كانت مدرسة (مريم) بعيدة جداً والطريق طويلاً، ولكنها أحياناً لا تشعر بالتعب؛ لكونها تقضي الوقت بالحديث مع صديقاتها، وذات يوم أخذت تسير بجنبها صديقتها (وسن)، فقالت: غداً أذهب مع أهلي إلى السوق لنشتري شجرة الميلاد والحلوى، أما أنا فسوف أشتري معطفاً أحمر يشبه معطف باب نويل، لكي نحتفل، فلم يبقَ إلّا ثلاثة أيام عن عيد الكريسماس، وأنتِ هل تشترين شيئاً للاحتفال؟
أجبتها: لا، لم اشتر ولن احتفل..!
ردت (وسن) بغرابة: ولماذا؟! العالم كله يحتفل بهذه المناسبة.
انزعجت (مريم) من هذا الكلام، وراحت تنصح صديقتها بأن لا تشترك بهكذا مناسبات؛ لكونها ترمز إلى عقيدة منحرفة تدعو إلى الضلال.
ثم قالت: أتعلمين أن أصل كلمة كريسماس مكونة من مقطعين:
الأول: هو المخلص.
والثاني: يعني ابن، والمقصود به النبي عيسى (عليه السلام)
وهذا ما يعتقد به النصارى بعيسى (عليه السلام) وحاشاه أن يكون كذلك، وهو الذي أخبر عنه القرآن بأنه عبد من عبادنا، وأن الله تعالى لم يلد ولم يولد...
هذا بالنسبة لكلمة كريسماس..
وأما شجرة عيد الميلاد بلونها الأخضر، فإنها ترمز إلى الحياة الأبدية، أما ثمارها الحمراء باعتقادهم فتعني دم المسيح المصلوب، وهذا غير صحيح؛ لأن النبي عيسى (عليه السلام) لم يُصلب بل شُبّه لهم؛ لأن الله رفعه... قاطعتها (وسن) قائلةً: ما هذا الكلام أوه (مريم) كم أنتِ متخلّفة ولا تعلمين شيئاً عن الناس المثقفين؟!
ردت عليها (مريم) بكل هدوء: أرجوا أن تنتبهي إلى كلامك، ولا تتكلمي بهذه الطريقة، أتعلمين من هو المثقف؟
المثقف هو الذي عرفته معاجم اللغة بِعدّة معان منها (الحذق، وسرعة التعلم)، ولذا يطلق على الشخص المتعلم: مثقف. وليس هو من يقلد الغير بلبس معطف أحمر يشبه معطف دمية، كانت قبل باسم القديس نيكولاس، أو يحتفل بعد منتصف الليل إلى الصباح وسط أنغام الموسيقى المحرمة وهل تسمى هذه ثقافة؟!
اختلاط الرجال بالنساء في الشوارع أمام أضواءعُلقت على شجرة كبيرة، تسمى تحضّراً؟!
إذا كان الالتزام بتقاليد الدين والتمسك بنهج الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من باب شيعتنا: (يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا) يجعل مني متخلفة، نعم أفتخر بذلك على أن أقلّد الغير تقليداً أعمى يدعو إلى الكفر والضلال... لماذا لا نهتم بأعيادنا كاهتمامنا الآن بهذا العيد؟!
لدينا أعياد ومناسبات مفرحة أكثر منهم، ولكن لم نرَ أحداً من العالم احتفل معنا وقلّدنا بشيء..!
وبعد هذه الكلمات راحت (مريم) تسرع بخطواتها؛ لكي تبتعد عن (وسن) إلى أن وصلت إلى البيت.
وفي صباح اليوم التالي وصلت رسالة إلى (مريم) تقول:
عزيزتي الغالية أرجو أن تسامحيني، اعتذر عن كل كلمة سيئة صدرت مني، لقد فكرت بكلامك واقتنعت به، ولذلك لم أذهب إلى السوق لشراء المعطف الأحمر؛ لأنني لن احتفل بعيد الكريسماس أبداً... صديقتك (وسن).