بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ: ( سَأَلْتُ مَوْلاَنَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ أُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَنِي نَفْسِي قَالَ يَا كُمَيْلُ وَ أَيَّ اَلْأَنْفُسِ تُرِيدُ أَنْ أُعَرِّفَكَ قُلْتُ يَا مَوْلاَيَ هَلْ هِيَ إِلاَّ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ قَالَ يَا كُمَيْلُ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةٌ اَلنَّامِيَةُ اَلنَّبَاتِيَّةُ وَ اَلْحِسِّيَّةُ اَلْحَيَوَانِيَّةُ وَ اَلنَّاطِقَةُ اَلْقُدْسِيَّةُ وَ اَلْكُلِّيَّةُ اَلْإِلَهِيَّةُ وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ خَمْسُ قُوًى وَ خَاصِيَّتَانِ فَالنَّامِيَةُ اَلنَّبَاتِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى مَاسِكَةٌ وَ جَاذِبَةٌ وَ هَاضِمَةٌ وَ دَافِعَةٌ وَ مُرَبِّيَةٌ وَ لَهَا خَاصِيَّتَانِ اَلزِّيَادَةُ وَ اَلنُّقْصَانُ وَ اِنْبِعَاثُهَا مِنَ اَلْكَبِدِ وَ اَلْحِسِّيَّةُ اَلْحَيَوَانِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى سَمْعٌ وَ بَصَرٌ وَ شَمٌّ وَ ذَوْقٌ وَ لَمْسٌ وَ لَهَا خَاصِيَّتَانِ اَلرِّضَا وَ اَلْغَضَبُ وَ اِنْبِعَاثُهَا مِنَ اَلْقَلْبِ وَ اَلنَّاطِقَةُ اَلْقُدْسِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى فِكْرٌ وَ ذِكْرٌ وَ عِلْمٌ وَ حِلْمٌ وَ نَبَاهَةٌ وَ لَيْسَ لَهَا اِنْبِعَاثٌ وَ هِيَ أَشْبَهُ اَلْأَشْيَاءِ بِالنُّفُوسِ اَلْفَلَكِيَّةِ وَ لَهَا خَاصِيَّتَانِ اَلنَّزَاهَةُ وَ اَلْحِكْمَةُ وَ اَلْكُلِّيَّةُ اَلْإِلَهِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى بَهَاءٌ فِي فَنَاءٍ وَ نَعِيمٌ فِي شَقَاءٍ وَ عِزٌّ فِي ذُلٍّ وَ فَقْرٌ فِي غَنَاءٍ وَ صَبْرٌ فِي بَلاَءٍ وَ لَهَا خَاصِيَّتَانِ اَلرِّضَا وَ اَلتَّسْلِيمُ وَ هَذِهِ اَلَّتِي مَبْدَؤُهَا مِنَ اَللَّهِ وَ إِلَيْهِ تَعُودُ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وَ قَالَ تَعَالَى: يٰا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ `اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً وَ اَلْعَقْلُ فِي وَسَطِ اَلْكُلِّ )، بحار الأنوار ، ج58 ، ص84.
النفْسُ النَّبَاتِيَّة: حَالَةٌ تكونُ مبدأَ الإغتذاءِ والنَّماءِ .
النفْسُ النَّبَاتِيَّة: صُورَةٌ نوعيَّةٌ عديمةُ الشُّعُورِ تحفظُ تركيبَ النَّبَاتِ وتَصدِرُ عَنْهَا النمو فِي الْأَطْرَاف وَالْأَفْعَال الْمُخْتَلفَة بالآلات الْمُخْتَلفَة كالقوة الغاذيَّةِ والناميَّةِ والمولَدَةِ والجاذبَةِ والماسكَةِ والهاضمَةِ والدَّافعةِ.
وَتلك الصُّورَة كَمَالٌ أولٌ لِجسمٍ طبيعيٍ آلَى مِنْ جِهَةِ التَّولدِ والنُّمو والتَّغذيَّةِ فَقَط.
وهي موجودةٌ في النَباتاتِ والحيواناتِ ومنهَا البشَرُ ، وهذهِ النَّفْسُ النَّامِيَةُ اَلنَّبَاتِيَّةُ موجودةٌ حتّى في المَعصومينَ صَلَواتِ اللهِ عَلَيْهِم أجْمَعِينَ .
ومَعناهَا : مَا جَعَلَهُ اللهُ تَعالَى في الشئِ بِحيثُ يَنمو ويَكبرُ كالشَجَرةِ ، والحَيوانُ يَنمو ويَكبرُ لِوجودِ النَّفْسُ النَبَاتِيَّةُ وكذلكَ الإنسانُ ، لكنْ نمو الشَجرةِ ليسَ كَنموِ الدَّجاجةِ مثلاً لأنَّ الدَّجاجةَ تنمو وتتَحركُ بالإرادةِ ، أمَا النَّبتَةُ والشَّجرةُ وكُلُّ نباتٍ ليسَ لَديهِم إرادةٍ ، مثلاً النَّبتَةُ لَا تَبحثُ عنْ طَعَامِهِا كالحَيواناتِ الّتي تتَحَركُ بالإرادةِ للبَحثِ وجَلبِ طَعامِهَا وكذلكَ في نومِها وكلامِهَا ...الخ ،أمَا النَّبتَةُ فلّا تتَحركُ وإنَّما يؤتى بالماءِ إليهَا وهوَ غَذائُهَا وأيضاً يُوضعُ لَهَا السمادُ ، فَالحيوانُ لَديهِ نَفْسٌ حيوانيَّةٌ يتحركُ بواسِطَتِهَا ، فَكُلُّ نَفْسٌ تَجعَلُ الشئَ الّذي هيَ فيهِ يَتَحَركُ بالإرادةِ يُسَمَى هذا الشئُ حيواناً .
