إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

10- وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ 25 ذي الحِجَّةِ :-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 10- وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ 25 ذي الحِجَّةِ :-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ

    ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ، سُورَةُ الإنسانِ، الآيات 5-11.
    هذهِ الآياتُ نازلةٌ في عليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحُسينِ(عَلَيْهِم السَّلاَمُ) وفضَةَ جاريتِهِم، وهذا مِنْ كُتبِ أهلِ السُّنَةِ، فقدْ رَوى تفسيرُ الكَشّافِ للزمَخشري عنِ إبنِ عباسٍ، وعَنِ إبنِ عُمَرِ، كمَا رَوى ذلكَ الحَاكمُ، وابنُ مردَويهِ، وابنُ ماجَةِ في سُنَنِهِ، كُلُّهُمُ رَووا هذهِ الرِّوايةِ: عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ وَ قَدْ ذَكَرَهُ اَلثَّعْلَبِيُّ وَ غَيْرُهُ مِنْ مُفَسِّرِي اَلْقُرْآنِ اَلْمَجِيدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخٰافُونَ يَوْماً كٰانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ﴾ قَالَ: مَرِضَ اَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ فَعَادَهُمَا جَدُّهُمَا رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَعَادَهُمَا عَامَّةُ اَلْعَرَبِ فَقَالُوا يَا أَبَا اَلْحَسَنِ لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدَيْكَ نَذْراً وَ كُلُّ نَذْرٍ لاَ يَكُونُ لَهُ وَفَاءٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( إِنْ بَرَأَ وَلَدَايَ مِمَّا بِهِمَا صُمْتُ لِلَّهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً وَقَالَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ): إِنْ بَرَأَ وَلَدَايَ مِمَّا بِهِمَا صُمْتُ لِلَّهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً وَ قَالَتْ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا فِضَّةُ إِنْ بَرَأَ سَيِّدَايَ مِمَّا بِهِمَا صُمْتُ لِلَّهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً فَأُلْبِسَ اَلْغُلاَمَانِ اَلْعَافِيَةَ وَ لَيْسَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ قَلِيلٌ وَ لاَ كَثِيرٌ فَانْطَلَقَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِلَى شَمْعُونَ اَلْخَيْبَرِيِّ وَ كَانَ يَهُودِيّاً فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَ فِي حَدِيثِ اَلْمُزَنِيِّ عَنِ اِبْنِ مِهْرَانَ اَلْبَاهِلِيِّ فَانْطَلَقَ إِلَى جَارٍ لَهُ مِنَ اَلْيَهُودِ يُعَالِجُ اَلصُّوفَ يُقَالُ لَهُ شَمْعُونُ بْنُ حَانَا فَقَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لَهُ: ( هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي جِزَّةً مِنْ صُوفٍ تَغْزِلُهَا لَكَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا) بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ شَعِيرٍ قَالَ: نَعَمْ فَأَعْطَاهُ فَجَاءَ بِالصُّوفِ وَ اَلشَّعِيرِ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ بِذَلِكَ فَقَبِلَتْ وَ أَطَاعَتْ قَالُوا فَقَامَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) إِلَى صَاعٍ فَطَحَنَتْهُ وَ اِخْتَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصٌ وَ صَلَّى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) اَلْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثُمَّ أَتَى اَلْمَنْزِلَ فَوُضِعَ اَلطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ أَتَاهُمْ مِسْكِينٌ فَوَقَفَ بِالْبَابِ وَ قَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ مِسْكِينٌ مِنْ مَسَاكِينِ اَلْمُسْلِمِينَ أَطْعِمُونِي أَطْعَمَكُمُ اَللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ اَلْجَنَّةِ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ:
