إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خَدَمَةُ الحسين متى يكونوا على خُطىٰ أصحاب الحسين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خَدَمَةُ الحسين متى يكونوا على خُطىٰ أصحاب الحسين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته




    انطلاقًا من قول الله تعالى:

    *(أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا كَلِمَةࣰ طَیِّبَةࣰ كَشَجَرَةࣲ طَیِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتࣱ وَفَرۡعُهَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ * تُؤۡتِیۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِینِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَیَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ).*



    إنّ من أهمّ عناصر القوّة في الإعلام الحسيني أن يكون الذي يخدم في مختلفِ ميادين العمل الشعائري إنسانًا يجسّد أعلى الدرجاتِ الممكنة من أخلاقِ الإمام الحسين (عليه السلام) ومما أراده النبيُّ الأكرم وأهلُ بيته المكرمين (عليه وعليهم الصلاة والسلام) من التزاماتٍ شرعيّة بصورةٍ عامة وفي مواقع الخِدْمة الحسينيّة بصورةٍ خاصة.. ذلك هو مقتضى الانتماء وقواعد الولاء وشروط الانتساب إلى التشيّع الذي عَـبَّـرَ عنه مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: *{يا مَعشَرَ الشِّيعَةِ.. إنّكُم قَد نُسِبْتُم إلَيْنا.. كُونُوا لَنا زَيْنًا و لا تَكُونُوا عَلَيْنا شَيْنا}.*

    فكلّ خادمٍ يعمل في الحسينيّات وتوابعها ينبغي أن يعتبر نفسَه وكأنّه رسولٌ من رُسِل أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) إلى الناس.. فيعمل في تلك المواقع على خطى ثُقاته الذين أرسلهم إلى الكوفة.. أمثال البواسل الثلاث: مسلم بن عقيل ، وقيس بن مسهّر الصيداوي ، وعبدالله بن يقطر الحِمْيري…

    فيا تُرىٰ لو أنّ الخادمَ الحسيني رأى نفسَه في هذا المقام من تمثيل الإمامِ الحسين فسوف لا يتصرّف من هواه الشخصي ويسبّبُ الإساءةَ إلى سمعة الجهة المحسوب عليها وهي جهةِ التشيّع عمومًا وجهةِ القضيّة الحسينيّة خصوصًا.

    لهذا نؤكّد وجوبَ معالجةِ المواقفِ السيّئة التي تصدر عن بعضِ المحسوبين على الحسينيّات ومواكب العزاء والمطابخ والمضائف والتي تُؤلم حتمًا قلبَ مولانا الإمامِ المنتظر المهدي (أرواحنا فداه)..

    وعلى الرّغم من أنّ هؤلاءَ قليلون لكنّهم يتركون صورةً سيّئةً جدًّا في الأذهان عن أكثريّةِ الخُدّام الملتزمين بالآداب الطيّبة والأخلاق الحسنة في عملهم التطوّعي المبارك.

    هذا الكلام كلُّه لا نفرّقُ فيه بين الرجال وبين النساء اللاتي يخدمن في الحسينيّات.. بدءًا من الإداريّات والناشطات في الإعداد والتنظيم وانتهاءًا إلى العاملات في المطبخ والتوزيع والتنظيف.. فإنّ الخادمة في إحياءِ الشعائرِ الحسينيّة متى ما استذكرتْ موقعَها وما كانت عليه السيّدةُ زينب (عليها السلام) ورَكْبُ السبايا في كربلاء والكوفة والشام والمدينة المنوّرة واستحضرتْ أمامَها الهدفَ من تطوّعها الحسيني فقد أصبحتْ دوافعُها أقرب إلى الدوافع التي كان عليها أصحابُ الإمام (عليه السلام) وصحابيّاتُه في كربلاء.. وعندئذ ستكونُ الخادمةُ الحسينيّة الزينبيّة نسخةً على خطى تلك النساء الملتزمات بآداب عاشوراء بعيداتٍ عن التصرفات التي تُنفِّر حاضراتِ المجلسِ الحسيني وتؤذيهن.

    بذلك يقترب خَدَمةُ أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) رجالًا ونساءًا من درجات أولئك الأصحاب والأنصار في صفات الإخلاص والأخلاق والإيثار والتنازل عن الذات.. وسيشملُهم حينئذ اعتزازُ الإمام (عليه السلام) بأصحابه لمّا شهد لهم بكلماتٍ قَرَنَـهُم فيها بمكانة أهل بيته قائلًا: {أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَصْحَابًا أَوْفَىٰ وَلَا خَيْرًا مِنْ أَصْحَابِي، وَلَا أَهْلَ بَيْتٍ أَبَـرَّ وَلَا أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَجَزَاكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا عَنِّي خَيْرًا}.

