إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما هي منطلقات التغيير الإيجابي؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هي منطلقات التغيير الإيجابي؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    ​​​​​

    أريد أن أغيّر من مستواي الثقافي والإيماني، فما هي منطلقات التغيير الإيجابي؟ مجتمعنا يريد أن يتغير في مجال السياسة، في مجال الحقوق، في مجال الاقتصاد، في المجالات الأخرى، ما هو المقياس وما هي المنطلقات للتغيير الإيجابي؟ نحن بين طرفين: طرفٍ أيمني يريد التغيير، وطرفٍ أيسري يريد النظام، فلابدّ أن نوفّق بين الطرفين: الطرف النظامي، والطرف التغييري، لأن التغيير الإيجابي يحتاج إلى ركيزتين: ركيزة روح التغيير والتجديد، وركيزة أن يكون التغيير تغييرًا نظاميًا، تغييرًا مخططًا، تغييرًا مدروسًا، لأجل ذلك نتحدث بعض الوقت عن منطلقات التغيير الإيجابي:
    المنطلق الأول من منطلقات التغيير الإيجابي: تجديد الطاقة.


    هناك كثيرٌ منا كسولٌ، تراه ثلاثين سنة على مستوىً واحدٍ، عنده شهادة بكالوريوس، تقول له: أنت تستطيع أن تجدّد، تستطيع أن تتطوّر، تستطيع أن تأخذ ماجستير، تستطيع أن تأخذ دكتوراه، غيّر قليلاً من مستواك، يقول لك: لا، ليس لي خلق! دعني هكذا مرتاحًا أنام براحةٍ وأقعد براحةٍ! هذا إنسانٌ يعيش الخمول، يحتاج إلى تجديد الطاقة، من أين نكتسب تجديد الطاقة؟ من الطفل، من أطفالنا، هم يعلموننا تجديد الطاقة، كيف أطفالنا يعلموننا؟

    يقول الدكتور عبد الرحمن توفيق في كتابه «التفكير الإيجابي»: أطلق العنان للطفل الذي بداخلك، كل إنسانٍ داخله طفلٌ يريد أن يتحرّر، يريد أن يتغيّر، أطلق العنان للطفل الذي بداخلك، أنت الآن أبٌ تدخل البيت، ترى طفلك لا يأخذ راحة، صح لو لا؟! يتحرك من هنا، من هنا، من هنا، من هنا... أنت تستغرب، تقول: هذا من أين جاء بهذه الطاقة؟! من أين؟! لا يأخذ راحة، لا يهدأ، لماذا؟! من أين له هذه الطاقة كلها؟! لا يهدأ الطفل ما لم يقهره النوم، وإلا لا يهدأ، ينتقل من لعبة إلى لعبة ومن نشاط إلى نشاط، ساعة تراه متعلقًا فوق، ساعة تراه نازلاً تحت، كل ساعة شكل، الطفل من أين يأتي بهذه الطاقة المتجددة؟ يحتاج الأب أن يتعلم الطاقة من طفله، كيف يكتسب تجديد الطاقة؟ الطفل يملك عوامل أربعة تساعده على تجديد الطاقة:
    العامل الأول هو: عامل تغيير النشاط.


    يعني الطفل لا يجمد على نشاطٍ واحدٍ، ولا يجمد على روتين واحدٍ، دائمًا يغيّر من نشاطٍ إلى نشاطٍ آخر، لكي تتعلم من طفلك تجديد الطاقة عليك أن تغيّر الروتين، وتجدّد الأنشطة، وتنتقل من صورة إلى صورة، ومن نشاط إلى آخر، كما ورد في الحديث الشريف: ”روّحوا القلوبَ ساعة بعد ساعة فإنّ القلوب تمل كما تمل الأبدانُ“، وورد عن الإمام الكاظم أنه قال: ”للقلوب إقبالٌ وإدبارٌ، فإذا أقبلت فاحملوها على الفرائض والنوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض“، هذا أسلوبٌ تربويٌ يطرحه لنا الأئمة من أجل تجديد النشاط لدى الإنسان وتجديد طاقة الإنسان، هذا العامل الأول الذي يمتلكه الطفل وهو ليس عندنا.
    العامل الثاني: الفضول.


    أنت الآن وصل عمرك أربعين سنة، خمسين سنة، الفضول كلما كبرت يقل، تظنّ نفسك الآن أنّك صرتَ عالم الزمان! كل شيء تعرفه فلا تحتاج إلى فضولٍ! لا تحتاج أن تسأل! خلاص كل شيء صار معلومًا ومفهومًا!! هذا الطفل يعيش روح الفضول لاكتشاف المعرفة، أنت تحتاج أن تجدّد روح الفضول في داخلك حتى تظل متجدّد الطاقة، القرآن الكريم يقول: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ [7] يعني: اكتشفوا، نقبوا، الفضول يدفعك إلى الاكتشاف، يدفعك إلى البحث، الفضول يدفك إلى المعرفة، إذن تجديد روح الفضول أمرٌ لابد منه، ورد عن النبي : ”منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب مال“، كما أن التاجر يعيش روح الامتلاك فلا يشبع من الثروة أيضًا من يمتلك فضولاً علميًا يعيش نهمًا دائمًا نحو المعرفة والاكتشاف.
    العامل الثالث الموجود عند الطفل: روح الإبداع.


