جميع المهام الجهادية والعقائدية، أنيطت مهمتها بالإمام المنتظر (عجل الله فرجه) وأوكلت له هذه المهمة الربانية بنبوءة رسول الله (ص)، وشهادة الإمام علي والأئمة (عليهم السلام) من بعده، للترسيخ المعرفي به، والالتزام بموالاته، وظهور المهدي كحلقة من حلقات مجاهدة أنصار الحق لأشياع الباطل، والمعلوم أن الأئمة (عليهم السلام) نور محمد (ص)، وهو نور رباني، قال النبي (ص) لجابر: «أول ما خلق الله نور نبيكم ومنه خلق كل شيء».
وسعى الأئمة (عليهم السلام) في إيقاظ الفطرة السليمة والفطرة بمعناها أن الله خلق الانسان على فطرة سوية مهيأة للإيمان، والناس توحدهم الفطرة للاستعداد الكامل للدين وقيمه، والفطرة هي الإسلام الخالص، ليكونوا بذلك مرشدين للناس الى الله تعالى، وإن تعددت الآليات بحسب الظروف التي تختلف من زمن الى زمن، ولذلك يخضع الأداء الى مقومات زمانية، وبالنتيجة وإن تعددت الأدوار والآليات إلا أن هدفهم واحد، تعدد أدوار، لذلك اختص النبي (ص) بالتنزيل، وقاتل علي (عليه السلام) على التأويل، والحسن (عليه السلام) اختص بامتحان الهدنة، والامام الحسين (عليه السلام) بالشهادة، واختص الامام الصادق (عليه السلام) بتكوين مدرسة التشيع، وسعى الإمام الهادي (عليه السلام) بالتخطيط المباشر لغيبة الامام المهدي (عليه السلام)، والتنبؤ بوجوده، يقول الامام الصادق (عليه السلام): لو قام القائم لأنكره الناس؛ لأنه يرجع اليهم شاباً، وقال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): ولكن أن تعيشوا فسوف تدركونه، فمن المؤكد أنهم لو عاشوا لأدركوه، وقال الإمام الباقر للقائم: غيّبت قبل ظهوره، واختصّ الامام الهادي (عليه السلام) بالتخطيط المباشر لغيبة الامام المهدي (عج)، وبعده جاء دور الامام الحسن العسكري (عليه السلام)، لقربه من الغيبة، فهيأ النفوس والعقول لتقبل فكرة غيبة الامام المهدي (عج).
لو فكرنا اليوم في انتظار المسلمين منذ كل هذه القرون لظهوره المبارك ليحيي الأمة بأنه حامل لرسالة عالمية لا تختص للشيعة فقط، أو بالمسلمين، بل إن رسالته لكل الإنسانية؛ لأن ظهوره سيعلن قيام دولة العدل المنتظرة، هذه التوعية جاءت بجهود توعية الأئمة من خلال نصوص واشارات، يقول الإمام الحسين العسكري(عليه السلام): «ومن بعدي الحسن ابني فكيف للناس للخلف من بعده، وشخصه لا يرى ولا يحل ذكر اسمه، حتى يخرج ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلما وجورا».
الايمان بوجود الامام المهدي ودولته يعني الايمان بدين الإسلام وقدرته على قيادة الكون كله، قال الامام الحسن العسكري (عليه السلام): «اشهد عليّ أن عثمان بن سعيد العمري وكيل وان ابنه محمد وكيل ابني مهديكم» استطاع الأئمة (عليه السلام) تهيئة العامة لاتباع أهل البيت (عليهم السلام) لاستقبال الوضع الجديد، فسلام الله عليك سيدي يا منقذ الأمة وقائد نهضتها.