إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإنسانُ السَّوِيُّ: 15- كَرَمُ النَّفْسِ :-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنسانُ السَّوِيُّ: 15- كَرَمُ النَّفْسِ :-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ



    السلوكُ الإنساني، يعني سِيرةُ الإنسانِ، مذهبُهُ، إتجاهُهُ، تفكيرُهُ، ومُجملُ تصرفاتِهِ وأفعالُهُ الّتي يتجهُ بِهَا إلَى وجهةٍ مُعينَةٍ، مُعبرة ً عنْ شتى جوانبِ طَبعِهِ الأخلاقي، منحصرة ً في جانبينِ أسَاسيينِ . جانبُ خيرٍ، حُسنٍ، إيجابيٍ، وجانبُ شَرٍّ، سيءٍ، سَلبيٍ . ففي نهجِ البَلاغةِ، نجدُ الإمامَ عليٍّ يدعو بقوّةٍ إلَى ممارسةِ الجانبِ الأوَّلِ، جانبُ الفَضيلَةِ والسُّلوكِ العادلِ، بإتباعِ الحَقِّ والصَّوابِ والإستقامَةِ، والنَّزاهةِ والإخلاصِ، رافضا ً في الوَقت ذاتِهِ الجَانبَ الثَّاني، جانبَ الرَّذيلَةِ، جانبَ الخِداعِ والمَكرِ والكَذبِ والغِشِّ والسَّرقةِ والمُصانَعَةِ والمُداهنَةِ والنِّفاقِ والرِّياءِ، ونكثِ العَهدِ .
    ومنَ المعروفِ أنَّ صفاتَ الإنسانِ وتصرفاتَهُ الأخلاقيَّةِ، ليستْ جميعُهَا بالقَضايَا الّتي تُولَدُ معَهُ، وإنَّمَا هي أشياءٌ يَكتسبُهَا معَ مرورِ الزَّمنِ، بخاصةٍ في المَراحلِ الأولَى للنُّضوجِ العَقلي للطِّفلِ . لِذلكَ يُركزُ الإمامُ علَى هذهِ المَراحلِ الّتي تتقبَلُ الخيرَ والشَّرَّ، قبلَ أنْ يَشُبَّ هذا الطِّفلُ ويقسوَ قلبُهُ، إذْ يقولُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) في وصيتِهِ لولدِهِ الحَسن(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بعدَ عَودتِهِ منْ صِفينَ: ( وإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالأَرْضِ الْخَالِيَةِ - مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْه - فَبَادَرْتُكَ بِالأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ - ويَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ الأَمْرِ الخطبةُ 31 منْ خُطَبِ نهجِ البَلاغةِ ، وعلَى هذا الأساسِ، يَتَعلَمُ الإنسانُ أنَّ هُناكَ أشياءٌ مُباحةٌ يُمكنُ عَمَلُهَا، وأُخرَى مَحضورةٌ عليهِ الإمتناعُ عنْهَا، ومنْ ثَمَّ يُحدِّدُ مَا هو صحيحٌ، ومَا هو خَطأٌ، ومَا هو حَقٌّ ومَا هو بَاطلٌ، ومَا هو الواجبُ إتجاهَ الآخرينَ، وإتجاهَ نَفسَهُ ،
    ومِنْ أهمِ هذهِ الأشياءُ مَكارِمُ الأخْلاقِ وقدْ أشارت إليهَا رِواياتٌ كَثيرَةٌ منْهَا :-
    قالَ الإمامُ الصَّادقُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( إنّ اللهَ تباركَ وتعالَى خَصَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بمَكارِمِ الأخْلاقِ، فامْتَحِنوا أنفسَكُم؛ فإن كانتْ فِيكُم فاحْمَدوا اللهَ عزّ وجلّ وارغَبوا إلَيهِ في الزّيادَةِ مِنهاأماليُ الصَّدوقِ ، ص184، ح8.
    ومِنْ أهمِ مَكارِمُ الأخْلاقِ الكَرمُ وقدْ أشارت أليهَا روايات كَثيرَةٌ منْهَا :-
    عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( كَانَ إِذَا وَصَفَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: كَانَ أَجْوَدَ اَلنَّاسِ كَفّاً وَ أَجْرَأَ اَلنَّاسِ صَدْراً وَ أَصْدَقَ اَلنَّاسِ لَهْجَةً وَ أَوْفَاهُمْ ذِمَّةً وَ أَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً وَ أَكْرَمَهُمْ عِشْرَةً وَ مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَ مَنْ خَالَطَهُ فَعَرَفَهُ أَحَبَّهُ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَبْلَهُ وَ لاَ بَعْدَهُسفينةُ البِحارِ ، ج 2 ، ص 688.
