خطواتُ الشمسِ تدبُّ بخِفَّةٍ هذا اليوم..
كأنّ جدائِلَها الذهبيةَ تأبى الأفول!
يومٌ يُقاسُ بتوقيتِ أهلِ السماء؛ بعقاربِ الخلود...
روحي تُحلِّقُ بفضاءاتٍ رحبةٍ، قابلةٍ للتمدُّد على مدِّ البصيرِة!
أتشبّثُ بكُلِّ نورٍ يُقابِلُني...
فقد أنهكَني التعثُّرُ بظُلُماتِ نفسي...
تارةً أرفعُ أكُفَّ الدُعاء رجاءَ تساقُطِ العيوبِ والذنوب..
وأُخرى.. أبحثُ عن مَنجاةٍ!
أسألُ نفسي: كم اِدّخرتِ؟
صمتٌ منها، يُقلِقُني..
لعلّها تخشى أنْ تُعلِمَني عن أثوابِ أعمالٍ مُمَزّقةِ الجيوب!
تنفتحُ عوالمٌ أمامَ مرأى القلبِ من كوّةٍ تستقبلُني، وأنا أستقبلُ القِبلة...
بِضعَ خُطُواتٍ يسلكُها العُشّاقُ بقلوبِهم الحرّى؛ حُبًا وشوقًا كُلَّ عامٍ في مثلِ هذا اليوم،
في لقاءٍ لتوثيقِ عُرى الإيمانِ؛ بِتجديدِ بيعةٍ لوليٍّ.. بتنصيبٍ سماوي..
لم أكُنْ في حلمٍ ولا يقظةٍ..
الكوّةُ تتسِعُ، فتتجلّى... عوالمٌ فعوالمٌ..
فأُخرى...
كأنّه شريطٌ يعرضُ أحداثًا وأمكنةً.. ليستْ بالغريبةِ عليّ.. ولا أعرِفُها كُلَّها..
مررتُ على بعضِها بينَ طيّاتِ التأريخ.. ممّا نقلتْه محابرُ الثقات...
كأنّي أرى بعينِ القلب.. بيتَ عليٍّ وفاطمة.. والأملاكُ تتهادى التهاني والتبريكات..
فوجٌ يعرجُ، وآخرُ يهبطُ!
مولاتي فاطمة!
نعم، هي..
تُزهِرُ الدارُ بِظلِّها، قبلَ نورِها!
ابتسامةُ مُحيّاها تَهَبُ الحياةَ للحياة؛
نظرتُها، بوصلةُ الجنانِ!
مُفترقُ طُرُقٍ..
جُمِعَتِ القلوبُ عندَه..
يستقرُّ الحجيجُ عندَ غديرِ ماءٍ مُباركٍ...
يكفي لإرواءِ الخلق إلى يومِ يُبعثون..
ولا عَجَب...
فعندَه عقدَتْ مواثيقُ السماءِ عهودَها!
تمامُ حجّةٍ شاءَ اللهُ (تعالى) أنْ يُتِمَّ عندَها النعمةَ
ويا لها من نِعمةٍ تشعّبَتْ منها، وتداخلتْ فيها -إلى ما شاءَ اللهُ (تعالى)- النِّعمُ!
مُنصِّبٌ، ومُنصَّبٌ، وتنصيبٌ..
حبيبٌ يُكلِّفُ حبيبًا؛ ليولّيَ حبيبًا!
كفُّ نبيٍّ..
وكفُّ وصيٍّ...
ترفعُ الأولى الثانيةَ...
مِنْ أعلى أقتابِ البيعة
اِعتلتْ: "ألا مَنْ كُنتُ مولاهُ....."
والملأُ.. كُلُّ الملأ؛ يسمعُ ويرى، يفهمُ ويَعي...
لكنْ شتّانَ ما بين... مَنْ سَعِدَ قلبُه؛ فباركَ لُبُّهُ، وكذا إخوانُهُ..
ومَنْ فحّتْ أنفاسُه: (بخٍ بخٍ..) ومعه أمثالُه..
صوتٌ تتلقّفُه تضاريسُ الملكوت..
فتُحيلُه صدىً؛ تسمعُه الأجيالُ بكُلِّ وضوح...
شخوصٌ رسمتْها عنايةٌ إلهيةٌ في لوحةِ تتويجٍ لا تخفى أيٌّ منها..
وإنْ تكالبَتْ عليها أيادي مكرٍ وحقدٍ...
فيبدأُ العدُّ...
ويمتدُّ العددُ؛ قابلٌ للزيادةِ هو...
وكذا النُقصان..
لأحبابِ الحقّ؛ مُنتهجي دربه الأوحد...
الآنسينَ بطريقِه..
وإنْ قلَّ سالكوه!
بِنهجِ المُتوِّجِ...
خارطةُ طريقٍ-جليةٌ إشاراتُها- لا ضلالَ ولا تيهَ معها...
فقط، إنْ أبصرتِ القلوبُ وسارتْ مع تلكم الإشارات...
ثابتةُ الخُطى لما أوتيتْ من حُبٍّ وطاعةٍ لمن مرضاةُ الربِّ الجليلِ في اتباعِه...
شاخصةٌ أبصارُها نحوَ كوثرِ ولايتِه الأوفر في الدُنيا قبلَ الآخرة!