بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الحياة الزوجية علاقة بين شخصين رجل وامرأة، تمسّ هذه العلاقة كلّ أبعاد شخصيتهما النفسية، والجسمية، والاجتماعية، والمادية، حيث تصبح حياتهما مشتركة متداخلة، وقد شبّه القرآن الكريم هذا الالتصاق والتداخل بين الزوجين بالتصاق اللباس بالجسم: قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾.
وكذلك فإنّ اللباس ستر للجسم يقيه الحرّ والبرد والغبار والأوساخ، وهو زينة وجمال، وهذا مما تحقّقه الحياة الزوجية للطرفين.
ولكلِّ واحدٍ من الزوجين شخصيته الخاصة المستقلة التي تشكلت من خلال العوامل الوراثية والتربوية والمعيشية، فلكلٍّ منهما ذاته الفردية، وطبيعته، ومزاجه، وميوله، وقد يتفاوت مستواهما ثقافيًّا أو مزاجيًّا وأخلاقيًّا، ومهما كانت درجة التوافق والتقارب في الصفات والسِّمات بينهما، تبقى احتمالات الاختلاف في المزاج والتفكير والرغبة قائمة في بعض الموارد والمواقف.
من هنا لا بُدّ وأن يقرّر الطرفان استيعاب هذه الحالة وحسن إدارتها. فلا يتوقع أيٌّ منهما التوافق مع الآخر في كلّ شيء.
ونجد في حياة رسول الله



ولا يليق بالرجل أن يستخدم موقع سلطته في بيته، ولا قوته وقدرته، في تعامله مع زوجه التي تعيش في ظلّه وتحت رعايته.
إنّ جوهر أخلاق الإنسان يتجلّى في معاملته مع زوجه، فقد ورد عن النبي

وقد روي عنه

وورد عن عائشة: ما ضربَ رسولُ اللَّهِ

وعنه

وعنه

يقول تعالى: ﴿فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾
.
أجواء المودة والاحترام
حين يتحدّث القرآن الكريم عن العلاقة الزوجية يميّزها بسمتين: المودة والرحمة، يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ .
والمودّة تعني المحبّة والاشباع العاطفي، أما الرحمة فتعني الشفقة حين يكون الآخر في موقع ضعف.
ونقرأ في السّيرة النبوية شواهد كثيرة عن إغداق النبي

ورد عن ابن عباس: " كَانَ رسولُ اللهِ

هكذا كان

وفي المناقب لابن شهراشوب: أنه

وعن عائشة: "أنَّ رَسُولُ اللهِ

وعن أنس، بلغَ صفيَّةَ أنَّ حفصةَ قالت بنتُ يهودِيٍّ فبكت، فدخلَ عليها النَّبيُّ


"لابنةُ نَبيٍّ"، وهو هارونُ بنُ عِمرانَ


إننا بحاجة للاهتداء بهذه السيرة النبوية، لكي تكون حياتنا الأسرية أكثر سعادةً واستقرارًا، فيتحمّل كلٌّ من الزوجين ويستوعب حال الاختلاف مع زوجه، وألّا يتم اللجوء إلى استخدام العنف والإساءة في الحياة الزوجية، وأن يكون التعامل بين الزوجين قائمًا على أساس الحب والاحترام والمرح والمسرّة.