إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

★القرأن شفاء وموعظة ★

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ★القرأن شفاء وموعظة ★

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (سورة يونس آية57)



    وصف القرآن نفسه بأنه شفاء لما في الصدور، وعندما يذكر الشفاء يتبادر إلى الذهن موضوع المرض لأن الشفاء إنما يعني تجاوز حالة المرض والألم، فعندما يقال شفي فلان من مرضه فهذا يعني أنه كان مريضاً.

    وإذا كان القرآن الكريم يعتبر نفسه شفاء، فهذا يعني أنه ينبئ عن افتراض إصابة نفوس أبناء البشر بالأمراض، كما الجسم يصاب بالمرض

    إن مرض الجسم يعني وجود خلل في جهاز أو عضو من أعضائه فيمنع هذا العضو من أداء دوره بشكل طبيعي فينتج عن ذلك مضاعفات وآلام وتعويق، وحينما يحصل المرض في جسم الإنسان فإنه يندفع لمعالجته، لأن بقاءه يسبب له مشاكل، كما أن إبقاءه دون علاج يرشح المرض للتطور والزيادة.

    ومثل هذا ما تصاب به النفس، فالنفس هي: مجموعة المشاعر والعواطف والغرائز الموجودة عند الإنسان وطريقة تعامله معها، وطريقة إشباعه لها، فلكل غريزة من غرائز الإنسان، وكل عاطفة من عواطفه، وكل جانب من جوانبه يؤدي دوره المهم في تكوين نفسيته وما انتظام حياة الإنسان إلا بانتظام هذه الغرائز، وأداء كل واحدة دورها الطبيعي الذي خلقت من أجله.

    والمشكلة في الجانب الروحي أن كثيراً من أعراضه يصعب استشعارها لدرجة أن الإنسان يمارس حياته وكأنه إنسان طبيعي سوي، وهو يحمل في طوايا تلك النفس أخبث الأمراض وأخطرها على نفسه وعلى الإنسانية أجمع .

    المرض النفسي ربما يبدأ بسيطاً لكنه يتضخم حتى يفقد الإنسان توازنه ويسبب له التعويق في تعاطيه مع ربه، ومع نفسه ومع الناس، وعلى هذا فينبغي علاج النفس كما نعالج خلل البدن لئلا يزداد ويستفحل، ومن ثم يعيق مسيرة حياة الإنسان السوي على هذه الأرض .

    وربما كان هذا الأمر بيناً واضحاً لدى بني البشر ولكن السؤال المحير: كيف نعالج هذه الأمراض النفسية ؟

    لقد قدم الإنسان كثيراً من الضحايا وكثيراً من التجارب حتى وصل إلى ماهو عليه الآن من تكنولوجيا الطب وتقنيته، وصار له في المجال الجسمي أطباؤه وصيادلته ومستشفياته ومصحاته .. وتمكن من معالجة الكثير من الأمراض التي كانت تخفى على الأطباء بالأمس.

    وكذلك الأمراض النفسية تحتاج للعلاج، ولكن لو ترك الإنسان وعقله وفطرته، فإنه قد يصل إلى الحل لكنه سيدفع من أجل ذلك الكثير الكثير من المعاناة ويسير التخبط لزمن طويل.

    وما يزيد الأمر خطورة أن الأمراض الجسمية ليس هناك مراكز قوى ومصالح – في الغالب – تسعى للإطاحة بجسم الإنسان وتعويقه كما في مراكز القوى التي تكرس جهودها لتخدير الشعوب والعبث بنفوسهم وعقولهم، فاختصر الله الخالق سبحانه للإنسانية العلاج للخلاص من أمراضهم النفسية والروحية بهذا الهدي الإلهي الذي جاء في آخر صورة منه بعد سلسلة الأنبياء والمرسلين متمثلا في القرآن الكريم.

    ولهذا جاء التعبير القرآني ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ ليكون خطاباً لكل الناس لكل البشر الذين يتعرضون للمرض ﴿ قَدْ جَاءَتْكُمْ ﴾ تقصدكم وتتعرض لكم أنتم .. ثم جاءت الآية الشريفة تحكي مراحل التربية والتزكية [1] .

    المرحلة (1): مرحلة الموعظة الحسنة والنصيحة ﴿ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾

    المرحلة (2): تطهير الروح من الرذائل والنقائص ﴿ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾

    والمرحلة (3): الهداية إلى المعارف الحقة والأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة ﴿ وَهُدىً ﴾

    المرحلة (4) والأخيرة: هي مرحلة الاستقرار في الرحمة والنعمة والسعادة ﴿ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾

    وفي الحديث عن النبي: « القرآن هو الدواء » دواء لأمراض النفس والمجتمعات وكل مشاكل الحياة.

    والإمام علي يقول في خطبته عن القرآن « واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لايغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى أو نقصان من عمى، واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد بعد القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإنه فيه شفاء من أكبر الداء » [2] .

    والقرآن الكريم : «أبلغ موعظة» كما يقول الإمام الحسين فهو يحتوى حقائق علمية في مختلف المجالات، ولكنه في جانبه الأكبر موعظة تخاطب الوجدان والضمير، ويذكر الإنسان بضعفه وحاجته إلى الله سبحانه وتعالى، ويذكر الإنسان بمصيره وأنه سوف يموت ويفنى، ويذكره بالمسؤولية التي تحملها على عاتقه وأن كل أعماله وتصرفاته محسوبة عليه، وأنه محاسب عليها يوم القيامة، ويذكره بالمصير الأخروي والجنة والنار والثواب والعقاب .. وهذا التذكير الدائم المتواصل ينبغي على قاريء القرآن أن يتفاعل معه وأن لايمر عليه مرور الكرام، ولا يقرأ آيات العذاب مثلاً وهو منصرف عنها بوجدانه وأحاسيسه، فيضحك ويهزأ وكأنها لاتعنيه، بل ينبغي علينا أن نتأمل القرآن بوجداننا ومشاعرنا ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ (الزمر: آية23)

    حينما تمر على أي آية من آيات القرآن انفتح عليها نفسياً فهي تخاطب ضميرك ووجدانك، لاتقرأ القرآن كما تقرأ كتاباً علمياً يضيف إلى معلوماتك معلومة جديدة،وإنما اقرأه ككتاب موعظة يخاطب وجدانك وضميرك،ويرجعك إلى حقيقتك ويضعك أمام مسؤوليتك، هذا ما يجب أن ننتبه إليه في قراءتنا للقرآن الكريم، وهذا ما يجب أن يحافظ عليه الخطاب الديني بشكل عام، لأن الخطاب الديني لايتخاطب فقط مع الجانب العقلي وإنما يمزجه مع الخطاب الوجداني لدى الناس، ومن يراجع القرآن الكريم يجده يصوغ خطاباته العلمية بطريقة وجدانية فطرية،وما على الإنسان إلا أن يفسح لها المجال لتلج إلى نفسه وتتغلغل فيها.


    ★★★★★★★★★

    [1] تفسير الأمثل ( 6 / 353 ).
    [2] الخطبة ( 176 ) من نهج البلاغة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X