    ولا حاجةَ للإستدلال على هذا المعنى بأكثر من قول الإمام الرضا (عليه السلام) لأحد أصحابه: {يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً. يَا ابْنَ شَبِيبٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَىٰ مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

    فإذا كانت الخِدْمةُ في أيّ موقعٍ من مواقع الشعائر الحسينيّة شرفًا للخدّام -كما يكتبون هذه العبارة الجميلة على ملابسهم- فلا ينسوا شروطَ الخِدْمةِ المقبولة أيضًا.. فالذي ينساها سيكون كالذي جاء مع سيّدِ الشهداء إلى أرضِ كربلاء ثم غادَرَها في ليلةِ عاشوراء.. لأنه لم يكن بتلك الشروطِ التي تُؤهِّلُه للبقاء مع الحسينييّن الشهداء والفاتحين النّبلاء.

    عندما يعرف الخادمُ -والخادمةُ- هذه المفاهيم فإنه سيعرف أنّ تعبَه في الخِدْمة الحسينيّة إنِ اختلط مع المعصيةِ المُتعمَّدة لا يكون تعبُه هباءًا منثورًا فحسب بل ويُعاقبُه اللهُ عليه لناحيتيْن:

    * ناحية المعصية نفسِها.

    * وناحية الإساءةِ لسمعة القضيّة الحسينيّة!!

    ومن الواضح كم يترك السلوكُ الحَسَن والسلوكُ القبيح من أثرٍ كبيرٍ في المجال الإعلامي للشعائر الحسينيّة.. حيث أنّ السلوكَ الحَسَن يساهم في تحسينِ الصورة المطلوبة لتقويةِ الوجه الإعلامي.. والسلوكَ القبيح يخدمُ الأعداءَ المتربّصين بها سوءًا وبمذهبِ أهل البيت (عليهم السلام) شـرًّا.

    لكي نُعالـجَ هذه المشكلةَ في بعض متطوّعي الخِدْمة الشعائريّة نطرحُ هنا ثمانيةً من الخصال المطلوبة فيهم.. ثم نُلفِتُ الانتباه في ختام الكلمة إلى نقطةٍ ذاتِ أهـمّـيةٍ محوريّة:

    * الخِصلة الأولى/ إنّ الخادمَ الحسيني لا تكون ألفاظُه بذيئةً في كل حياتِه.. وخاصةً حين تعاملِه مع الناس في موسمِ الشعائر الحسينيّة.

    * الخِصلة الثانية/ إنّ الخادمَ الحسيني يكون أقربُ إلى الإصلاح بين المتصادِمين من إنحيازِه الصِّدامي لأحد. فمتى ما شاهَدَ خطأً من شخص أخَذ جانبَ الحِلْم وضَبْطَ الأعصاب ساعيًا بحكمتِه الإصلاحيّة نحو إدارة الموقف.

    * الخِصلة الثالثة/ إنّ الخادمَ الحسيني يكون نظيفًا ويفوحُ منه العِطر.. وكأدنىٰ حدّ أن لا تخرج منه روائحُ مؤذيةٍ لضيوف الإمام الحسين في المأتم أو في الموكب أو في المطبخ أو في المضيف وما أشبه.

    * الخِصلة الرابعة/ إنّ الخادمَ الحسيني يُرحِّب بمن يدخل مجلسَ الرثاء الحسيني ويقومُ من مكانه ويحترمُ القادمين وحين خروجهم يُشايِعهم لتوديعهم ويدعو لهم بالأجر والقبول وإذا كان الضّيف من الشخصيّات المحترمة يُشايعُه حتى باب الحسينيّة.. وإذا كان فيهم متبرّعون يشكرهم ويسأل اللهَ لهم بزيادة الرّزق وطول العمر.. ولا يُحرِج أحدًا بطلب التبرّع أو يقلّل من شأنه إنْ كان ما تَبَرَّعَ به مبلغًا زهيدًا.