    فَاطِمُ ذَاتَ اَلْمَجْدِ وَ اَلْيَقِينِ ........................ يَا بِنْتَ خَيْرِ اَلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
    أَمَا تَرَيْنَ اَلْبَائِسَ اَلْمِسْكِينَ ............................ قَدْ قَامَ بِالْبَابِ لَهُ حَنِينٌ
    يَشْكُو إِلَى اَللَّهِ وَ يَسْتَكِينَ ............................. يَشْكُو إِلَيْنَا جَائِعاً حَزِينٌ
    كُلُّ اِمْرِئٍ بِكَسْبِهِ رَهِينٌ ............................ وَفَاعِلُ اَلْخَيْرَاتِ يَسْتَبِينُ
    مَوْعِدُهُ جَنَّةُ عِلِّيِّينَ ............................ حَرَّمَهَا اَللَّهُ عَلَى اَلضَّنِينِ
    وَ لِلْبَخِيلِ مَوْقِفٌ مُهِينٌ ........................... تَهْوِي بِهِ اَلنَّارُ إِلَى سِجِّينٍ
    شَرَابُهُ اَلْحَمِيمُ وَاَلْغِسْلِينُ ........................ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ
    أَمْرُكَ يَا اِبْنَ عَمِّ سَمْعُ طَاعَةٍ ................... مَا بِيَ مِنْ لُؤْمٍ وَ لاَ ضَرَاعَةٍ

    وَ أَعْطَوْهُ اَلطَّعَامَ وَ مَكَثُوا يَوْمَهُمْ وَ لَيْلَتَهُمْ لَمْ يَذُوقُوا إِلاَّ اَلْمَاءَ اَلْقَرَاحَ فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلثَّانِي طَحَنَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) صَاعاً وَ اِخْتَبَزَتْهُ وَ أَتَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مِنَ اَلصَّلاَةِ وَ وُضِعَ اَلطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَتَاهُمْ يَتِيمٌ فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ يَتِيمٌ مِنْ أَوْلاَدِ اَلْمُهَاجِرِينَ اُسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ اَلْعَقَبَةِ أَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمُ اَللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ اَلْجَنَّةِ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَأَعْطَوْهُ اَلطَّعَامَ وَ مَكَثُوا يَوْمَيْنِ وَ لَيْلَتَيْنِ لَمْ يَذُوقُوا إِلاَّ اَلْمَاءَ اَلْقَرَاحَ فَلَمَّا كَانَ فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّالِثِ قَامَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) إِلَى اَلصَّاعِ اَلْبَاقِي فَطَحَنَتْهُ وَ اِخْتَبَزَتْهُ وَ صَلَّى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَعَ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اَلْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَى اَلْمَنْزِلَ فَوُضِعَ اَلطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ أَتَاهُمْ أَسِيرٌ فَوَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ تَأْسِرُونَنَا وَ لاَ تُطْعِمُونَنَا أَطْعِمُونِي فَإِنِّي أَسِيرُ مُحَمَّدٍ أَطْعَمَكُمُ اَللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ اَلْجَنَّةِ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَآثَرَهُ وَ آثَرُوهُ وَ مَكَثُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَ لَيَالِيَهَا لَمْ يَذُوقُوا