إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرحمة المحمدية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرحمة المحمدية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    أقسام الرحمة الإلهية:

    القسم الأول: رحمة رحمانية: تشمل الوجود كله من أصغر ذرة لأعظم مجرة، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾

    القسم الثاني: رحمة رحيمية: خاصة بالمؤمنين، ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.

    وقد عبر عنهما في القرآن ب: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾، فالرحمن تعني الرحمة العامة، والرحيم تعني الرحمة الخاصة، فما هو أول تجلي من تجليات الرحمة الإلهية؟

    الجواب: كما تحدث عن نفسه عز وجل، فقال: ”كنت كنزا مخفيا - يعني أعلم بذاتي - فأحببت أن أُعرف - يعني أتجلى لغيري، كيف؟ - فخلقت الخلق لكي أُعرف“، فأول تجلي من تجلياته، وأول مظهر تجلى به الله «عز وجل» فكان ذلك التجلي وجها له ومظهرا له هو: نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم. إذن، قبل أن يُخلق هذا الوجود كله بتفاصيله وأجزائه، كان صلى الله عليه وآله وسلم هو أول رحمة أفاضها وتجلى بها، فكانت نبعا للحياة والعطاء، نور النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الحقيقة المحمدية والعقل الأول والتجلي الأول، كل هذه المعاني يُقصد بها شيء واحد وهو: نور النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو أول عقل خلقه الله، وأول تجلي له، وأول مظهر له تضمن رحمتيه الرحمانية والرحيمية، كلتا الرحمتين تجليتا في وجه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

    ومن أجل فهم عمومية رحمته صلى الله عليه وآله وسلم وشموليتها، لا بد من فهم المفردة الثانية من الآية وهي العالمين لنفهم مدى مساحة وشمولية رحمته صلى الله عليه وآله وسلم. مفردة العالمين إذا أطلقت في القرآن الكريم فهي تشمل كل العوالم من جن، وإنس، وملائكة، وأهل النار، وأهل الجنة، كل العوالم: عالم الجبروت - أي عالم العقول -، عالم الملكوت - أي عالم الأرواح -، عالم الناسوت - أي عالم المادة -، ما يرى ومالا يرى، غيبه وشهادته، كلها تدخل تحت كلمة العالمين، يقول «تبارك وتعالى»: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فربوبيته تمتد لكل العالمين، عاقل أو غير عاقل، حي أو جماد، أنس أو جن أو ملك، هو رب العالمين جميعًا.

    كلمة العوالم إذا أُطلقت فإنها تشمل العوالم كلها بلا استثناء، إلا أن تقوم قرينة على اختصاص لفظ العالمين بالمجتمع البشري في زمن معين، مثلًا في قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، هنا كلمة العالمين ترجع إلى المجتمع البشري في ذلك الزمن فقط لا جميع العوالم، لأن القرينة قامت على ذلك، وهي قوله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، فالجمع بين الآيتين يقتضي تفسير كلمة العالمين بالمجتمعات البشرية في تلك الفترة الزمنية.

    وكذلك قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾، اصطفاك أولًا بمعنى اختارك، وطهّرك بمعنى العصمة - مريم كانت امرأة معصومة -، واصطفاك ثانيًا بمعنى فضلك، هل المراد بالعالمين كل البشر في كل زمن وفي كل مكان؟ لا، وذلك لوجود الحديث النبوي الصحيح، السنة النبوية مقيدة للقرآن الكريم، حاكمة عليه، مثلًا: قوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، يعني حرّم الربا مطلقًا، لكن جاءت الرواية الصحيحة: ”لا ربا بين الوالد وولده“، هذه الرواية مقيدة لإطلاقة الآية، هنا أيضًا لدينا آية: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾، ولكن جاءتنا رواية صحيحة مقيدة وهي قوله لابنته فاطمة الزهراء: ”أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين“، فتفضيل مريم صار تفضيل مقيد وليس مطلق، وأما إذا أطلقت كلمة العالمين من دون قرينة، فإنها تُحمل على جميع العوالم من دون استثناء، من هنا نفهم معنى رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين﴾، كل ما في الوجود منذ أول الخلق حتى آخره محتاج لرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

    فهو رحمة تكوينية ورحمة تشريعية ورحمة تربوية. أما كونه رحمة تكوينية، فلأن الوجود كله أُفيض من نوره، فأول ما خلق نوره ثم خلق كل الوجود منه.

    أول نور هو، وآخر صفحة هو، ”بكم فتح الله وبكم يختم، وبكم ينزّل الغيث، وبكم يمسك السماء تقع على الأرض إلا بإذنه“، كل شيء بكم لأنكم أول نور أُفيض. أما الرحمة التشريعية، فهي بمعنى أن الرسالة التي أتى بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسها رحمة، رسالة النبي رحمة، قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾، فرسالته وكتابه الذي أنزل إليه أيضًا رحمة للمسلمين. وأما الرحمة التربوية فقد كانت ذاته قطعة من الرحمة، فقد كان وجوده قطعة من الرحمة تتمثل وتتجسد على الأرض، كانت ذاته قطعة من الرحمة، قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X