بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
في اليومِ الثَّامنِ عشرِ منْ ذي الحِجَّةِ عام عشرة للهجرةِ، جمعَ النَّبيُّ الأكرمُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالِهٌ وَسُلَّمٌ) المسلمينَ عندَ رجوعِهِ منَ الحَجِّ في مكانٍ يُسمّى غديرِ خُمٍ ، بَعدَ نُزولِ الوحي جَبرائيل(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وتَبْلِيغِهِ بالآيةِ الشَّريفَةِ لِقولِ اللهِ تَعالَى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾، سُورَةُ المَائِدَةِ ، الآية: 67، وخَطَبَهُم خُطبةً مُفصّلةً، وفي آخرِ خطبتِهِ قالَ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالِهٌ وَسُلَّمٌ) : ( ألستُمْ تعلمونَ أنّي أَولَى بِكُلِّ مؤمنٍ منْ نفْسِهِ؟ قالوا: بَلَى، فأخَذَ بِيدِ عَليٍّ فقالَ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالِهٌ وَسُلَّمٌ) : ( اللّهمّ مَنْ كُنتُ مَولاهُ فعليٌّ مولاهُ، اللّهمَّ والِ مَنْ والاهُ، وعادِ مَنْ عادَاه )، ونزلتِ الآية الشَّريفَةِ بقَولِهِ تعالَى : ﴿ ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ ...﴾،سُورَةُ المَائِدَةِ ،الآية: 3، فَلَقِيَهُ عمرُ بعدَ ذلكَ فقالَ: هَنيئاً لكَ يابنَ أبي طَالبٍ، أصبحتَ وأمسيتَ مولَى كُلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ .
يومُ عيدِ الغَديرِ : وهوَ عيدُ اللهِ الأكبرِ وعيدُ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَواتِ اللهِ عَلَيْهِمُ أجْمَعِين)، وهو أعظمُ الأعيادِ مَا بعثَ اللهُ تَعالَى نَبيّاً الّا وهَو يُعيدُ هذا اليومُ ويحفظُ حُرمتَهُ، وإسمُ هذا اليومُ في السّماءِ يومُ العَهدِ المعهودِ، وإسمُهُ في الأرضِ يومُ الميثاقِ المأخوذِ والجَمعِ المشهودِ .
فهلْ لِهذا اليومِ منزلةٌ في الشَّريعَةِ؟
ذهبَ الشَّيعَةُ إلَى أنَّهُ يومُ عيدٍ وفرَحٍ وسرورٍ، وأعتمدوا علَى رواياتٍ كثيرةٍ استدلّوا بهَا علَى كونِهِ عيداً.
وذهبَ قومٌ منَ المُسلمينَ إلَى أنَّهُ ليسَ بعيدٌ، ومَنْ إتّخذَهُ عِيداً فهو مُبتدِعٌ!!
وتعصّبَ هذا البَعضُ منَ المُسلمينَ أشدَّ التَّعصُّبِ ضدَّ الشِّيعَةِ، وأباحَ دماءَهُم لأجلِ إتخاذِهِم يومَ الغَديرِ يومَ عيدٍ.
ومنْ نَقّبَ صفحاتِ التَّأريخِ يجدُ فيهَا الكَثيرَ منْ هذهِ التَّعصُّبَاتِ والمَجَازِرِ الطَّائفيَّةِ ضِدَّ مذهبِ أهلِ البيتِ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) لأجلِ إتخاذِهِم يومَ الغَديرِ عيداً، ويومَ عاشوراءِ ـ الّذي قُتِلَ فيهِ ريحانَةُ الرَّسولِ وسِبْطِهِ الحُسينُ بنُ عليٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) ـ يومَ حُزنٍ وعزاءٍ.
ووصلَ التَّعصُّبُ إلَى حَدٍّ كانتْ فيهِ الدِّماءُ تُراقُ والبيوتُ والمساجدُ وأماكنُ العبادةِ تُحرَقُ... لَا لأجلِ شيءٍ، سِوَى الإحتفالُ بيومِ الغَديرِ وإقامةُ المأتمَ والعزاءَ يومَ عاشوراءِ.
