إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإنسانُ السَّوِيُّ:13- النَّفْسُ المُلهَمَةُ :-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنسانُ السَّوِيُّ:13- النَّفْسُ المُلهَمَةُ :-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ

    وهي النَّفْسُ الّتي ألهَمَها اللهُ عَزَّ و جَلَّ و الّتي قالَ عنْهَا القُرآنُ الكريمُ : ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾، سُورَةُ الشَّمْسِ ، الآية : 8 .
    وهي الّتي لَا تزالُ مُلهَمَةً بإلهامِ اللهِ تَعالَى في مهمّاتِهَا وطاعاتِهَا ونُسُكِهَا، وفي الإطلاعِ علَى المُغَيَبَاتِ، أو في فُجورِهَا وغرورِهَا، كقولِهِ تَعالَى: ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾. ولكنَّ إلهامَ الفُجُورِ والمعصيَّةِ خُذلانٌ وخُسرانٌ لهَا، وإلهامَ الطَّاعاتِ والعباداتِ توفيقٌ وإحسانٌ لهَا مِنَ اللهِ تَعالَى ، وتَسْتَمِرُّ في التَّكاملِ حتَّى تَصِلَ إلَى مرحلةِ الإطمئنانِ النَّفْسي ،
    ألهَمَهَا" مِنَ الإلهامِ، وهو في الأصلِ بِمعنَى البَلعِ والشُّربِ، ثُمَّ أُستعملَ في إلقاءِ الشَئِ في رَوعِ الإنسانِ مِنْ قِبَلِ اللهِ تَعالَى، وكأنَّ الإنسانَ يَبتلِعُ ذلكَ الشَئ ويَتشَرَبَهُ بِجميعِ وجودِهِ ، وجاءَ بِمعنَى " الوَحي " أيضاً. بعضُ المُفسرينَ يَرَى أنَّ الفرقَ بينَ " الإلهامِ " و " الوَحي "، هوَ إنَّ الفَردَ المُلهَمَ لَا يدري منْ أينَ أتَى بِالشئِ الّذي أُلهِمَ بِهِ، وفي حَالةِ الوَحي يَعلمُ بِالمصدَرِ وبِطريقةِ وصولِ الشئِ إليِهِ
    .
    الإلهامُ : بِحَسبِ عُلومِ النَّفْسِ إيقاعُ شَيءٍ في القَلبِ يَطمئنُّ لَهُ الصَّدرُ، يَخُصُّ اللهُ بِهِ بعضَ أصفيائِهِ.
    وَجَاءَهُ الإِلْهَامُ فِي عُزْلَتِهِ : مَا يُلْقِي بِهِ اللَّهُ مِنْ أَمْرٍ فِي نَفْسِ عِبَادِهِ الأصْفِيَاءِ لِهَدْيِهِمْ وَاطْمِئْنَانِ قُلُوبِهِمْ
    إِلْهَامُ الشَّاعِرِ : مَا يُلْقَى فِي نَفْسِهِ مِنْ صُوَرٍ وأَفْكَارٍ وَمَعانٍ ¨ مِنْ أَيْنَ يَأتِي هَذَا الشَّاعِرُ بِإلْهَامِهِ
    الرِّضَا هو موافقةُ النَّفْسُ لِفعلٍ مِنَ الأفعالِ، دونَ وجودِ تَعارضٍ بَينهَمَا، يُقالُ: رَضَي بِكذا، أي وافَقَهُ، ولمْ يَمتنعُ مِنْهُ، ويتحقّقُ بعدمِ كراهتِهِ إياهُ سواءٌ أَحبَّهُ أمْ لمْ يُحبَّهُ ولمْ يُكرهَهُ، فَرَضَى العبدَ عنِ اللهِ هوَ أنْ لَا يَكرهُ بعضَ مَا يُريدُهُ اللهُ، ولَا يُحبُّ بعضَ مَا يبغضُهُ، ولَا يتحقّقُ إلَّا إذا رَضَي بِقضائِهِ تعالَى، ومَا يظهرُ منْ أفعالِهِ التَّكوينيَّةِ ومَا أرادَهُ منْهُ تَشريعًا
    يُعتبرُ الرِّضَا المحورُ الّذي تَدورُ حولَهُ أخلاقُ العِرفانيُ، إذْ مِنْهُ يَنبعُ التَّوكّلُ والزُّهدُ، وهو يورثُ السَّكينةَ في القلوبِ والإطمئنانِ إلَى أحكامِ قضاءِ اللهِ، وهو ثَمرةُ المَحبّةِ, لأنَّ شأنَ المُحبِّ أنْ يَرضَى بِكُلِّ مَا يَفعلُهُ المَحبوبُ, لأنَّهُ منّةٌ مِنَ اللهِ علَى العبدِ .

