سلسلة القصص المشاركة في مسابقة القصة القصيرة
المقامة ضمن فعاليّات مهرجان فتوى الدفاع المقدّسة الثقافيّ الرابع
تحت شعار: (أنتم فخرنا ومن نباهي بهم سائر الأمم)
هرعت الأم إلى أخيها تعانقه، وهي منذ زمن لم تره، ومع ابنه الذي كان في السجن، ومعهم أكياس فيها أنواع من الفواكه والمؤن والحاجيات التي اعتاد الخال على جلبها كلما سنحت له الفرصة.
عندما رأت زينب خالها وزوجته وولدهم الذي كان يقضي سجنه في سجن ابي غريب في بغداد، لا تعرف كيف تتصرف وهل تقدم على السلام عليهم أم تدخل غرفتها؟ تقول: بت من الخجل لا أشعر بقدمي، وبلحظة شعرت غير قادرة على النطق، تقدمت نحوي زوجة خالي وأخذتني بالأحضان وهي تهمس بأذني: جئنا لخطبتك يا زينب.. مما زاد في اضطرابي شعرت بعدم القدرة على النظر، وكأن أحداً مدّ يديه وأغلق العينين، ثم وقف خالي امامي للحظة متأملاً خجلي وقال: اللهم صل على محمد وال محمد عليهم السلام، ما هذا الحياء خالو؟ أخذ برأسي وقبله وقال: انا فخور بك، كان خالك دائم الحديث عنك وعن تدينك.
ثم تقدم نحو إبراهيم الذي كان له خجل ملحوظ قال: السلام عليكم اختي زينب حاولت رد الواجب من السلام وبالقدرة حدث ذلك، رفعت عيني عليه كان قد رماهما - عيناه - أمام اقدامه وكنت انا واثقة من انه لا ينظر اليّ فهو الذي دخل السجن لكثرة حبه للتقوى والورع.
ذهبت إلى غرفتي لا اعرف لماذا شعرت أن ذلك الراديو الصغير القديم هو صديقي ويعرف عني كل شيء، قبضت عليه بكلتا يدي شعرت انه يقول: يا زينب ستكسريني..!
حتى حل المساء طلبت أمي مني أن اختار من الدجاج أكبرها للذبح، فركضت أنا والأطفال سعياً للإمساك بها، وانا كلي أصبحت طفلة يستهويها الركض خلف البيت وفي كل مكان تلوذ به الدجاجة حتى استسلمت كما انا استسلمت للحلم الوردي الذي يطرق ابوابي..!
تعشى الحاضرون وهم يجلسون بباحة البيت الذي يشكل عبارة عن مستطيل تحيطه الغرف الطينية، وحديث سمر عائلي وأنا ابتعد عن مجلسهم حوالي العشرة مترات..
حتى قال الخال: يا زينب تعرفين لما نحن هنا..؟ فلم اتكلم وتسمرت بالأرض، قال: يا خالو أنا اخطبك لابني إبراهيم وهو يليق بك وانت به تليقين.
حمدت الله في قلبي اني انجزت الوعد وحفظت زينب لإبراهيم.
وصباحاً رحلوا بعد أن اتفقنا على أمور كثيرة وقد أصر ابراهيم على العقد الشرعي قائلاً: لن اسمح للشيطان أن يتدخل بهذا الزواج، ذهب ابراهيم وانا على ذمته، ولا أدري ما تغير فهو لم يقل شيئا او يتصرف ولكن بعد العقد شعرت بمسؤولية خطيرة وكبيرة انني تزوجت وعليّ كما حفظت زينب البنت عليّ حفظها محصنة، شعور فيه من الرهبة ما لا يشعر به الا من عرف معنى التحصين من الذنوب.
مرت ثلاثة شهور حتى اكمل إبراهيم استعداده للزواج، ثم جاء موفدا إلى أم زينب يخبرها بيوم مجيء خالها ليأخذها إلى بيتها وأمها معها، كان ذلك اليوم فيه الطقس بارداً شتوياً جداً، وعن طريق الركوب بالزورق عبروا إلى الضفة الثانية ليلاً ليستغلوا السير ليلاً إلى بغداد من إحدى المحافظات البعيدة والتي تبعد حوالي ٣٥٠ كيلومتر تقريبا، وكانت آنذاك السيارات التي تقطع هذه المسافة هي المرسيدس التي تأخذ ١٨ راكبا زرقاء يتوسطها خط أبيض يدور عليها من كل الجهات.
جلست زينب وأخريات من نساء القرية والرجال ولكن لسوء الحظ كانت النافذة التي تجلس عندها زينب مكسورة وتدخل الهواء البارد شديد البرودة، مما جعل الرحلة غير مريحة، وكلما حاولت تفادي تيار الهواء المندفع؛ بسبب سرعة السيارة لم تنجح، ولكن لأن الطريق طويل والوقت ليلاً غلب عليها النوم وغطت بعمق به..!