ولمّا لمْ تؤثّرُ هذهِ الافاعيلُ القبيحَةُ ضِدَّ الشِّيعةِ في نَقصِ عزائِمِهِم، بلْ زادتْهُم إيماناً وقوّةً في التَّمسُّكِ بمَا يعتقدونَهُ عنْ دليلٍ، إتّخذَ أهلُ السُّنَةِ مَنهجاً جديداً للوقوفِ أمامَ هذهِ الشَّعائرِ:
حيثُ عِملوا في مُقابلِ الشِّيعَةِ يومَ الثَّامنِ عشرِ منَ المُحرّمِ ـ وقالَ إبنُ كثيرٍ: اليومَ الثَّاني عَشَرَ ـ مثلَ ما تَعْمَلَهُ الشِّيعَةُ في عاشوراءِ، من إقامةِ المأتمِ والعزاءِ، وقالوا: هو يومُ قَتْلِ مُصعَبَ بنَ الزُّبيرِ،
وزاروا قبرَهُ بمَسْكَنِ، كمَا يُزارُ قبرُ الحُسينِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بكربلاءِ، ونَظَّرُوهُ بالحُسينِ! وقالوا: إنَّهُ صَبَرَ وقاتلَ حتّى قُتِلَ، وإنَّ أباهُ إبنُ عَمَّةِ النَّبيِّ كمَا أنّ أبَا الحُسينِ إبنُ عَمِّ النَّبيِّ!!
وعمِلُوا في مُقابلِ الشِّيعَةِ يومَ السَّادِسِ والعشرينَ منْ ذي الحِجَّةِ زينةً عظيمةً وفرحاً كثيراً، واتخذوهُ عيداً، كمَا تَفعَلُهُ الشِّيعَةُ في يومِ عيدِ الغَديرِ الثَّامنِ عشرِ منْ ذي الحِجَّةِ، وادّعوا أنَّهُ يومُ دخولِ النَّبيِّ وأبي بكرٍ الغَارَ.
وأقاموا هذينِ الشِّعارينِ زمناً طويلاً.
شَاهدْ الطَّبري في تَأريخِهِ ، ج6، ص 162 ، يُصرّحُ بأنّ مَقتلَ مُصعبُ كانَ في جَمادى الاخرَةِ، فمعَ هذا فإنَّهُم يجعَلُوهُ في اليومِ الثَّامنِ عشرِ منَ المُحرّمِ ليكونَ في مُقابِلِ يومِ إستشهادِ الحُسينِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يومَ العَاشرِ منَ المُحرّم.
ويومُ الغَارِ معلومٌ لَدَى الكُلِّ ـ حتّى منْ لَهُ أدنَى معرفَةٍ بالتَّأريخِ ـ أنَّهُ لمْ يَكُنْ في ذي الحِجَّةِ ولَا في اليومِ السَّادِسِ والعشرينَ منْهُ، ومعَ هذا فإنَّهُم يجعَلُوهُ في اليومِ السَّادِسِ والعشرينَ منْ ذي الحِجَّةِ لِيكونَ بعدَ يومِ الغَديرِ بثمانيَّةِ أيامٍ.
عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : ( هَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ غَيْرُ [ يَوْمِ] اَلْجُمُعَةِ وَ اَلْأَضْحَى وَ اَلْفِطْرِ ؟ قَالَ: نَعَمْ أَعْظَمُهَا حُرْمَةً، قُلْتُ: وَ أَيُّ عِيدٍ هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: اَلْيَوْمُ اَلَّذِي نَصَبَ فِيهِ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ قُلْتُ: وَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ قَالَ: وَ مَا تَصْنَعُ بِالْيَوْمِ، إِنَّ اَلسَّنَةَ تَدُورُ وَ لَكِنَّهُ يَوْمُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ ذِي اَلْحِجَّةِ قُلْتُ: وَ مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَفْعَلَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ؟ قَالَ: تَذْكُرُونَ اَللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ فِيهِ بِالصِّيَامِ وَ اَلْعِبَادَةِ وَ اَلذِّكْرِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَوْصَى أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ عِيداً، وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اَلْأَنْبِيَاءُ تَفْعَلُ، كَانُوا يُوصُونَ أَوْصِيَاءَهُمْ بِذَلِكَ فَيَتَّخِذُونَهُ عِيداً)،وسائل الشیعة ج10 ص440 .