    والرِّضَا منَ المقاماتِ الَّتي يصلُ إليهَا السَالكُ بعدَ أنْ تَصفو نَفسَهُ عَنْ طَريقِ التَّوبةِ والطَّاعةِ والإخلاصِ، وتَرتقي منْ حالِ النَّفْسِ الأمارةِ إلى مَقامِ النَّفْسِ الَّلوامةِ، ثُمَّ إلَى مقامِ النَّفْسِ المُلهَمَةِ، حتّى تصلَ إلى مقامِ النَّفْسِ المُطْمَئِنَّةِ ، فالمَّرْضِيَّةِ .
    وبعدَ مقامَ الرِّضَا ينتقلَ الإنسانُ السالكُ طريقَ الحقِّ الى اللهِ سَيَنتَقلُ الَى مقامِ النَّفْسِ المُلهَمَةِ فمقامِ النَّفْسِ المُطْمَئِنَّةِ ، فالمَّرْضِيَّةِ بعدَ ذلكَ الَى مَقامِ التَّسليمِ .
    وللتَّسليمِ درجاتٌ ثلاثٍ:
    الدَّرجةُ الأولَى: التَّسليمُ أمامَ الأمورِ الّتي تَعجزُ العُقولُ عنْ إدرَاكِهَا وأرادوا بذلكَ عدمَ البحثِ عنِ الأسبابِ, لأنَّ العقولَ تدركُ الأمورَ بأسبابٍ مُعينَةٍ، وأمَّا إذا كانَ هُناكَ مِنَ الأمورِ مَا هو فوقَ العَقلِ، فلَا يجبُ إنكارَهُ، بلْ يجبُ التَّسليمُ بِهِ، بالأخصّ إذا كانَ صَادرًا منْ مكانِ ثِقَةٍ يَعلو العُقولَ بِقُدرتِهِ علَى كشفِ حقائقِ الوجودِ, لذلكَ قالَ التَّلمساني: "فمَنْ حقّقَ مقامَ التَّسليمِ حتّى صَحّ لَهُ وكمُلَ عندَهُ، فهو تَسليمٌ إلَى اللهِ تعالَى مِمَّا هوَ غيبٌ عنْهُ ممّا يُزاحمُ العقولَ والأوهامَ، فلَا يلتفتُ إلَى السَبَّبِ في كُلِّ مَا غابَ عنْهُ منْ أمورِ الدُّنيا والآخرةِ " شرح منازل السائرين، ص 212. وهذا منْ جِهةِ التَّسليمِ بمَا هوَ غائبٌ، ولكنَّ للتَّسليمِ وجهٌ آخرٌ، وهوَ التَّسليمُ مقابلُ الأمورِ غيرِ الغَائبةِ والَّتي تَتعارضُ معَ العُقولِ. يعتقدُ العُرفاءُ أنّ السَّالكَ تَحصلُ لَهُ حَالاتٌ أثناءَ حَركتِهِ السُّلوكيَّةِ تَجعلُهُ يرَى منَ المَعاني الغيبيَّةِ مَا لَا يُمكنُ فَهمُهٌ والإذعانِ لَهُ في عالمِ العُقولِ، فهلْ يُنكرُ العَارفُ مَا رآهُ، أمْ يُسلّمُ؟ الواضحُ أنَّ التَّسليمَ يَقتضي القَبولَ والرُّضوخَ.
    الدَّرجةُ الثَّانيةُ: التَّسليمُ للحَالِ الَّتي تَحصِلُ للسَّالكِ شرح منازل السائرين، ص 214. والمقصودُ مِنْهَا التَّسليمُ لوجودِ المَعانَي البَاطنيَّةِ عندَ السَّالكَ، والّتي لَا يَدِلُّ العلمُ عليهَا، وهذا أعلَى درجةٍ منَ الأوَّلِ والإنتقالِ منَ الحِجابِ إلَى الكَشفِ ومنَ الخبرِ إلَى العيانِ ، وهذا يعني أنَّ الحالَ الَتي يُسيطُرُ علَى العارفِ أثناءَ سَيرِهِ وسُلُوكِهِ يَجعَلُهُ يُسلِّمُ، ويَقبلُ الحقائقَ الّتي لا يُمكنُ قَبولِهَا منْ دونِهِ، لأنَّ ظاهرَهَا مُخالفٌ للعلمِ ، والإنتقالُ منَ الرَّسمِ إلَى الحَقيقَةِ عبارةٌ عنْ أنْ يُسلِّمَ السَّالكُ نفسَهُ لِيفنَى في شُهودِ الحقيقةِ.