المقامة ضمن فعاليّات مهرجان فتوى الدفاع المقدّسة الثقافيّ الرابع
تحت شعار: (أنتم فخرنا ومن نباهي بهم سائر الأمم)
هرعت الأم إلى أخيها تعانقه، وهي منذ زمن لم تره، ومع ابنه الذي كان في السجن، ومعهم أكياس فيها أنواع من الفواكه والمؤن والحاجيات التي اعتاد الخال على جلبها كلما سنحت له الفرصة.
عندما رأت زينب خالها وزوجته وولدهم الذي كان يقضي سجنه في سجن ابي غريب في بغداد، لا تعرف كيف تتصرف وهل تقدم على السلام عليهم أم تدخل غرفتها؟ تقول: بت من الخجل لا أشعر بقدمي، وبلحظة شعرت غير قادرة على النطق، تقدمت نحوي زوجة خالي وأخذتني بالأحضان وهي تهمس بأذني: جئنا لخطبتك يا زينب.. مما زاد في اضطرابي شعرت بعدم القدرة على النظر، وكأن أحداً مدّ يديه وأغلق العينين، ثم وقف خالي امامي للحظة متأملاً خجلي وقال: اللهم صل على محمد وال محمد عليهم السلام، ما هذا الحياء خالو؟ أخذ برأسي وقبله وقال: انا فخور بك، كان خالك دائم الحديث عنك وعن تدينك.
ثم تقدم نحو إبراهيم الذي كان له خجل ملحوظ قال: السلام عليكم اختي زينب حاولت رد الواجب من السلام وبالقدرة حدث ذلك، رفعت عيني عليه كان قد رماهما - عيناه - أمام اقدامه وكنت انا واثقة من انه لا ينظر اليّ فهو الذي دخل السجن لكثرة حبه للتقوى والورع.
ذهبت إلى غرفتي لا اعرف لماذا شعرت أن ذلك الراديو الصغير القديم هو صديقي ويعرف عني كل شيء، قبضت عليه بكلتا يدي شعرت انه يقول: يا زينب ستكسريني..!
حتى حل المساء طلبت أمي مني أن اختار من الدجاج أكبرها للذبح، فركضت أنا والأطفال سعياً للإمساك بها، وانا كلي أصبحت طفلة يستهويها الركض خلف البيت وفي كل مكان تلوذ به الدجاجة حتى استسلمت كما انا استسلمت للحلم الوردي الذي يطرق ابوابي..!
تعشى الحاضرون وهم يجلسون بباحة البيت الذي يشكل عبارة عن مستطيل تحيطه الغرف الطينية، وحديث سمر عائلي وأنا ابتعد عن مجلسهم حوالي العشرة مترات..
حتى قال الخال: يا زينب تعرفين لما نحن هنا..؟ فلم اتكلم وتسمرت بالأرض، قال: يا خالو أنا اخطبك لابني إبراهيم وهو يليق بك وانت به تليقين.
حمدت الله في قلبي اني انجزت الوعد وحفظت زينب لإبراهيم.
وصباحاً رحلوا بعد أن اتفقنا على أمور كثيرة وقد أصر ابراهيم على العقد الشرعي قائلاً: لن اسمح للشيطان أن يتدخل بهذا الزواج، ذهب ابراهيم وانا على ذمته، ولا أدري ما تغير فهو لم يقل شيئا او يتصرف ولكن بعد العقد شعرت بمسؤولية خطيرة وكبيرة انني تزوجت وعليّ كما حفظت زينب البنت عليّ حفظها محصنة، شعور فيه من الرهبة ما لا يشعر به الا من عرف معنى التحصين من الذنوب.
مرت ثلاثة شهور حتى اكمل إبراهيم استعداده للزواج، ثم جاء موفدا إلى أم زينب يخبرها بيوم مجيء خالها ليأخذها إلى بيتها وأمها معها، كان ذلك اليوم فيه الطقس بارداً شتوياً جداً، وعن طريق الركوب بالزورق عبروا إلى الضفة الثانية ليلاً ليستغلوا السير ليلاً إلى بغداد من إحدى المحافظات البعيدة والتي تبعد حوالي ٣٥٠ كيلومتر تقريبا، وكانت آنذاك السيارات التي تقطع هذه المسافة هي المرسيدس التي تأخذ ١٨ راكبا زرقاء يتوسطها خط أبيض يدور عليها من كل الجهات.
جلست زينب وأخريات من نساء القرية والرجال ولكن لسوء الحظ كانت النافذة التي تجلس عندها زينب مكسورة وتدخل الهواء البارد شديد البرودة، مما جعل الرحلة غير مريحة، وكلما حاولت تفادي تيار الهواء المندفع؛ بسبب سرعة السيارة لم تنجح، ولكن لأن الطريق طويل والوقت ليلاً غلب عليها النوم وغطت بعمق به..!