إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حقوق الجانب الروحي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقوق الجانب الروحي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾

    الشريعة الإسلامية تنظر إلى الإنسان نظرة ثنائية، يعني بأن الإنسان يتشكل ويتكون من عنصرين من الروح ومن الجسد

    فإذا كان الإنسان يتشكل من هاذين العنصرين، عنصر الروح، وعنصر الجسد، سعادة الإنسان وهناء حياته عندما يشبع هاذين العنصرين بجميع رغباتهما ويقضي ويلبي جميع طلباتهم، يعني الجانب الجسدي ماذا يحتاج من المآرب المادية، من الأكل والشرب والكساء وأمثال ذلك يعطيه حاجته، والجانب الروحي ما يحتاج إليه من الصفات السامية والأخلاق العالية أيضا يوجهه نحوه ويفرغه له، فإذا هناك حقوق وأمور تتبع الجانب الجسدي، وهناك حقوق تتبع الجانب الروحي وهنا ننظر في نصوص أهل البيت عليهم السلام وماتضعه لنا من حقوق الجانب الروحي ..

    الحق الأول: تثقيف النفس وتعليمها

    النفس تواقة للكمال ولطلب العلم والمعرفة واستجلاء الحقائق ومعرفة أسرار الكون وألغازه فالنفس فيها هذه الرغبة وفيها الاستعداد والقابلية، فعلينا بإشباع هذا الجانب، علينا بتثقيف النفس وتعليمها بالعلم الصالح النافع ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ وورد في الحديث ”تفكر ساعة خير من عبادة سنة“ وهذا كله أمر بتثقيف النفس وتعليمها بالعلم الصالح وليس بأي علم كان سواء كان مضرا أو لم يكن نافعا، أول ما تعلم به النفس علم العقائد، على النفس أن تعرف عقائدها، أن تعرف بأصول دينها عن برهان ودليل لا عن تقليد محض ساذج.

    كيف عرفت ربك وما الدليل على وجوده ووحدانيته وما الدليل على عدالته وما الدليل على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما الدليل على إمامة الإمام وما الدليل على المعاد يوم القيامة؟ على النفس أن تعتنق العقائد بعد برهان ودليل، ثم تتعلم الأحكام الشرعية العامة اللازمة لها في حركاتها وسكناتها وليلها ونهارها، مر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتروى الرواية عن الإمام علي عليه السلام وإذا جماعة في المسجد محدقون برجل، قال: ما هذا؟ قالوا: هذا علامة، قال: علامة في ماذا وماذا عنده؟ قالوا: إنه يعرف أنساب العرب وتفاصيلهم وأشعارهم وخطبهم ومعاركهم، قال: ”إنه علم لا ينفع من علمه ولا يضر من جهله“ فعلى الإنسان أن يعلم نفسه ويثقفها بالعلم الصالح النافع.

    الحق الثاني: إصلاح سريرة الإنسان

    الإنسان له ظاهر وله باطن، ظاهره الجسد، والظاهر يمدح ويذم، إن كان الظاهر لطيفا مدحه الناس، وإن كان الظاهر قبيحا ذمه الناس ونفروا منه، كذلك الباطن يمدح ويذم، ترى الإنسان يمدح على خلقه الرفيع، على تواضعه، على شهامته، على كرمه، تقبل عليه الناس إذا ملك الأخلاق الرفيعة.

    وتذمه إذا تنازل إلى درك الحيوانات ودرك العجماوات والبهائم، وكما أن الإنسان يصرف الوقت الطويل في تحسين ظاهره وفي تحسين شكله فليصرف بعضا من ذلك الوقت في تحسين باطنه، في إصلاح سريرته، أنت عندما تريد أن تذهب للعمل أو الجامعة تقف أمام المرآة ساعة تسرح شعرك وتنظف شكلك حتى لا يروك الناس بمظهر مشوه، هل تأخذ بعضا من هذا الوقت تقضي به دعاء، نافلة، ذكر من الأذكار، قراءة قرآن، لا بل تقف أمام المرآة وتسرح شعرك وتجهد وقت طويل في سبيل تنظيم الشعر وترتيبه والظهور بالمظهر الحسن، بعض من الوقت نصف ساعة تقرأ فيها القرآن، تدعو الله دعاء بخضوع وخشوع، تتلو الأذكار الحسنة، نصف ساعة تغذي هذا الجانب الروحي الظمآن إلى الأمور الروحانية والأمور الربانية فكما أنك تصلح ظاهرك فأصلح باطنك.