    * الخِصلة الخامسة/ إنّ الخادمَ الحسيني يعتمد التواضعَ سبيلًا له إلى أفضل الخدمات، ولا يسعى أبدًا للزعامة ولا يتنازع عليها غيرَه.. وإنما إنْ وجد نفسَه مؤهَّـلًا لها بشهادة العقلاء المتواجدين في الموقع يستلمُها لأجل الخدْمة الأحسن وليس طلبًا للوجاهة على فراغٍ من الأهليّة!!

    * الخِصلة السادسة/ إنّ الخادمَ الحسيني عندما لا يجد في نفسِه الكفاءةَ بسبب كِـبَر السنّ أو وجود الأكـفأ فإنّه يبادر إلى فَتحِ الطريق أمامَ غيره ولا يلعب بأنانيّتِه في مصيرِ المشروع الحسيني ويناور بها ليُثيرَ خلافاتٍ وتصدّعاتٍ من أجل مصالحه الخاصة.

    * لخِصلة السابعة/ إنّ الخادمَ الحسيني لا يتكلّم ضدّ الحسينيّات الأخرى.. ولا يفتح بابَ الصراعات مع مواكب العزاء.. ولا يستنقص من مكانة المراجع والعلماء الذين لا يميل إليهم لأسبابٍ خاصةٍ بولاءاته الشخصيّة أو الحزبيّة، بل إذا استطاع قام بزيارتهم لتوطين العلاقات الودّية حفظًا لهيْبةِ الشعائر ودعمًا لمظهرِها الأقوى.

    * الخِصلة الثامنة/ إنّ الخادمَ الحسيني يُخلِص نواياه لله عزّ وجل كي يعيشَ في مواقفِه مع أصحاب الحسين المخلصين.. والمخلص إذا أخطأ لا يستصعب على نفسِه الاعتذارَ ولا يكابر بل يُصحّح خطأه بحكمةٍ ويُعوِّضُه بمرونة.

    *وأمّا نقطةُ الختام:*

    إنّ من الأهمّية الكبيرة أن يهتمّ خدّامُ الحسين (عليه السلام) بالعاصين من الناس والشبابِ غير الملتزمين دينيًّا.. فلا يجوز لأيّ خادمٍ -وأيّةِ خادمةٍ في القسم النسائي للحسينيّات- طردُ أيّ شخصٍ يدخلُ الحسينيّة أو موكبَ العزاء أو يطلبُ وجبةَ طعامٍ وكان ظاهرُه دون مستوى الضوابط الشرعيّة.. فإنّ الحسينَ بابُ رحمةِ الله الواسعة ولن تتوقّف دعواتُه لهدايةِ الإنسان إلى يوم القيامة.. فعلى خدّامِه أن يرتقوا إلى مستوى هذا الهدفِ الحسينيّ الرفيع.

    غايةُ ما هنالك يقوم الخادمُ -أو الخادمةُ- بنصيحة الغافلين والغافلات بأسلوبٍ ليّن وكلماتٍ هادئة ووجهٍ بشوش وقلبٍ يحنّ إلى هدايتهم وهدايتهن.. وهذا كلّه من سيرة أهل البيت (عليهم السلام) ومقاصدِهم النبيلة.. وقد ورد أنّ رجلًا من الشيعة إسمُه الشّقْراني وكان يشربُ الخمر علنًا ويعرف عنه الإمامُ الصادق (عليه السلام).. جاء ذات مرّة إلى الإمام يطلب مساعدةً ماليّة. يقول الشّقْراني فقمتُ إليه فقلتُ له: جعلني اللهُ فداك أنا مولاك الشّقْراني. فرحّب بي وذكرتُ له حاجتي. فنزل ودخل وخرج وأعطاني من كُـمِّه فَـصَبّه في كُـمّي ثم قال: *{يَا شَقْرَانِي إنّ الحَسَنَ مِن كلِّ أحدٍ حَسَنٌ وإنّه مِنْكَ أحْسَن لِمَكانِك مِنّا، وإنّ القَبيحَ مِن كلِّ أحدٍ قَبيحٌ وإنّه مِنْكَ أقْبَح}.*

    هكذا يجبُ أن نكونَ في خِدْمة بعضِنا البعض.. ناصحين متعاونين وهادين متواضعين.. وهكذا هو اللهُ في تعاملِه مع المُذنبين.. يستميلُهم ليستهديَهم: (قُلۡ یَـٰعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ أَسۡرَفُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُوا۟ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِیعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ).. (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡیَسۡتَجِیبُوا۟ لِی وَلۡیُؤۡمِنُوا۟ بِی لَعَلَّهُمۡ یَرۡشُدُونَ).

    .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X