أعْمَالُ يومُ الغَدِيرِ:-
1ـ الصَّومُ ، 2 ـ الغُسْلُ ، 3- زِيارَةُ أميرِ المؤمنينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) "وهي الزِّيارَةُ المَذْكورَةُ في كُتبِ الأدعيَّةِ تحتَ عنوانِ زيارةِ يومِ الغَديرِ" ، 4- قراءةُ دُعاءِ النُّدبَةِ ، 5 ـ صلاةُ ركعتَينِ قبلَ زوالِ الشَّمسِ يقرأُ في كُلِّ رُكعةٍ الحمدَ والإخلاصَ عشرَ مراتٍ، وآيةَ الكُّرسيِّ عشرَ مراتٍ، وسُورَةَ القَّدرِ عشرَ مراتٍ ، 6 ـ أنْ يُهنئَ منْ لَاقاهُ منْ إخوانِهِ المؤمنينَ بقولِهِ: ( اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَنَا مِنَ اَلْمُتَمَسِّكِينَ بِوَلاَيَةِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ )، وتَكْمِلَةُ الرِّوايةِ : ( وَ هُوَ يَوْمُ اَلتَّبَسُّمِ فِي وُجُوهِ اَلنَّاسِ مِنْ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ فَمَنْ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِ أَخِيهِ يَوْمَ اَلْغَدِيرِ نَظَرَ اَللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بِالرَّحْمَةِ وَ قَضَى لَهُ أَلْفَ حَاجَةٍ وَ بَنَى لَهُ قَصْراً فِي اَلْجَنَّةِ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ وَ نَضَّرَ وَجْهَهُ وَ هُوَ يَوْمُ اَلزِّينَةِ فَمَنْ تَزَيَّنَ لِيَوْمِ اَلْغَدِيرِ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ كُلَّ خَطِيئَةٍ عَمِلَهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً وَ بَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِ مَلاَئِكَةً يَكْتُبُونَ لَهُ اَلْحَسَنَاتِ وَ يَرْفَعُونَ لَهُ اَلدَّرَجَاتِ إِلَى قَابِلِ مِثْلِ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ فَإِنْ مَاتَ مَاتَ شَهِيداً وَإِنْ عَاشَ عَاشَ سَعِيداً وَمَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً كَانَ كَمَنْ أَطْعَمَ جَمِيعَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَمَنْ زَارَ فِيهِ مُؤْمِناً أَدْخَلَ اَللَّهُ قَبْرَهُ سَبْعِينَ نُوراً وَوَسَّعَ فِي قَبْرِهِ وَيَزُورُ قَبْرَهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَيُبَشِّرُونَهُ بِالْجَنَّةِ )،
زاد المعاد ، ج1،ص203 .
7ـ وينبغي في هذا اليومِ تَحسينَ الثِّيابِ والتَّزيُّنَ، واستعمالَ الطِّيبِ، والسُّرورَ والإبتهاجَ، والتَّوسيعَ على العِيالِ، وإطعامَ المؤمنينَ وتفطيرَ الصائمينَ، وزيارةَ المؤمنينَ والتَّبسمَ في وجوهِهِم، وشكرَ اللهَ تَعالَى علَى نعمتِهِ العُظمى نِعمةَ الولايَةِ، والإكثارَ منَ الصلاةِ علَى مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ).
مِنَ الأعمالِ أيضاً المؤاخاةِ:-
المؤاخاةُ يومُ الغَديرِ وصيغتَهَا:
هيَ أنْ يضَعَ المؤمنُ يدَهُ اليُمنَى علَى اليَدِ اليُمنَى لأخيهِ المؤمنِ ويقولُ :-
" واخَيْتُكَ فِي الله وَصافَيْتُكَ فِي الله وَصافَحْتُكَ فِي الله وَعاهَدْتُ الله وَمَلائِكَتَهُ وكُتُبَهُ وَرُسُلَهُ وَأنْبِيائَهُ وَالأئِمَّةَ المَعْصُومِينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عَلى أَنِّي إنْ كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالشَّفاعَةِ وَأُذِنَ لِي بِأنْ أدْخُلَ الجَنَّةَ لا أدْخُلُها إِلاّ وَأَنْتَ مَعِي. ثُمَّ يقولُ أخوهُ المؤمنُ: قَبلْتُ. ثُمَّ يقولُ: أسْقَطْتُ عَنْكَ جَمِيعَ حُقُوقِ الاُخُوَّةِ ما خَلا الشَّفاعَةَ وَالدُّعاءَ وَالزِّيارةَ".