    و الكَرمُ من أشرفِ السَّجايَا، وأعزِّ المواهبِ، وأخلدِ المآثرِ ، وناهيكَ في فضلِهِ أنَّ كُلَّ نفيسٌ جليلٌ يُوصفُ بالكَرِمِ، ويُعزى إليهِ، قالَ تعالَى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾، سُورَةُ الواقِعَةِ ، الآية 77، ﴿ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾، سُورَةُ الدُّخَانِ ، الآية 17،
    ﴿
    وَزُرُوعٍۢ وَمَقَامٍۢ كَرِيمٍۢ ﴾، سُورَةُ الدُّخَانِ ، الآية26.

    عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: ( أَتَى رَجُلٌ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَيُّ اَلنَّاسِ أَفْضَلُهُمْ إِيمَاناً قَالَ أَبْسَطُهُمْ كَفّاً الوافي عنِ الكَافي، ج 6، ص 67.
    دعتْ الشَّريعَةُ الإسلاميَّةُ الَى السَّخاءِ والبذلِ والعطفِ على البُؤساءِ والمحرومينَ، واستنكرتْ علَى المجتمعِ أنْ يدعَهُم يتضورونَ سُغَباً وحُرمَاناً، دونَ أنْ يتحسسَ بمشاعرِهِم، وينبري لِنَجدَتِهِم وإغاثتِهِم، واعتبرت الموسرينَ القَادرينَ والمتقاعسينَ عنْ إسعافِهِم أبعدَ النَّاسِ عنِ الإسلامِ، فقدْ وَرَدَ بهذا الخُصوصِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ( مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ بِأُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍالوافي عن الكافي، ج 6، ص 68.
    وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ( مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَ جَارُهُ جَائِعٌ قَالَ وَ مَا مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ يَبِيتُ فِيهِمْ جَائِعٌ يَنْظُرُ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِالکافي ، ج2 ، ص668.وإنَّمَا حرَّضَ الإسلامُ أتباعَهُ علَى الأريحيَّةِ والسَّخاءِ، ليكونوا مَثلاً عَالياً في تعاطفِهِم ومواساتِهِم، وليَنعَموا بحياةِ كريمةٍ، وتعايشٍ سِلمي، ولأنَّ الكرمَ صمامُ أمنِ المُجتمعِ، وضمانُ صفائِهِ وازدهارِهِ.
    فأسمَى فضائلُ الكَرَمِ، وأشرفُ بواعثِهِ ومجالاتِهِ، مِا كانَ إستجابةٌ لأمرِ اللّهِ تَعالَى، وتنفيذاً لِشرعِهِ المُطاعِ، وفرائضِهِ المُقدسةِ، كالزكاةِ، والخُمسِ، ونحوهِمَا.
    وهذا هو مقياسُ الكَرمِ والسَّخاءِ في عُرفِ الشَّريعَةِ الإسلاميَّةِ، كمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ(صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ( مَنْ أَدَّى مَا اِفْتَرَضَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَسْخَى اَلنَّاسِمنْ لَا یَحضرُهُ الفقیه ج2 ص62.
    وكمَا قَالَ الإمامُ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( النَّفْسُ الْكَرِيمَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا النَّكَبَاتُغرر الحكم، 1555.
    وأفضلُ مصاديقُ البِرِّ والسَّخاءِ بعدَ ذلكَ، وأجدرُهَا - عِيالُ الرُجلِ وأهلِ بيتِهِ، فإنَّهُم فضلاً عنْ وجوبِ الإنفاقِ عَليهِم، وضَرورتِهِ شَرعاً وعُرفاً، أولَى بالمعروفِ والإحسانِ، وأحقُّ بالرِّعايَّةِ والُّلطفِ.
