إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شخصية وكرامة المراهق

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شخصية وكرامة المراهق


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    الفترة الأولى التي يشعر فيها الإنسان بأن له كرامة وشخصية وكيانًا هي مرحلة المراهقة، فبمجرد أن يدخل الإنسان هذه المرحلة - وعمره 11 أو 12 سنة مثلاً - يبدأ الشعور عنده بالشخصية والكرامة، وتحتاج فترة المراهقة إلى تسليط الضوء عليها، فما هي المراهقة؟ وما هي آثار المراهقة؟ كيف نتعامل مع أبنائنا وإخواننا المراهقين؟

    المراهقة يقسّمها علماء الاجتماع والتربية إلى أربعة أقسام: مراهقة متكيّفة، ويكون صاحبها إنسانًا خلوقًا متواضعًا يتعامل مع الكل معاملة الألفة والمحبة، كما ورد عن الرسول : ”أفاضلكم أحاسنكم أخلاقًا الموطؤون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون“. والقسم الثاني: المراهقة المنطوية، ويكون صاحبها شخصًا منطويًا منعزلاً لا يحب الاجتماعيات، ليس عنده خلق ولا تواضع للآخرين، ويرجع ذلك إلى عوامل أسرية جعلت هذا الشخص ينطوي على نفسه. والقسم الثالث: مراهقة عدوانية، ولذلك نرى بعض الأشخاص يحملون سجائر، ويقودون دراجات نارية، ويثيرون الشغب في داخل البيت وفي داخل المدرسة، فهم يعيشون مراهقة عدوانية، وهي المراهقة التي يعيش صاحبها روح تمرد وانتقام، فيحب الإيذاء وإثارة الشغب. والقسم الرابع: المراهقة المنحرفة، حيث يصل الأمر بصاحبها إلى ارتكاب الجرائم، كجريمة السرقة، وجريمة الاعتداء على الأعراض، ونحو ذلك.

    أقسام المراهقة تكون في فترة بين الطفولة المتأخرة والنضج الرجولي يتأرجح الإنسان في هذه الفترة - عشر سنوات أو أكثر - بين روحية الطفولة وروحية الرجولة، وحتى نعرف كيف نتعامل مع المراهق وكيف نتعامل مع هذه الفترة الحسّاسة الحرجة لا بد من التعرّض لآثار ومظاهر المراهقة لنعرف كيف نتعامل معها.

    الأثر الأول: اليقظة .

    المراهق يبدأ بالإحساس بغريزته كرجل والمراهقة كفتاة ، ولذلك يبدأ الإنسان في هذه الفترة بالتزين والتجمّل لجلب انتباه الطرف الآخر إليه، ويبدأ بالميل ميلاً واضحًا إلى النوع الآخر، فكيف تتعامل الأسرة مع هذه الفترة التي يبدأ فيها الإحساس ؟

    هنا تأتي مسؤولية الأب مع الولد والأم مع البنت، وهذا ليس مكان خجل ولا مجال حياء، بل لا بد من التحدث مع الولد إذا بلغ وعليه ان ينبّهه على أنه هناك ممارسات تخفف منها، كممارسة الرياضة والسباحة والجري، وكذلك ممارسة الصيام مثلاً، والانضمام للأنشطة الاجتماعية، كاللجان الخيرية واللجان المسجدية واللجان المأتمية، فإن الانضمام لهذه الأنشطة يشغله عن أجواء بلوغه بأجواء أخرى.

    كذلك الأم عليها ألا تخجل، بل عليها أن تخبرها بأن هناك واجبات كذا وكذا . إذا لم تتحدثي مع ابنتكِ وإذا لم تتحدث مع ولدكَ فسيتحدث معه الإعلام والقنوات الفضائية، وسوف يفهم ولدك بلوغه وكيفية التعامل معه من خلال القنوات الفضائية الخلاعية، وسوف يتعلم كيف يتعامل من خلال أصدقائه ومن خلال مجتمعه ومن خلال بيئته، وبالتالي سيستورد ولدكَ وستستورد ابنتكِ مفاهيم ملوثة وقوانين خاطئة، وسينجر إلى انحرافات وإلى شذوذ من غير أن يكون هناك ضابط ولا حصانة. لذلك قبل أن تتلوث البنت وقبل أن يتلوث الولد بالمفاهيم المختلفة، على الأبوين أن يتحدثا بنفسهما قبل أن ينفلت الأمر وقبل أن يفوت القطار.

    الأثر الثاني: شعور المراهق بالاستقلال.