سِوَى اَلْمَاءِ فَلَمَّا كَانَ فِي اَلْيَوْمِ اَلرَّابِعِ وَ قَدْ قَضَوْا نَذْرَهُمْ أَخَذَ عَلِيٌّ اَلْحَسَنَ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى وَ اَلْحُسَيْنَ بِالْيُسْرَى وَ أَقْبَلَ نَحْوَ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُمْ يَرْتَعِشُونَ كَالْفِرَاخِ مِنْ شِدَّةِ اَلْجُوعِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: ( يَا أَبَا اَلْحَسَنِ مَا أَشَدَّ مَا يَسُوؤُنِي مَا أَرَى بِكُمْ اِنْطَلِقْ إِلَى اِبْنَتِي فَاطِمَةَ فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا وَ هِيَ فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي قَدْ لَصِقَ بَطْنُهَا بِظَهْرِهَا مِنْ شِدَّةِ اَلْجُوعِ وَ غَارَتْ عَيْنَاهَا فَلَمَّا رَآهَا اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ وَا غَوْثَاهْ بِاللَّهِ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ تَمُوتُونَ جُوعاً فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَالَ خُذْ يَا مُحَمَّدُ هَنَّأَكَ اَللَّهُ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ قَالَ وَ مَا آخُذُ يَا جَبْرَئِيلُ فَأَقْرَأَهُ هَلْ أَتىٰ عَلَى اَلْإِنْسٰانِ إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّمٰا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّٰهِ لاٰ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزٰاءً وَ لاٰ شُكُوراً إِلَى آخِرِ اَلسُّورَةِ قَالَ اَلْخَطِيبُ اَلْخُوَارِزْمِيُّ حَاكِياً عَنْهُ وَ عَنِ اَلرَّاوَنْدِيِّ : وَ زَادَنِي اِبْنُ مِهْرَانَ اَلْبَاهِلِيُّ فِي هَذَا اَلْحَدِيثِ - فَوَثَبَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلاَمُ) فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ اِنْكَبَّ عَلَيْهِمْ يَبْكِي وَ قَالَ: ( أَنْتُمْ مُنْذُ ثَلاَثٍ فِيمَا أَرَى وَ أَنَا غَافِلٌ عَنْكُمْ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ اَلْآيَاتِ إِنَّ اَلْأَبْرٰارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كٰانَ مِزٰاجُهٰا كٰافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهٰا عِبٰادُ اَللّٰهِ يُفَجِّرُونَهٰا تَفْجِيراً قَالَ هِيَ عَيْنٌ فِي دَارِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تُفَجَّرُ إِلَى دُورِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ رَوَى اَلْخَطِيبُ فِي هَذَا رِوَايَةً أُخْرَى وَ قَالَ فِي آخِرِهَا فَنَزَلَ فِيهِمْ وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ أَيْ عَلَى شِدَّةِ شَهْوَةٍ مِسْكِيناً قُرْصَ مَلَّةٍ وَ اَلْمَلَّةُ اَلرَّمَادُ وَ يَتِيماً خَزِيرَةً وَ أَسِيراً حبيسا [حَيْساً ] إِنَّمٰا نُطْعِمُكُمْ يُخْبِرُ عَنْ ضَمَائِرِهِمْ لِوَجْهِ اَللّٰهِ يَقُولُ إِرَادَةَ مَا عِنْدَ اَللَّهِ مِنَ اَلثَّوَابِ لاٰ نُرِيدُ مِنْكُمْ يَعْنِي فِي اَلدُّنْيَا جَزٰاءً ثَوَاباً وَ لاٰ شُكُوراً .كشفُ الغُمَةِ ،ج۱، ص۳۰۲، بحارُ الأنوارِ، ج35، ص245.
    هذهِ الآيةُ أعلاهُ ومَا بَعدهَا تُفسّرُ التَّفجيرَ كمَا أشرنا إليهِ ولِذلكَ لمْ يفصلُ بينهمَا بالواو ونحوهَا فكأنَّ سَائلاً يسألُ كيفَ يفجّرونَ العينَ؟ فأجابَ: يوفونَ بالنَّذرِ....
    والنَّذرُ المُصْطَلحُ هو مَا يُوجبُهُ الإنسانُ علَى نفسِهِ ويجعلُهُ حقّاً للّهِ تَعالَى عليهِ ولذلكَ كانتْ صيغتُهُ الشَّرعيَّةَ (للّهِ عليّ كذا..). ولكنَّهُ في أصلِ الُّلغةِ لَا يَختَصُّ بِهِ بلْ يشملُ كُلَّ عَهدٍ.