    لاحظ هذا طفلك تجده يعبث في التراب، يريد أن يكوّن شيئًا جديدًا، يعبث بألعابه، يريد أن يرتّب شيئًا جديدًا، عنده روح الإبداع والتغيير، لا يريد أن يجمد على ما هو مألوفٌ عنده، لا يريد أن يجمد على ما هو روتينٌ معتادٌ لديه، عنده روح الإبداع، عنده روح التطوير، فاكتسب منه هذه الروح لأنها ضرورية لتجديد طاقتك ونشاطك، ورد عن النبي الأعظم : ”مَنْ تساوى يوماه فهو مغبونٌ“، الذي لا يتطوّر إنسانٌ يخسر وليس إنسانًا يربح، وورد عن الإمام الكاظم : ”اجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لعبادة ربكم، وساعة لمعاشكم، وساعة لمعاشرة الإخوان، وساعة لِلَذة في غير محرم“.
    العامل الرابع الذي يمتلكه الطفل ولا يمتلكه الكبير هو: روح المخاطرة.


    الكبير يخاف، وكلما كبر في السن صار خوفه أشد، كلما كبر الإنسانُ صار تشبثه بالحياة أكثر وخوفه من الفناء أشد، لذلك الطفل هذا يخاف على ماذا؟! لا يخاف على شيء، روح المخاطرة والمغامرة تسيطر عليه فتجدد نشاطه كل حين، فلأجل ذلك لابد أن تكتسب من هذا الطفل روح الإقدام، ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي : ”إذا خفت من شيء فقع فيه، فإنّ انتظارك له أشد من وقوع فيه“.

    إذن المنطلق الأول هو: تجديد الطاقة، بعوامله الأربعة التي ذكرناها.
    المنطلق الثاني هو: النظام.


    لا يكون تغييرٌ بدون نظام، هناك أناسٌ يدعون إلى التغيير، لكن التغيير على أي أساس؟! على أي أيدلوجية؟! على أي مخطط؟! على أي برنامج؟! لابد من وضع برنامج، لا يمكن أن يكون هناك تغييرٌ ما لم تسبقه برامجُ، ما لم يسبقه تخطيط، ما لم يسبقه تنظيمٌ مدروسٌ دراسة دقيقة، وإلا يصبح التغيير عقيمًا وفاشلاً، إذن تغييرٌ بدون نظام تغييرٌ عقيمٌ وتغييرٌ فاشلٌ، لابد من وضع النظام، ورد عن الإمام أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه»: ”أوصيكما بتقوى الله وجميع أهلي وولدي ومن بلغه كتابي، وأوصيكم بنظم أموركم“ تنظيم الأمور هذا أمرٌ ضروريٌ.
    المنطلق الثالث: العقل الجمعي.


    نحن طبيعتنا... أكثرنا - لا أقول: كلنا - طبيعة أكثرنا طبيعة انفرادية استبدادية، عندما نريد أن نتحرك نتحرك وحدنا، عندما نريد أن نغير نغير وحدنا، حتى الإنسان منا إذا يريد أن يغيّر مستواه يحاول أن يغيّر مستواه لوحده، يغيّر مستواه الثقافي أو الإيماني أو المعاشي، يريد أن يخط الحياة وحده، وهذا خطأ كبيرٌ، التغيير يتوقف على لغة العقل الجمعي، التغير يتوقف على العمل الجماعي، التغيير يتوقف على نواة التعاون والتعاضد، لا يمكن لأي إنسانٍ أنْ يخط التغيير وحده، ولا يمكن لأي جماعةٍ أن تقوم بالتغيير وحدها، التغيير يحتاج إلى تظافر الجهود وتلاقح التجارب ودراسة جميع الأمور، ويحتاج إلى الاستفادة من الآراء والأفكار المختلفة، ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [8] ، وورد عن الإمام أمير المؤمنين علي : ”مَنْ شاور الناس شاركهم في عقولهم، ومن استبدّ برأيه هلك“، وورد عنه : ”لا ظهير كالمشاورة“، إذن لغة العقل الجمعي منطلقٌ أساسٌ من منطلقات التغيير الإيجابي.
    المنطلق الرابع: عظمة الهدف.


    حتى يكون تغييرك تغييرًا إيجابيًا لابد أن يكون هدفك هدفًا كبيرًا، نحن مع الأسف أحيانًا نركّز على أهداف صغيرة، وعلى أهداف مرحلية، على هدف يتحقق على مدى سنة، سنتين، شهر، شهرين... لكي يكون التغيير إيجابيًا خلاقاً فاعلاً لابد أن يكون الهدف هدفًا كبيرًا وعظيمًا، بمقتضى وبمقدار كبر الهدف وعظمة حجم الهدف يكون التغيير أكثر فاعلية وتأثيرًا، ولذلك ترى الأئمة الطاهرين «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» لا يلتفتون للآلام ولا للضحايا ولا لل... لماذا؟! لعظمة الهدف الذي رسموه لأنفسهم، الحسين يقول: ”هوّن ما نزل بي أنه بعين الله“ يعني: هذه الآلام وهذه الضحايا وهؤلاء الشهداء وما بذلت من نفسٍ ونفيسٍ كله يهون عندي ما دام الهدف عظيمًا، ”هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله“.
    المنطلق الأخير: زرع روح التفاؤل والثقة.


    لا يكون تغييرٌ بدون تفاؤل، روح التشاؤم تقضي على التغيير، الإنسان الذي يتشاءم لا يمكن أن يتغير، إنسانٌ يدخل الجامعة وهو متشائمٌ مستحيلٌ أن ينجح، إنسانٌ يخوض تجارة وهو متشائمٌ مستحيلٌ أن يربح، التفاؤل هو المعين الذي يستمد منه الإنسانُ الناجحُ في مجال تغييره، لذلك ركّزت النصوص الإسلاميّة على ضرورة التفاؤل في مسار التغيير الإيجابي، لاحظوا: ورد عن النبي : ”تفاءلوا بالخير تجدوه“.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X