الخصائصالإجتماعية


يغادر الطفل الحياةالفردية في حدود سن الرابعة أو الخامسة ويأنس بالحياة الإجتماعية شيئا فشيئا . وخلال دخول المدرسة في سن السادسة أو السابعة ينخرط في حياة إجتماعية أوسع نسبيا .
ويبلغ الميل الى حياة الجماعة في سن الحادية عشر حدا دفعالبعض الى وصف هذه الفترة بفترة اللهو الجماعي.
فالشخصيةترتبط في هذه المرحلة بعلاقات إجتماعية أوسع، ويقل تعلقها بالأسرة ، وتعمل بشكلأسرع على إنتخاب الأصدقاء وبحسب تعبير أحد العلماء ، فإن الموضوع الأساس في علاقاتالمراهق أو المراهقة مع الآخرين هو الخروج التدريجي من الحالة الطفولية ومن التقوقعفي الأسرة والإطلال على حياة الجماعة في الخارج والإنخراط فيها.
الحياةالإجتماعية

أجل لتكون المراهقة، في هذه المرحلة ، قد غادرت حياة التبعية للآخرين ، وهي تسعى الآن الى بناء حياتهاالإجتماعية المستقلة . وبطبيعة الحال ، فإن الإنخراط في الحياة الإجتماعية رغمالإيجابيات الكثيرة التي تتخلله ، قد يرافقه سلبيات ومفاسد عديدة أيضا على أثرمعاشرة رفاق السوء والإنحراف.
ففي هذه المرحلة تشعرالفتيات أنهن قد تحررن من القيود والمكبلات السابقة ، ولابد أن تكون لهن رؤيتهنالخاصة وقرارهن المستقل بشأن روابطهن الإجتماعية الجديدة . وإن تحقق هذه الرغبة لايصب ـ دائما ـ في صالحهن،
62

خصوصا حين يسعينالى الإنعتاق التام من وصاية وإشراف أولياء الأمور على شؤونهن ، والى التوجه الشاملالى الإرتباط بالصديقات.
العلاقةبالوالدين

إن أغلب أولياءالأمور يشكون من حالة المشاكسة والتمرد لدى أبناءهم في سن المراهقة . ولندرة حالاتالطاعة والالفة بين أفراد هذه الفئة ، نلاحظ أن بعض أولياء الأمور يتفاخرون بنجابةوالفة أبنائهم إذا شاهدوا شيئا من الطاعة لأوامرهم ونواهيهم من قبلهم. ومن لا يفخربهذه الحالة الأخيرة ولا يدعي أن أبناءه يثقون به وينفتحون عليه في كل شؤونهم ؟ !
وبعبارة أخرى : فإن أغلب المراهقين يبتعدون عن والديهممن الناحية العاطفية ، ويعصون أوامرهم ، وقد يبادرون حتى الى الوقوف بوجوههم في بعضالموارد. وتعود بواعث هذه المواقف الى أن المراهقين يعتبرون أولياء أمورهم أناسمتعصبون وجافون ومعارضون لأساليب الحياة العصرية(1).
فقد تبادر أحيانافتاة ناشئة الى إنتقاد والدتها بقولها إنها تفكر بعقلية قديمة ومتخلفة ، لأنها لاتسمح لها ، مثلا ، بالإشتراك في البرنامج أو الحفل الكذائي. وهكذا تذهب أمثال هذهالفتاة الى نعت أولياء الأمور بمختلف النعوت السلبية لأنهم لا يسمحون لهن بالتصرفوفق رغباتهن دائما.
فمن أجل التغلب على الشعور بالنقصوإثبات الشخصية ، تنزع الفتاة أحيانا الى التمرد على إرادة الأبوين ، بل وحتى الىالإستخفاف بآرائهما . وبالطبع فإن هذه الحالة من الممكن أن تؤدي ، كما يشير علماءالتحليل النفسي ، الى إبتلاءالمراهقة بعقدة أوديب التي تولد الحقد والكراهية تجاهالأبوين.
(1) المراهقة ، الدكتور جعفر الكرماني ، ص 51 .


الصداقات

تسعى الفتيات خلالفترة المراهقة الى العثور على صديقات يمكن الوثوق بهن ، وذلك من أجل أن يجعلنهنموضع أسرارهن وإستشاراتهن في شؤونهن الخاصة ، كما ويحرصن على توثيق عرى هذهالصداقات من خلال تقديم الخدمات والهدايا لبعضهن ، وبطبيعة الحال تتميز مثل هذهالصداقات بخلوص النوايا وصدق السرائر ، ونادرا ما يمكن أن تخللها الشوائب.
ولأن الفتيات يحرصن على الإحتفاظ بصديقاتهن ، وعدم التفريط بهن ،لذا فإنهن يملن الى تقليدهن في السلوك ، والزينة ، والملبس و ... وهذه الحالةبذاتها قد تكون أرضية للسقوط في مستنقع الفساد والرذيلة والإنحراف كما ويمكن أنتكون سببا لزيادة الوعي والهداية والرشاد.
التطرف فيالصداقة