    فعن الإمام الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ”إذا كتب بعض الحكماء لبعض كتبوا ثلاثا ما فيهن رابعة، من كان همه الآخرة كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين ربه عز وجل أصلح الله ما بينه وبين الناس“ حديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ”يأتي على الناس زمان تخبث سرائرهم وتصلح علانيتهم طمعا في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم يعبدون الله رياء ولا يخالطهم خوف ويعمهم الله بعقاب يدعون منه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم“

    الحق الثالث: ضبط النفس

    النفس منقادة للشهوات منقادة للغرائز منقادة للانزلاق والانحراف، عليك بضبطها، بأن تبني جدارا منيعا، حصينا من التقوى والإيمان يقف أمام النفس ويصرفها عن شهواتها وغرائزها الشيطانية ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ وروي عن علي عليه السلام أنه قال: ”وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى“ ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ ﴿فَأَمَّا مَن طَغَى. وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾.

    وعن الإمام الكاظم عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية إلى الجهاد، فلما رجعت السرية قال: ”مرحبا بمن قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد أنفسكم خير الجهاد أن يجاهد الإنسان نفسه التي بين جنبيه“.

    ومن حقوق النفس محاسبتها، وهي أهم الحقوق، عليك بالمحاسبة والمراقبة، تحاسب نفسك كل يوم ماذا فعلت من طاعات، وماذا فعلت من معاصي، فإن كانت طاعاتك أكثر من معاصيك فرحت بذلك وسألت الله أن يوفقك لزيادة الطاعات واجتناب المعاصي، وإن كانت معاصيك أكثر من طاعاتك أنبت نفسك وقرعتها بشدة وقسوة حتى تستجيب لنداء ربها.
    محاسبة النفس ومراقبتها تعد الإنسان إذا وقف أمام ربه يوم القيامة، هناك مواقف مهولة، خطيرة، يقفها الإنسان أمام ربه يوم القيامة تحتاج إلى إعداد، إلى استعداد، إذا لم يحاسب الإنسان نفسه في الدنيا لم يملك الاستعداد لذلك اليوم، يقول الصادق عليه السلام كما روي عنه: ”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها فإن في يوم القيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة“.

    وعن الإمام الكاظم عليه السلام: ”ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنة استزاد الله تعالى وإن عمل سيئة استغفر الله وتاب منها إليه“.

    جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا رسول الله أوصني، قال: هل أنت مستوص إن أوصيتك؟ هل أنت مستوص إن أوصيتك؟ هل أنت مستوص إن أوصيتك؟ وهو يقول: نعم، نعم، قال: اعلم أنك إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن كان حسنا فأمضه وإن كان غيا فانته عنه. لابد لنا أن ننهج منهج أهل البيت .

    منهج أهل البيت محاسبة النفس، أولا من خلال الطاعات، ماذا فعلت اليوم من طاعات، ماذا قمت بواجبات، ماذا قمت من فرائض، علينا أن نحاسب أنفسنا على الفرائض والواجبات، هل أنا أؤدي الصلوات كما يريدها الله، صلاة الفجر التي نضيعها، كم من إنسان يأخذه النوم، ولا يعي لصلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس، ترك صلاة الفجر من أكبر الأمراض الشائعة في مجتمعاتنا، صلاة الفجر في وقتها منبع ومصدر للتوفيق والبركة في الرزق والمعاش والعمر والعيال، لماذا نحن لا نحاسب أنفسنا على ترك صلاة الفجر؟

    وكذلك فعل المعاصي، خمس دقائق قبل نومك كل ليلة أمعن قليلا في يومك وساعاتك التي قضيتها، عن المعاصي التي صدرت منك، لماذا عققت والديك، لماذا لم تطع أمرهما، لماذا اغتبت فلان، لماذا كذبت على فلان، لماذا نشرت النميمة بين فلان وفلان، ولماذا سمعت الأغنية، لماذا سمعت الموسيقى، لماذا أصررت على المعصية والذنب، حاسب نفسك قبل أن تحاسب.

    عن الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل مع أصحابه في أرض قرعاء، قال: أحضروا حطبا، قالوا: ما بها من حطب، قال: أحضروا ما تقدرون عليه، فصار كل واحد يحضر حطبا فيجمعونها فلما اجتمعت التفت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ”هكذا تجتمع الذنوب إياكم والمحقرات من الذنوب فإن لكل شيء طالبا وكاتب فمن طلبها كتب ﴿مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾“.

