المسار الاعلامي في العراق يمر بأزمة وتأثر؛ بسبب المراحل الزمنية الصعبة والعصيبة التي مر بها منذ أكثر من أربعين عاماً بمطبات وانتكاسات ومضايقات وانتهاكات.
وزاد الطين بلة الانفتاح الاعلامي بعد 2003 م غير المبرمج لضعف القواعد القانونية التي تقف حائلاً أمام الاتهامات والاختراقات والتخلفات والتجاوزات البعيدة عن الحكمة. لذا نشاهد الكثير من الكذب والافتراءات الباطلة بين الأحزاب والتيارات والشخصيات المنضوية تحت ألوية تلك الكيانات، وتطل علينا من خلال تلك الوسائل واستغلالها بثمن بخس بعيداً عن العرف الاجتماعي والثقافي الرزين، وأهم من ذلك كله الوازع الديني والاخلاقي الذي يُعرف به مجتمعنا، ودخول مفاهيم ومصطلحات جديدة لم تكن معروفة لدينا سابقاً، وزادت وتيرتها، وازدادت ايضاً فلتات اللسان وتصاعدت بشكل يبعث على الأسى، وقد اثرت على الوضع النفسي وسلامة الشارع العراقي.
نحن اليوم قلقون من سقوط القيم الاخلاقية الصالحة عند البعض في المجتمع، المعول من أولئك الأفراد الذين يتحتم عليهم الدفاع عن تلك القيم المجتمعية الناصعة التي تسود منذ آلاف السنين العمل الجاد لوقف مثل هذه الأفعال، ويوجب عليهم الحفاظ على كرامة الانسان والاخلاق السمحاء والتوجه نحو الاصلاح وشد العزم قبل فوات الأوان والوقوف امام تلك الفقاعات والاتهامات الباطلة والكذب والتسقيط المبرمج حفظاً لأواصر المحبة بين أركان المجتمع.
إن بلدنا يحمل في طياته معايير العزة والشموخ، ولدينا كبار الشخصيات الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية يمكن أن نفتخر بهم ونحافظ عليهم من غبار التلوث ويجب ان نحترمهم لا بل نقدسهم لأنهم الرأسمال الابدي في الحياة.
أما الاعلام فيتحمل المسؤولية، وأصبح مادة دسمة يمكن ان يباع ويشترى فيه القلم لخدمة اغراض فئوية مختلفة في المجتمع بعيداً عن مصاديق العمل والمهنية والأخلاق؛ لأن بعض الاعلاميين باعوا أقلامهم بأبخس الاثمان لا توازي تاريخهم وتم استغلالهم لتسقيط الاخرين مع جل احترامي لمن يحمل الصفات الحسنة الملتزمة وهم كثرة والحمد لله في وطننا.
ان سياسة التجريح وهتك الحرمات والتجاوز على سمعة الافراد والمجتمع يجب ان يكون خطاً احمر لا يجوز المساس به وعبوره بهذه الراحة مهما كانت الاسباب؛ كي نحافظ على مورثنا الغني تاريخياً وعقائدياً.
ان اعداءنا يستغلون الفرص الان، وفي هذه الظروف، واتباع كل السبل الرخيصة للإيقاع بانسانيتنا ويسعون لمسخ الهوية الثقافية بوسائل دنيئة لغرض ترويج المثل الدخيلة وابعاد مجتمعنا عن هويته، وترويج الانحرافات التي تؤدي الى سقوط تلك الثوابت، والان اصبح معلوماً عند الجميع والقلق على اشده لمستقبل غير واضح المعالم اذا استشرت تلك الظواهر بالنمو ودون أن يقف العقلاء من كبار القوم امامها.
على هؤلاء التوقف عن كيل التهم لبعضهم البعض الآخر دون وجهة حق، ونضع ايدينا معاً لدراسة المشاكل والمعوقات الاساسية التي يعاني منها وطننا بعيداً عن المفاهيم غير المنطقية ودون توجيه الاتهامات وبروح المواطنة والحرص على الاطر الواقعية التي املاها علينا ديننا الحنيف والابتعاد عن التشكيك والتضليل والخروج بخارطة طريق تبعدنا عن الانحراف والمخاطر الجمة التي قد تطيح بقيمنا الرفيعة.
والاستفادة من مخزوننا الديني لحماية المجتمع من الزلل والانحطاط الذي يريده الغير لنا، وعلينا ان نكتب بوحي ما يرضي الله سبحانه وتعالى، والمرحلة تتطلب من الجميع العمل من اجل الحفاظ على ارثنا وقيمنا وثقافتنا الغنية بالمثل وعلينا التوجه لإصلاح الخلل والابتعاد عن الشائعات والنطق البذي والشتم والسباب الرخيص الذي ملأ صفاحات التواصل الاجتماعي؛ كي لا نفقد ميراثنا الغزير بالمفاهيم القيمة الرائعة والعمل على خلق أسس جديدة لمحاوراتنا السياسية والاجتماعية والثقافية وحفظ الارث الحضاري والتاريخي والديني ولنرسم صورة زاهية ومستقبلاً زاهراً وحياة هنية بعيدة عن التوترات والمناوشات الجارحة؛ كي نحافظ على هويتنا الإنسانية الإسلامية المؤمنة.