إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العنف والإساءة ممارسة مرفوضة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العنف والإساءة ممارسة مرفوضة



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    الحياة الزوجية علاقة بين شخصين رجل وامرأة، تمسّ هذه العلاقة كلّ أبعاد شخصيتهما النفسية، والجسمية، والاجتماعية، والمادية، حيث تصبح حياتهما مشتركة متداخلة، وقد شبّه القرآن الكريم هذا الالتصاق والتداخل بين الزوجين بالتصاق اللباس بالجسم: قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾.

    وكذلك فإنّ اللباس ستر للجسم يقيه الحرّ والبرد والغبار والأوساخ، وهو زينة وجمال، وهذا مما تحقّقه الحياة الزوجية للطرفين.

    ولكلِّ واحدٍ من الزوجين شخصيته الخاصة المستقلة التي تشكلت من خلال العوامل الوراثية والتربوية والمعيشية، فلكلٍّ منهما ذاته الفردية، وطبيعته، ومزاجه، وميوله، وقد يتفاوت مستواهما ثقافيًّا أو مزاجيًّا وأخلاقيًّا، ومهما كانت درجة التوافق والتقارب في الصفات والسِّمات بينهما، تبقى احتمالات الاختلاف في المزاج والتفكير والرغبة قائمة في بعض الموارد والمواقف.

    من هنا لا بُدّ وأن يقرّر الطرفان استيعاب هذه الحالة وحسن إدارتها. فلا يتوقع أيٌّ منهما التوافق مع الآخر في كلّ شيء.

    ونجد في حياة رسول الله هذا الدرس واضحًا، فهو في قمّة الكمال الروحي والأخلاقي، وزوجاته يعرفن فضله، ويعتقدن بنبوته ومكانته عند الله، وقيادته وزعامته في المجتمع، لكنّ ذلك لم يمنع حصول بعض المشاكل في حياته الزوجية من قبل بعض أزواجه، فكان يستوعب ذلك بسعة صدره، ليقول لكلِّ زوج: إنّ عليه أن يستوعب مشاكل حياته الزوجية.

    ولا يليق بالرجل أن يستخدم موقع سلطته في بيته، ولا قوته وقدرته، في تعامله مع زوجه التي تعيش في ظلّه وتحت رعايته.

    إنّ جوهر أخلاق الإنسان يتجلّى في معاملته مع زوجه، فقد ورد عن النبي أنه قال: أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا، وخيارُكُم خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهمْ

    وقد روي عنه : ما أكرمَ النِّساءَ إلَّا كريمٌ، ولا أهانَهنَّ إلا لئيمٌ.

    وورد عن عائشة: ما ضربَ رسولُ اللَّهِ خادمًا لَه ولا امرأةً .

    وعنه : «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَعِيفَين: اليَتِيم والمَرْأَة»

    وعنه : لَا يَفْرَكْ- أي لا يبغض- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ .

    يقول تعالى: ﴿فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾
    .
    أجواء المودة والاحترام


    حين يتحدّث القرآن الكريم عن العلاقة الزوجية يميّزها بسمتين: المودة والرحمة، يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ .

    والمودّة تعني المحبّة والاشباع العاطفي، أما الرحمة فتعني الشفقة حين يكون الآخر في موقع ضعف.

    ونقرأ في السّيرة النبوية شواهد كثيرة عن إغداق النبي محبّته وعطفه واحترامه لزوجاته، فلم يكن في حياته الزوجية يمارس هيبته وقوة شخصيته، بل كان يضفي على أجواء علاقته العائلية حال التفاعل والأريحية والمسرّة.

    ورد عن ابن عباس: " كَانَ رسولُ اللهِ إذا صلَّى الصُّبحَ، جلسَ في مُصلَّاه، وجلسَ النَّاسُ حولَه حتى تَطلعَ الشَّمسُ، ثم دخلَ على نِسائِه امرأةً امرأةً، يُسَلِّمُ عليهِنَّ، ويدعو لهنَّ، فإذا كان يومُ إحداهُنَّ جلسَ عِندَها"

    هكذا كان يهتمّ بلقاء أزواجه وتفقدهنّ ومحادثتهنّ وإشعار كلّ واحدة منهنّ بالاهتمام يوميًّا صباحًا ومساءً.

    وفي المناقب لابن شهراشوب: أنه كَانَ يَخْدُمُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ وَيَقْطَعُ اَللَّحْمَ .

    وعن عائشة: "أنَّ رَسُولُ اللهِ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ مَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ" أي يشارك زوجه في المهام المنزلية ولا يأنف من ذلك.


    وعن أنس، بلغَ صفيَّةَ أنَّ حفصةَ قالت بنتُ يهودِيٍّ فبكت، فدخلَ عليها النَّبيُّ وهيَ تبكي، فقالَ: ما يبكيكِ؟ قالتْ: قالتْ لي حفصةُ إنِّي بنتُ يهوديٍّ، فقالَ النَّبيُّ : وإنَّكِ لابنةُ نَبِيٍّ، وإنَّ عمَّكِ لنبيٌّ، وإنَّكِ لتحتَ نبيٍّ، ففيمَ تفخرُ عليكِ.

    "لابنةُ نَبيٍّ"، وهو هارونُ بنُ عِمرانَ ؛ لأنَّها مِنْ ذُريَّتِهِ، "وإنَّ عَمَّكِ لنَبيٌّ"، أي: موسى بنُ عِمرانَ كليمُ اللهِ .


    إننا بحاجة للاهتداء بهذه السيرة النبوية، لكي تكون حياتنا الأسرية أكثر سعادةً واستقرارًا، فيتحمّل كلٌّ من الزوجين ويستوعب حال الاختلاف مع زوجه، وألّا يتم اللجوء إلى استخدام العنف والإساءة في الحياة الزوجية، وأن يكون التعامل بين الزوجين قائمًا على أساس الحب والاحترام والمرح والمسرّة.
    التعديل الأخير تم بواسطة يازهراء; الساعة 20-05-2022, 06:47 PM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X