    بمجرد أن يصبح عمره 11 سنة قال: أنا رجل ولست طفلاً، فتعاملوا معي معاملة الرجال! وهكذا تبدأ عنده روحية التمرد على السلطة البيتية والسلطة المدرسية، فلا يريد أن يتسلط عليه الأبوان، ولا يريد أن تسيطر عليه المدرسة، فتبدأ عنده روح التمرد والخروج عن قيود السلطة المنزلية والسلطة المدرسية، فكيف نتعامل معه في هذه المرحلة؟

    الرسول صلى الله عليه واله وسلم يرشدنا إلى قانون التعامل، فيقول: ”لاعب ابنك سبعًا، وأدّبه سبعًا، وصاحبه سبعًا“، فالسنوات الأولى هي فترة اللعب، و”من كان له صبيٌ فليتصابَ له“، وأما التأديب فليس من اللازم أن يكون سبع سنوات، بل بحسب نضج الطفل، وينبغي ألا يكون تأديبه بالقوة والعنف، بل بالإقناع وبإعطاء الجوائز وبالتشجيع وبالترغيب والترهيب حتى يتعلم الآداب. وأما فترة المراهقة فينبغي على الأب فيها أن يتخذ ولده صديقًا له، وألا يعتبره ولده حتى يسيطر عليه بأوامره ونواهيه.

    أنت أيها الأب، وأنتِ أيتها الأم، هذه فترة حرجة، فعليك أن تتعامل مع الولد معاملة الصديق، وأن تتعاملي مع البنت معاملة الصديقة، ولا تقل: هذا ولدي وأنا أفرض عليه أوامري! إذا تعاملتَ معه بالسلطة وبفرض الإرادة فسينفر منك، وسيتحين الفرصة حتى يفلت منك، ولذلك حاول أن تتعامل معه معاملة الصديق.

    اجلس معه وتحدث معه، واستشره في بعض الآراء، واعتمد عليه في بعض المسؤوليات، وأشعره بالثقة بنفسه، وعزّز ثقته في نفسه، وأشعره بأنه رجل أصبح يتحمل المسؤوليات والأعباء، فإذا أشعرته وعززته بالثقة بنفسه أصبح صديقًا لك، وهكذا يبث لك أسراره وأوضاعه وقضاياه ويهتم بك كما تهتم به، وكذلك البنت بالنسبة للأم.

    الأثر الثالث: ولاء الجماعة.

    الطفل قبل أن يصل عمره إلى 11 سنة يكون ولاؤه للأسرة وللوالدين، ولكن بعد دخول هذه الفترة الحرجة يصبح ولاؤه لجماعته وأصدقائه الذين يذهب معهم ويجلس معهم ويأكل مهم، فينتقل ولاؤه من الأسرة إلى الجماعة، بل ربما يفضّل الجماعة على الأسر، وربما يحب أصدقاءه أكثر من أسرته، فكيف تتعامل معه الأسرة؟

    تعامل معه ببيان مفهوم الصداقة. علّم ولدك مفهوم الصداقة قبل أن ينطلق إلى المجتمع، وعلمي ابنتكِ مفهوم الصداقة قبل أن تنطلق إلى المجتمع؛ فإن الصديق أكبر مؤثر على سلوك صديقه، كما ورد عن الإمام زين العابدين : ”يا بني، خمسة لا تجالسهم ولا ترافقهم ولا تحادثهم: الكذّاب؛ فإنه كالسراب، يقرّب لك البعيد ويبعّد عنك القريب. والفاسق؛ فإنه بائعك بأكلةٍ أو بأقل منها. والبخيل؛ فإنه يمنعك أحوج ما تكون إليه. والأحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. وقاطع الرحم؛ فإني وجدتُك ملعونًا في كتاب الله“.

    صاحب ذوي العقل وأهل الدينِ فالمرء منسوبٌ إلى القرينِ

    إذن فالمجتمع مؤثر على سلوك الفرد أثرًا كبيرًا، وذلك علّم ابنك في هذه المرحلة - مرحلة المراهقة الخطرة - بأن ينضم إلى المساجد والمآتم والمدارس التثقيفية وبيوت العلماء ومحاضراتهم حتى يتزوّد من التاريخ، وعلّمه النماذج الفضلى من أهل البيت ، وعلّمه أن مثله الأعلى وقدوته العليا علي بن الحسين الأكبر. علي الأكبر وماقدم من روح البذل والعطاء؛ فقد أعطى وبذل وقدّم، فليكن ممن يبذل ويعطي ويقدّم. يقدّم طاقاته الجسدية والعقلية والاجتماعية والمادية، ويقدّم كل ما عنده من طاقات في سبيل مبادئ الاسلام وقيمه ومثله كما صنع علي بن الحسين الأكبر النموذج الأمثل للشباب ويقتدي بعلي الأكبر في بره بوالديه، فكما أن الوالد مأمور بتربية ولده، فالولد مأمورٌ ببر والديه، ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ فضلاً عن نهرهما ورفع الصوت عليهما وإسقاط احترامهما، فإن كل ذلك من العقوق، وعقوق الوالدين من الكبائر التي توجب النار بل توجب الخلود في النار، فإن عقوق الوالدين من أشد الكبائر التي تكون سببًا للبقاء في النار وحميم جهنم.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X