتدينين، مع الأسف الشديد؛ فالمتديّنون الذي يتعاطون ويتداولون هذه النصوص الشريفة الذامّة لهذه الرذيلة والمتلبّس بها، نراهم يمارسونها دون هوادة، ولا أدري لِمَ هذا التساهل في أوساطهم في تشويه شخصيات بعضهم بعضا، مع هذه النصوص الماثلة أمامهم؟ ولا أدري أيضاً السر الذي جعل من هذه المشكلة خطراً أكبر وأظهر في عصرنا الراهن؟
إن تطوّر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ سبب آخر يسّر أمر هذا السلوك القبيح أعني الغيبة وتشويه السمعة؛ حيث تجد البعض يسقّطون الناس تحت مظلّة اسم مستعار بإسفاف وجهل، لكنهم غفلوا إن هذا الاسم المستعار قد يخفى على الناس لكنّه لا يخفى على خالقهم العليم الخبير بكلّ شيء.
والأنكى والأتعس تكوّن جهات تحترف إسقاط شخصيات الناس، من خلال تجهيز وسائل إعلاميّة يكون شغلها الشاغل تسقيط سمعة المؤمنين؛ فلديهم آراء معيّنة متطرّفة، يعتبرونها هي الحقّ الصراح، ومن خالفهم في ذلك فهو كافر وضال ومبتدع وناقص العقيدة وهادم للإسلام... إلى غير ذلك من الأوصاف التي يكيلونها دون أن يفرّقوا بين متقدّم ومتأخر، ولم يسلم من إيذائهم وسوؤهم أحد من الأولين والآخرين من مراجع وعلماء وفقهاء ومفكرين.
وهذا الأمر أخطر من الخطير؛ فحينما تتحوّل الغيبة وإسقاط سمعة الآخرين من عمل فرديّ إلى عمل مؤسساتي فهذه هي الكارثة؛ إذ نجد مؤسسات منظّمة يكون شغلها الشاغل إسقاط الآخرين وتشويه سمعتهم، مرتكزين في ذلك على عنوان التقرّب إلى الله تعالى، خدمة للدين والمذهب، مع أن هذا العمل من أشدّ المحرمات التي تحقّق أهداف الأعداء المتربصين لإضعاف مجتمع المؤمنين، ولا وسيلة أفضل من هذه الوسيلة الناجعة في تفكيك اللحمة، والاجهاز على ثقة الناس بالدين وعلماءه؛ فإذا فرضنا إن هذا المرجع أو هذا الخطيب الذي أدّى دوراً كبيراً في خدمة الدين والمنبر يوصف بهذه المواصفات البذيئة، فلا يبقى للدين ورموزه باقية، وهذا الأمر يعدّ من أخطر وأقبح الأعمال السيئة التي تفشّت في مجتمعات المؤمنين في هذا العصر.
وعلى المؤمنين أن يكون لهم دور في تحصين المجتمع من تأثيراتها، وينبغي أن لا يصغي الناس لهؤلاء، حتى لا يتربّى جيل مجتمعيّ على هذا المنحى والتوجّه، كما نلحظ في واقعنا الحاضر شباباً في مقتبل العمر متحمسين لدينهم يلهجون بلعن هذا وإتهام ذاك.
حذّرت من انتهاك سمعة الآخرين وتشويه شخصياتهم، ينبغي في بثّ ثقافة التحصين لمجتمعنا من مثل هذه التوجهات السيئة السلبيّة
نسأل الله تعالى أن يبعدنا وإياكم عن مساوئ الأخلاق.
تعليق