    وقدْ يَشُذُّ بعضُ الأفرادِ عنْ هذا المَبدأُ الطَّبيعيِ الأصيلِ، فيغدقونَ نَوالَهُم وسخاءَهُم علَى الأباعدِ والغُرباءِ، طَلباً للسُّمعةِ والمُباهاةِ، ويتصفونَ بالشُّحِ والتَّقتيرِ علَى أهلِهِم وعوائلِهِم، مِمَّا يَجعلُهُم في ضَنَكٍ وإحتياجٍ مريرينِ، وهُمْ ألصقُ النَّاسِ بِهِم وأحنَاهُم عليهِم، وذلكَ منْ لُؤمِ النَّفْسِ، وغباءِ الوَعي ، ولِهذا السَبَّبُ قامَ الأئمةُ بالتأكيدِ علَى موضوعِ التَّوسِعَةِ علَى العِيالِ في أحاديثِهم، حيثُ ورَدَ عَنْ الإمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: (يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ لِئَلاَّ يَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ، وَتَلاَ هَذِهِ اَلْآيَةَ وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً اَلْأَسِيرُ عِيَالُ اَلرَّجُلِ، يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا زِيدَ فِي اَلنِّعْمَةِ أَنْ يَزِيدَ أُسَرَاءَهُ فِي اَلسَّعَةِ عَلَيْهِمْ». ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ فُلاَناً أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ فَمَنَعَهَا أُسَرَاءَهُ وَ جَعَلَهَا عِنْدَ فُلاَنٍ، فَذَهَبَ اَللَّهُ بِهَا». قَالَ مُعَمَّرٌ : وَ كَانَ فُلاَنٌ حَاضِراًالکافي ، ج4 ، ص11، والأرحامُ بعدَ هذا وذاكَ، أحقُّ النَّاسِ بالبِرِّ، وأحراهُم بالصِّلةِ والنَوالِ، لأواصِرِهِم الرَّحميَّةِ، وتُسانِدُهُم في الشَّدائدِ والأزماتِ.
    وهكذا يجدرُ بالكَريمِ، تقديمُ الأقربَ الأفضلَ، منْ مُستحقي الصَّلةِ والنَوالِ: كالأصدقاءِ والجيرانِ، وذوي الفَضلِ والصَّلاحِ، فإنَّهُم أولَى بالعَطفِ منْ غَيرِهِم.
    والجديرُ بالذِّكرِ أنَّ الكَرمَ لَا يَجملُ وقعَهُ، ولَا تَحلو ثمارَهُ، الَّا إذا تَنزَهَ عنِ المَنِّ، وصُّفِي من شوائبِ التَّسويفِ والمَطْلِ، وخلَا من مظاهرِ التَّضخيمِ والتَّنويهِ، كما قَالَ اَلصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( رَأَيْتُ اَلْمَعْرُوفَ لاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِثَلاَثِ خِصَالٍ بِتَصْغِيرِهِ وَسَتْرِهِ وَ تَعْجِيلِهِ فَإِنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ عِنْدَ مَنْ تَصْنَعُهُ إِلَيْهِ وَ ِذَا سَتَرْتَهُ تَمَّمْتَهُ وَإِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَ إِذَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ مَحَقْتَهُ وَ نَكَدْتَهُمن لا یحضره الفقیه ، ج2، ص57.
    وأعظمُ منْهُ مَا قالَهُ أميرُ المؤمنينَ لاِبْنِهِ اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ): ( لاَ تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَيْئاً مِنَ اَلدُّنْيَا فَإِنَّكَ تَخَلِّفُهُ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اَللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ وَ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اَللَّهِ فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَ لَيْسَ أَحَدُ هَذَيْنِ حَقِيقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ قَالَ اَلرَّضِيُّ : وَ يُرْوَى هَذَا اَلْكَلاَمُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَ هُوَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلَّذِي فِي يَدِكَ مِنَ اَلدُّنْيَا قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ قَبْلَكَ وَ هُوَ صَائِرٌ إِلَى أَهْلٍ بَعْدَكَ وَ إِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ رَجُلٍ عَمِلَ فِيمَا جَمَعْتَهُ بِطَاعَةِ اَللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ أَوْ رَجُلٍ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اَللَّهِ فَشَقِيتَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ وَ لَيْسَ أَحَدُ هَذَيْنِ أَهْلاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَلاَ أَنْ تَحْمِلَ لَهُ عَلَى ظَهْرِكَ فَارْجُ لِمَنْ مَضَى رَحْمَةَ اَللَّهِ وَ لِمَنْ بَقِيَ رِزْقَ اَللَّهِ نهج البلاغة ، ج1، ص549 .
