اشتراط التطابق بين العبادة الظاهرية والخلق الباطني ...
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
الكثير من الأفعال العبادية تحتاج لمطابقة الباطن مع الظاهر والمقصود من الباطن هو المنظومة الأخلاقية والمقصود من الظاهر هو العمل العبادي . ومثال ذلك الصلاة التي هي عمود الدين فروي عن رسول الله محمد (ص) أنه قال : ( لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر ) - 1 -
ومثال أخر عن الصيام فروي عن الإمام الصادق (ع) : ( لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم ، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة ) - 2 -
ومثال ثالث عن الحج ونحن في أيامه المباركة فروي عن أبي بصير للباقر (ع) أنه قال : ( ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج ! فقال : بل ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، أتحب أن تعلم صدق ما أقوله ، وتراه عيانا ؟ فمسح يده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا فقال : انظر يا أبا بصير إلى الحجيج قال : فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير ، والمؤمن بينهم مثل الكوكب اللامع في الظلماء فقال أبو بصير : صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج ؟
ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا ، فقال أبو بصير في ذلك ، فقال عليه السلام : ما بخلنا عليك يا أبا بصير ، وإن كان الله تعالى ما ظلمك ، وإنما خار لك ، وخشينا فتنة الناس بنا وأن يجهلوا فضل الله علينا ، ويجعلونا أربابا من دون الله ، ونحن له عبيد ، لا نستكبر عن عبادته ، ولا نسأم من طاعته ، ونحن له مسلمون ) - 3 -
قال المولى محمد صالح المازندراني : ( الإنسان فإنه إنسان بحسب الصورة والحقيقة الروحانية القلبية وهي مستعدة لاكتساب الضدين اكتساب الخير والشر وقابلة للتحلي بالفضائل و التدنس بالرذايل ، فإذا اعتقد شيئا أو فعل فعلا واستمر فيه صار ذلك ملكة يصدر منها الأفعال بسهولة وتلك الملكة صورة باطنية فإن كانت ملكة الفضايل طابقت الصورة الظاهرة تلك الصورة الباطنة و يترقى بذلك الإنسان إلى أن يتصل بملاء الروحانيين ويصير من أصحاب اليمين ويعد من السابقين ، وإن كانت ملكة الرذايل والكفر والزندقة خالفت الصورة الظاهرة تلك الصورة الباطنة ويتنزل الإنسان بذلك إلى أسفل السافلين ويصير من أصحاب الشمال ويعد من الخاسرين ، فصورته الظاهرة صورة إنسان وصورته الباطنة صورة كلب أو خنزير أو سبع أو شيطان أو أخس منها ولكن لا ترى هذه الصورة في الدار الدنيا لكونها دار التباس ودار تدليس ودار تكليف إلا من منحه الله سبحانه وتعالى بزيادة بصيرة قلبية بمجاهدات نفسانية ورياضات جسمانية و مكاشفات روحانية ، فإنه قد يظهر له هذه الصورة على ما هي عليه في نفس الأمر لكن لا من حيث إنه في هذا العالم بل كأنه في عالم آخر بين العالمين ولقد رأى بعض الصالحين - ممن اصدقه في عقايده وأعماله - جماعة من الناس في جنب كل واحد منهم كلب بحقيقة الكلبية وصورته ، له ذنب واذن وعينان ورأس وفم وشعر مثل الكلب المشاهد ) - 4 -
***************************
الهوامش :
1 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 79 ، ص 198 .
2 - ميزان الحكمة ، محمد الريشهري ، ج 2 ، ص 1574 .
3 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 46 ، ص 261 .
4 - شرح أصول الكافي ، مولي محمد صالح المازندراني ، ج 1 ، ص 127 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
الكثير من الأفعال العبادية تحتاج لمطابقة الباطن مع الظاهر والمقصود من الباطن هو المنظومة الأخلاقية والمقصود من الظاهر هو العمل العبادي . ومثال ذلك الصلاة التي هي عمود الدين فروي عن رسول الله محمد (ص) أنه قال : ( لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر ) - 1 -
ومثال أخر عن الصيام فروي عن الإمام الصادق (ع) : ( لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم ، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة ) - 2 -
ومثال ثالث عن الحج ونحن في أيامه المباركة فروي عن أبي بصير للباقر (ع) أنه قال : ( ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج ! فقال : بل ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، أتحب أن تعلم صدق ما أقوله ، وتراه عيانا ؟ فمسح يده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا فقال : انظر يا أبا بصير إلى الحجيج قال : فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير ، والمؤمن بينهم مثل الكوكب اللامع في الظلماء فقال أبو بصير : صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج ؟
ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا ، فقال أبو بصير في ذلك ، فقال عليه السلام : ما بخلنا عليك يا أبا بصير ، وإن كان الله تعالى ما ظلمك ، وإنما خار لك ، وخشينا فتنة الناس بنا وأن يجهلوا فضل الله علينا ، ويجعلونا أربابا من دون الله ، ونحن له عبيد ، لا نستكبر عن عبادته ، ولا نسأم من طاعته ، ونحن له مسلمون ) - 3 -
قال المولى محمد صالح المازندراني : ( الإنسان فإنه إنسان بحسب الصورة والحقيقة الروحانية القلبية وهي مستعدة لاكتساب الضدين اكتساب الخير والشر وقابلة للتحلي بالفضائل و التدنس بالرذايل ، فإذا اعتقد شيئا أو فعل فعلا واستمر فيه صار ذلك ملكة يصدر منها الأفعال بسهولة وتلك الملكة صورة باطنية فإن كانت ملكة الفضايل طابقت الصورة الظاهرة تلك الصورة الباطنة و يترقى بذلك الإنسان إلى أن يتصل بملاء الروحانيين ويصير من أصحاب اليمين ويعد من السابقين ، وإن كانت ملكة الرذايل والكفر والزندقة خالفت الصورة الظاهرة تلك الصورة الباطنة ويتنزل الإنسان بذلك إلى أسفل السافلين ويصير من أصحاب الشمال ويعد من الخاسرين ، فصورته الظاهرة صورة إنسان وصورته الباطنة صورة كلب أو خنزير أو سبع أو شيطان أو أخس منها ولكن لا ترى هذه الصورة في الدار الدنيا لكونها دار التباس ودار تدليس ودار تكليف إلا من منحه الله سبحانه وتعالى بزيادة بصيرة قلبية بمجاهدات نفسانية ورياضات جسمانية و مكاشفات روحانية ، فإنه قد يظهر له هذه الصورة على ما هي عليه في نفس الأمر لكن لا من حيث إنه في هذا العالم بل كأنه في عالم آخر بين العالمين ولقد رأى بعض الصالحين - ممن اصدقه في عقايده وأعماله - جماعة من الناس في جنب كل واحد منهم كلب بحقيقة الكلبية وصورته ، له ذنب واذن وعينان ورأس وفم وشعر مثل الكلب المشاهد ) - 4 -
***************************
الهوامش :
1 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 79 ، ص 198 .
2 - ميزان الحكمة ، محمد الريشهري ، ج 2 ، ص 1574 .
3 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 46 ، ص 261 .
4 - شرح أصول الكافي ، مولي محمد صالح المازندراني ، ج 1 ، ص 127 .