    أنت تحاسب على الصغيرة والكبيرة وإذا عودت نفسك على الصغائر اجترأت على الكبائر ”إذا المرء أعطى نفسه كل شهوة ولم ينهها تاقت إلى كل باطل“ وعليك بأن تغتنم فرصة العمر فليس هناك أغلى من العمر، الإنسان يظن أن هناك أشياء غالية مثل المال، شيء غالي ونفيس، الأولاد مثلا، الأكل والشرب، الأرض، القصر، العمر أغلى من ذلك كله، لأن هذه المتع تستطيع تعويضها، ولكن الذي لا يرجع ولا يعود هو العمر، كل يوم يذهب لا يرجع كل دقيقة تذهب لا ترجع،

    دقات قلب المرء قائلة له

    فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
    إن الحياة دقائق وثواني

    فالذكر للإنسان عمر ثاني

    دقائق تذهب ثواني لا تعود ولا ترجع، عليك باغتنام فرصة العمر، الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، الأئمة أكدوا على أهمية الوقت، على أهمية العمر، أكدوا على أن العمر فرصة غالية يجب استغلالها، ويجب الاستفادة منها، ويجب قضاؤها في الصالحات والخيرات، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم روي عنه أنه خاطب أبا ذر رضي الله تعالى عنه قال: ”يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على دراهمك ودنانيرك“.

    وورد عن علي عليه السلام أنه قال: ”ما من يوم يمر على الإنسان إلا ويقول له ذلك اليوم أيها الإنسان أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فقل في خيرا واعمل في خيرا أشهد لك بذلك يوم القيامة ولن تراني بعد هذا أبدا“.

    وعن الإمام الصادق عليه السلام عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ”بادر بأربع قبل أربع بشبابك قبل هرمك وبصحتك قبل سقمك وبغناك قبل فقرك وبحياتك قبل موتك“.

    أنت الآن لديك طاقة وحيوية الشباب اصرف هذه الطاقة في الصالحات والخيرات، ما دمت الآن قادر صل النافلة، اقرأ الدعاء، اقرأ القرآن، وليس بعد أن تكبر وتشيب، ومن قال أنك ستبقى حتى تشيب ومن ثم تتوب! وهل الأعمار إلا بيد الله، فأنت اغتنم فرصة شبابك، هذه القوة أفرغها في القيام بالطاعات لا في المعاصي، لا في الرذائل والذنوب، وعن الباقر عليه السلام: ”إن الإنسان يسأل يوم القيامة عن أربع: عن عمرك فيما أفنيته وعن جسدك فيما أبليته وعن مالك من أين اكتسبته وأين وضعته وعن حبنا أهل البيت“ الشاب إذا سئل عن وقته ترى أغلب وقته في النادي في الكرة والرياضة، نحن لا نمنع من الرياضة والنادي ولكن لا تأخذ وقتك كله بحيث تلهيك عن الفرائض والواجبات وطاعة أبيك وأمك والقيام بحقوق إخوانك وحقوق عائلتك، عليك أن تستغل عمرك في العمل الصالح، فالعمل الصالح هو المهم.
    ورد عن علي عليه السلام”إن الإنسان في آخر ساعة من ساعات الدنيا وأول ساعة من ساعات الآخرة يلتفت إلى ثلاثة: إلى ماله وإلى ولده وإلى عمله، يلتفت إلى ماله يقول له: أيها المال لقد كنت عليك حريصا شحيحا طالبا لك فماذا تعطيني؟ يقول: خذ مني كفنك فقط، ثم يلتفت إلى ولده يقول: إني كنت لكم محبا وكنت عليكم محاميا فما لي عندكم؟ يقولون: نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، فيلتفت إلى عمله يقول: أيها العمل والله إني كنت فيك لزاهدا وكنت علي ثقيلا فما أبغضك عندي ما لي عندك؟ يقول: أنا قرينك في قبرك وصاحبك عند نشرك وأعرض أنا وأنت على ربك فإن كان وليا لله جاءه أطيبهم رائحة، أحسنهم رياشا، قال له: إلى روح وريحان وجنة نعيم مقدمك خير مقدم فيقول: من أنت؟ يقول: أنا عملك ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإن كان عاصيا رآه أشد الناس سوادا آخذا بأكظامه أنتنهم ريحا يقول: من أنت؟ ضيقت علي يقول: أنا عملك ارتحل من الدنيا إلى النار“

    المدار على حسن الخاتمة ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: ”إن الرجل إذا أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى منه وإن الرجل إذا أساء فيما بقي من عمره أخذ بالأول والآخر“ فلذلك حاول أن تواظب على الطاعات حتى تكون خاتمتك حسنة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X