    هذا وعُرِفَ الإمامُ الحَسنِ المُجتبى (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بكريمِ أهلِ البيتِ ، فهو الّذي قَاسمَ اللهَ أموالَهُ ثلاثَ مرّاتٍ ، نصفٌ يدفعُهُ في سبيلِ اللهِ و نصفٌ يُبقيِهِ لَهُ ، بلْ وصلَ إلَى أبعدَ منْ ذلكَ ، فقدْ أخرجَ مَالَهُ كُلَّهُ مرتينِ في سبيلِ اللهِ ولَا يُبقي لِنفسِهِ شيءٌ ، فهو كَجَدِّهِ رسولِ اللهِ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يُعطي عَطاءَ منْ لَا يخافُ الفقرَ ، وهو سَليلُ الأُسرةَ الّتي قالَ فيها ربُّنَا و تَعالَى :
    ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
    ، سُورَةُ الحَشْرِ ، الآية 9 ، مَا رَوَاهُ أَبُو اَلْحَسَنِ اَلْمَدَائِنِيُّ قَالَ: (خَرَجَ اَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ(عَلَيْهِم السَّلاَمُ) حُجَّاجاً فَفَاتَهُمْ أَثْقَالُهُمْ فَجَاعُوا وَعَطِشُوا فَمَرُّوا بِعَجُوزٍ فِي خِبَاءٍ لَهَا فَقَالُوا هَلْ مِنْ شَرَابٍ فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَنَاخُوا بِهَا وَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ شُوَيْهَةٌ فِي كَسْرِ اَلْخَيْمَةِ فَقَالَتِ اِحْلَبُوهَا وَاِمْتَذِقُوا لَبَنَهَا فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَقَالُوا لَهَا هَلْ مِنْ طَعَامٍ قَالَتْ لاَ إِلاَّ هَذِهِ اَلشَّاةُ فَلْيَذْبَحَنَّهَا أَحَدُكُمْ حَتَّى أُهَيِّئَ لَكُمْ شَيْئاً تَأْكُلُونَ فَقَامَ إِلَيْهَا أَحَدُهُمْ فَذَبَحَهَا وَكَشَطَهَا ثُمَّ هَيَّأَتْ لَهُمْ طَعَاماً فَأَكَلُوا ثُمَّ أَقَامُوا حَتَّى أَبْرَدُوا فَلَمَّا اِرْتَحَلُوا قَالُوا لَهَا نَحْنُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ نُرِيدُ هَذَا اَلْوَجْهَ فَإِذَا رَجَعْنَا سَالِمِينَ فَأَلِمِّي بِنَا فَإِنَّا صَانِعُونَ إِلَيْكِ خَيْراً ثُمَّ اِرْتَحَلُوا وَأَقْبَلَ زَوْجُهَا وَأَخْبَرَتْهُ عَنِ اَلْقَوْمِ وَاَلشَّاةِ فَغَضِبَ اَلرَّجُلُ وَقَالَ وَيْحَكِ تَذْبَحِينَ شَاتِي لِأَقْوَامٍ لاَ تَعْرِفِينَهُمْ ثُمَّ تَقُولِينَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَلْجَأَتْهُمُ اَلْحَاجَةُ إِلَى دُخُولِ اَلْمَدِينَةِ فَدَخَلاَهَا وَجَعَلاَ يَنْقُلاَنِ اَلْبَعِيرَ إِلَيْهَا وَيَبِيعَانِهِ وَيَعِيشَانِ مِنْهُ فَمَرَّتِ اَلْعَجُوزُ فِي بَعْضِ سِكَكِ اَلْمَدِينَةِ فَإِذَا اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَلَى بَابِ دَارِهِ جَالِسٌ فَعَرَفَ اَلْعَجُوزَ وَهِيَ لَهُ مُنْكِرَةٌ فَبَعَثَ غُلاَمَهُ فَرَدَّهَا فَقَالَ لَهَا يَا أَمَةَ اَللَّهِ تَعْرِفِينِي قَالَتْ لاَ قَالَ أَنَا ضَيْفُكِ يَوْمَ كَذَا فَقَالَتِ اَلْعَجُوزُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَأَمَرَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَاشْتَرَى لَهَا مِنْ شَاءِ اَلصَّدَقَةِ أَلْفَ شَاةٍ وَأَمَرَ لَهَا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ غُلاَمِهِ إِلَى أَخِيهِ اَلْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ بِكَمْ وَصَلَكِ أَخِيَ اَلْحَسَنُ فَقَالَتْ بِأَلْفِ شَاةٍ وَأَلْفِ دِينَارٍ فَأَمَرَ لَهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ غُلاَمِهِ إِلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ بِكَمْ وَصَلَكِ اَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) فَقَالَتْ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ وَأَلْفَيْ شَاةٍ فَأَمَرَ لَهَا عَبْدُ اَللَّهِ بِأَلْفَيْ شَاةٍ وَأَلْفَيْ دِينَارٍ وَقَالَ لَوْ بَدَأْتِ بِي لَأَتْعَبْتُهُمَا فَرَجَعَتِ اَلْعَجُوزُ إِلَى زَوْجِهَا بِذَلِكَكشف الغمة ، ج 1، ص559.


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X