كما وتتطرف الفتياتفي علاقات الصداقة ، أحيانا ، بشكل غير طبيعي، ويعرضن أنفسهن لمشاق كبيرة من أجل أنيثبتن إخلاصهن وحبهن للطرف المقابل ، حتى أنه لوحظت حالات من الحاق الأذى بالنفسبهدف التدليل على مثل هذا الشيء.
إن إنغماس الفتاةالمراهقة في اوساط قريناتها في السن ، وأخذ أعرافها على أنها أشياء مصانة من الخطأ، من شأنه أن يبعدها عن الأسرة في وقت ما تزال فيه بحاجة الى التوجيه والإرشادالخارجي من أجل ضبط عواطفها.
ومن الأعراض الخطيرة التينواجهها خلال سني المراهق يمكن الإشارة الى حالة الإفتتان بالأشياء لدى الفتيات. ولا يفوتنا ذكر حقيقة أن مميزات فترة المراهقة الميل الى تبادل الإعجاب والإرشاد معقرينات السن.

فللكثير من الفتياتصديقات صميمات يودعن لديهن أسرارهن ، وقد تؤدي مثل هذه الصداقات التي تصل الى درجةالإفتتان بالمقابل أحيانا ، الى الإندفاع في مسالك منحرفة ، بإعتبار إن الفتاة لاتستطيع أن ترد طلبا للصديقة التي تحبها الى حد الإفتتان بها.
وقد تبادر الفتيات في عالم الإفتتان الى تبادل رسائل عاطفيةملتهبة فيما بينهن ، يسطرن خلالها عبارات الحب والشوق والالم.
ولا يعني ذلك أن جميع الصداقات وحالات الهيام والإفتتان ببعض ، فيأوساط هذه الفئة ، ناتجة بالضرورة عن ميول ورغبات جنسية . فقد تكون ناتجة عن ميولجنسية وقد لا تكون كذلك ، لكنها في الغالب الأعم صداقات بريئة.
التمرد علىالأعراف

إن مرحلة المراهقةهي مرحلة التمرد ، التمرد على الكثير من العادات والتقاليد والأعراف السائدة فيالأسرة والمجتمع والتسرع في الحكم على القضايا خلال البحث عن الجديد والحديث منأساليب الحياة.
إن الميل نحو التجدد ، وتجاوز العاداتوالتقاليد ، وعدم الالتزام بما يعتبره الكبار مقدسا ، من قبل الفتيات في هذه السن ،يرجع في أسبابه النفسية الى نوع من الرغبة بالتنفيس عن الإحتقانات العاطفية.
ولذا فلا عجب إذا ما ظهرن بمظاهر مضحكة فيما يرتدينه منأزياء وما يستخدمنه في تزيين أنفسهن . إن رأي زميلاتهن في هذا المجال أهم بالنسبةلهن من رأي أولياء الأمور والمربين.
إن الفتاة خلالمرحلة المراهقة تفقد ثقتها تقريبا بجميع الذين كان لهم تأثير في حياتها في أوقاتسباقة ، فتصبح عصبية وحادة المزاج الى درجة تلاقي

صعوبات كبيرة في الإنفتاح على الكبار.
وبعبارة أخرى ، تميل الفتاة خلال هذه الفترة الى حصرعلاقاتها في إطار محدود وعدم الإنفتاح على الجميع ، لخشيتها من أن يؤدي إنفتاحهاعلى الآخرين ، ومنهم أولياء الأمور والمعلمين الى أن يسخروا من أحاسيسهم ومشاعرهم.
إن من شأن إنطواء الفتيات على أنفسهن وإبتعادهن عنالكبار أن يحرمهن من الإطلاع على تقاليد وأعراف وأساليب الحياة المنطقية ، ومنتوجيهات وإرشادات الكبار المفيدة بإعتبارها منطلقة من تجارب حياتية معاشة.
في مجالالعمل

عادة يقضي الفتيانفي مثل هذه السن أوقات فراغهم بالالعاب الفكرية من قبيل الشطرنج وما شابه ، فيماتتجه الفتيات الى إكتساب المهارات في مجالات الطهي والأعمال البيتية بما يناسبطباعهن الأنثوية.
إن إهتمام المراهقين ، إناثا وذكورا ،بالمشاغل وبإكتساب المهارات الفكرية والعملية يلعب دورا مفيدا في حياتهم ، لأنالفراغ من شأنه أن يشوش أذهانهم ويشغل أفكارهم بقضايا غير مفيدة في أفضل الأحوال إنلم تجرهم الى مسالك الجنوح والإنحراف.
وفيما يخص الفتياتيلاحظ أنهن يعانين من الخمول والكسل أحيانا ، الأمر الذي يقلل من نشاطهن ، ويعودالسبب في ذلك إما الى تعكر في المزاج أو الى تنازل في النشاط الغددي ، كما وقد يكونناتجا عن إختلالات عصبية حادة من شأنها أن تتفاقم بشكل خطير ما لم يبادر الىعلاجها.