ولِهذا الإنسانُ فيهِ نَّفْسُ نَبَاتِيَّةُ لأنَّهَ يَنمو ويَتَحركُ بِالإرادةِ، لقَولِهِ تَعَالَى ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونً ﴾، سُورَةُ يّـس، الآية36 ، ففيهِ نَفْسٌ حَيوانيَّةٌ - فسُميَّتْ بذلكَ لأنَّ لَهَا صِفاتٌ كَصفاتِ الحَيوانيَّةِ ، وأهمَا : الشَّهوةُ والسُّلطَةُ ( الدُّنيويَّةُ ) والغَضبُ ، وهذا
الغَضبُ ( العَصبيَّةُ ) منْهُ محمودٌ ومنْهُ مذمومٌ فمِنَ الاوَّلِ : الغَضبُ لِرؤيةِ مَعصيَّةٍ ، أو لظُلمِ الدِينِ ، فَقَدْ ورَدَ أنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبيِّ أَوْصِنِي فَقَالَ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : ( لاَ تَغْضَبْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ لاَ تَغْضَبْ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ اَلشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا اَلشَّدِيدُ اَلَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ اَلْغَضَبِ )، تحف العقول ج1 ص47 ، ورُبَّمَا يكونُ عالمُ الآخرَةِ مِنْ هذا القَبيلِ ففي القُرآنِ الكريمِ يَقولُ الباري عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَمَا هَٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلْآخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾،سُورَةُ العَنْكَبوتِ،الآية 64، فَمَعنى الحَيَوانُ : قِسمٌ منَ المفَسرينَ قالوا أنَّ الحيوانَ مَثنَى يعني حياتانِ فكأنَّها هيَ الحياةُ الدُّنيَا والحَياةُ الآخِرَةِ ، وقِسمٌ آخرُ منَ المُفَسرينَ قالَ الحَيوانَ يعني حياةٌ حياتيَّةٌ تَتَحركُ الأشياءُ فيهَا بالإرادةِ ، توضيحُ ذلكَ مثلاً إذا قالَ العبدُ اللَّهمُ أعتقني منَ النَّارِ ، فتَقولُ النَّارُ : إلهي أعتقْهُ مني أي تدعو بذلك وتقولُ الجَّنَةُ : اللَّهمَ أدْخِلهُ فِيَّ ، وتَقولُ الُورُ العِينُ اللَّهمَ زَوجنَا منْهُ وهكذا ، فَهَذهش تَعقِلُ مَا تَقولُ وفيهَا هذهِ الحَياةُ ، بلْ يُقالُ أنَّ أشجَارَ الجَنَّةِ ومَا فيهَا كُلُّهَا ذاتُ حياةٍ وعلى العَكسِ منْهَا فنباتاتُ الحياةِ الدُّنيا لاتَتحركُ وتَنطِقُ ومَا شابهَ وإنَّمَا هيَ ناميَّة بدونِ إرادةٍ ،والآيةُ الشَّريفَةُ تُصَوبُ هذا الكلامُ ﴿...... وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلْآخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ ،أي دارُ حَياةٍ فهذهِ النَّفْسُ الحَيوانِيَّةُ موجودةٌ في الحَيواناتِ والإنسانِ لكنْ بإختلافٍ وهوَ أنَّ الإنسانَ يَمتَلِكُ النَّفْسَ العَاقِلَةَ المُدرِكَةَ التّي تُدرِكُ الكُلِّياتِ والحَيواناتِ تُدركُ الجُزيئاتِ ، فالحَيوانُ هذا الشئ يفيدهُ يتقربُ منْهِ وإذا يَضُرُهُ يبتعدُ عَنْهُ ، مثلاً القطة لمَّا تَدخُلُ مكاناً مَا ويضربُهَا أحدٌ ففي المرةِ القادمةِ لمَّا تأتي الى نَفسِ المكانِ لاتتَقرب إلى النُقطةُ الّتي حصَلَ فيهَا ضَربُهَا فيهِ وهذا إدراكٌ جُزئيٌ ، في حينَ أنَّ الإنسانَ خرجت لهُ أفعى مثلاً منْ جحرٍ في مزرعةٍ ففي المَرةِ القَادِمَةِ يتحرزُ ويبتعدُ عن كُلِّ جحرٍ في نفسِ المزرعةِ لإنَّهُ يحتَمِلُ وجود هذهِ الأفعى أو غيرِهَا ، فتتكونُ لديهِ قضايا كُلِّيَّةٌ .
وعليْهِ في الإنسانِ النَّفْسُ أو الحياةُ النَّبَاتِيَّة و الحَيوانِيَّةُ والنَّفْسُ الناطقيَّةُ .