    الدَّرجةُ الثَّالثَةُ: تَسليمُ مَا دونَ الحَقِّ إلَى الحَقِّ . إنَّ هذهِ الدَّرجةِ تُكمّلُ الدَّرجةَ السَّابقةَ، وبناءً عليهَا فإنَّ كُلَّ مِا سِوى الحَقِّ ليستْ سِوى مَظاهرٍ وظِلالٍ، وإذا أدركَ السَّالكُ أنّ كُلَّ مَا سِوى اللهِ تَعالَى ليسَ إلَّا هذهِ الرسومُ الظَّاهريَّةُ، وأنَّ الحقيقةَ هي للهِ تَعالَى وحدَهُ، فقدْ سلّمَ بِهِ.
    فَمَنْ وصلَ إلَى مقامِ التَّسليمِ فقدْ وجدَ نَفسَهُ مُسَلِّمَةً إلَى الحقِّ .

    ويرَى بعضٌ آخرٌ منَ العُلماءِ أنَّ النَّفسَ المُلهَمَةِ هي أعلَى مراتبِ النَّفسِ ، حيثُ مَرتبةُ الطَّهارةِ منَ الذَّنبِ ، الّتي يكونُ بِهَا الانسانُ مُلهماً منَ اللهِ تَعالَى ، ويستطيعُ أنْ يُميِّزَ طريقَ الخيرِ وطريقَ الشَّرِ بنفسِهِ.
    وفي الأثرِ أنَّ زوجَ العزيزِ (زليخا) قالتْ لِيوسفَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لمَّا أصبحَ حاكمَ مِصرَ:
    " إنَّ الحِرصَ والشَّهوةَ تُصَيِّرِ الملوكَ عبيداً، وإنَّ الصَّبرَ والتَّقوَى يُصَيِّرَ العبيدَ ملوكاً، فقالَ يوسفُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾، سُورَةُ يُوسُفَ ، الآية : 8 )، المحجة البيضاء، ج 5، ص 116.
    وعنْهَا أيضاً قالتْ لَمَّا رأتْ موكبَ يُوسُفَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَاراً منْ أمِامِهَا:
    عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ : (اسْتَأْذَنَتْ زَلِيخَا عَلَى يُوسُفَ فَقِيلَ لَهَا إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نُقَدِّمَ بِكِ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ مِنْكِ إِلَيْهِ قَالَتْ إِنِّي لَا أَخَافُ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَ لَهَا يَا زَلِيخَا مَا لِي أَرَاكِ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُكِ قَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمُلُوكَ بِمَعْصِيَتِهِمْ عَبِيداً وَ جَعَلَ الْعَبِيدَ بِطَاعَتِهِمْ مُلُوكاً قَالَ لَهَا مَا الَّذِي دَعَاكِ يَا زَلِيخَا إِلَى مَا كَانَ مِنْكِ قَالَتْ حُسْنُ وَجْهِكَ يَا يُوسُفُ فَقَالَ كَيْفَ لَوْ رَأَيْتِ نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْسَنَ مِنِّي وَجْهاً المحجة البيضاء، ج 5، ص 117.
    نعمْ، عبادةُ النَّفسَ تؤدي إلَى وقوعِ الإنسانِ في أغلالِ الرِقيِّةِ (يصبحُ الإنسانُ عبداً لِهوَى النَّفسَ)بينمَا تَزكيَّةُ النَّفْس تُوفرُ أسبابِ التَّحكُمِ في الكَونِ.
    ما أكثرَ الَّذين وصلوا بعبوديتهمِ للهِ تَعالَى درجةً جَعَلتهُم أصحابَ ولايةٍ تكوينيَّةٍ، ومكنتْهُم بإذنِ اللهِ أنْ يؤثروا في حوادثِ هذا العَالمِ وأنْ تصدرَ منْهُم الكَّراماتُ وخوارقُ العاداتِ!! إلهي! أعنا على أنْفُسنَا وعلَى كبحِ جماحِ أهوائنَا.
    إلهي! لقد ألهمتَنَا " الفجورَ " و " التَّقوَى " فوفقنَا للاستفادةِ منْ هذا الإلهامِ.




المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X