    والظَّاهرُ أنَّ المُرادَ هنَا بوفائِهِم بالنَّذرِ الوفاءَ بمَا أوجبَوا علَى أنفسِهِم أو وجَبَ عليهِم منْ عهودِ اللهِ تَعالَى كمَا قالَ تعالَى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾، سُورَةُ الاحزابِ، الآية 23. والنَحْبُ: هو النَّذرُ. والمُرادُ بهِ بيعتَهُم الّتي بَاعوا بِهَا أنفسَهُم للّهِ كمَا قالَ تَعالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ.. ، سُورَةُ التَّوبَةِ،الآية 111.
    فالحاصلُ أنَّ المُرادَ بإيفائِهِم بالنَّذرِ إلتزامِهِم بمَا عاهدوا اللهَ عليهِ، وأمّا الوفاءُ بالنَّذرِ المعروفِ فليسَ شيئاً خاصاً بهِم بلْ عامّةُ النَّاسِ حتَّى لَو لمْ يلتزِموا بأحكامِ اللهِ تَعالَى يلتزمونَ بالوفاءِ بنذورِهِم تخوفاً منْ عواقبِ الدُّنيا، بلْ ربَّمَا لَا يكونُ لأصلِ النَّذرِ رُجحانٌ في الشَّرعِ فاستحقاقِهم لهذا الثَّناءُ من جِهةِ وفائِهِم بعهدِ اللهِ وفاءاً تامّاً لَا يحصلُ إلَّا منَ المعصومينَ (عَلَيْهِم السَّلاَمُ) .
    وللّهِ علَى الإنسانِ عهودٌ كثيرةٌ ومنْهَا العهدُ الأزَّلي الّذي اُودعَ في فِطرةِ الإنسانِ كمَا قالَ تَعالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا.. ﴾، سُورَةُ الأعرافِ،الآية 172، فالوفاءُ بِهِ يستلزمُ أنْ لَا يتخذُ الإنسانُ ربّاً غيرَهُ تَعالَى فلَا يُطيعُ طواغيتَ الارضِ ولَا يَتَّبِعَ أحكامَهُم ولَا يتّبعَ هواهُ إنْ خالفَ الشَّرعَ.
    والإيفاءُ أوكَدُ منَ الوفاءِ، وقولُهُ عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَيَخَافُونَ.. ﴾ إشارةٌ الَى تورّعِهِم(عَلَيْهِم السَّلاَمُ) في جانبِ المُحرّمَاتِ فيبتعدونَ عنْ كُلِّ مَا يَحتملُ فيِهِ أنْ يجرَّ الى العِقابِ أو يَبعدُهُم عنْ رضوانِهِ تَعالَى.
    وظرفُ الخوفِ في الدُّنيا وأمّا في الآخرةِ فهُم آمنونَ فقولُهُ ﴿ يوماً مفعولٌ وليسَ ظرفاً وهمْ لَا يخافونَ نفسَ اليومِ وإنّمَا يخافونَ منْ شرِّهِ المُستطيرِ، وهو بِمعنَى المُنتَّشرِ فالشَرُّ في ذلكَ اليومِ ليسَ خاصاً بأحدٍ ولَا بقومٍ بلْ هو مُنتَشرٌ في النَّاسِ قَلَّ منْهُم منْ لَا يُصيبَهُ.
    ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا... ﴾، الضمير في ﴿ حُبِّهِيعودُ إلَى الطَّعامِ أي يُطعمونَ الغَيرَ منْ طَعامٍ يُحبّونَهُ ويشتهونَهُ أو يحتاجونَ إليهِ لجوعِهِم فهُناكَ كثيرٌ منَ النَّاسِ يُطعمونَ مَا زادَ منْ طَعامِهِم الّذي لَا يحتاجونَ إليهِ أو مَا لَا يحبّونَ منَ الطَّعامِ وقدْ قالَ تَعالَى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾، سُورَةُ آلِ عِمرانَ ، الآية : 92،
    والمسكينُ قيلَ إنَّهُ أشدّ حالاً منَ الفقيرِ وقيلَ بالعكسِ . واليتيمُ: الطِّفلُ الّذي فقدَ أباهُ. والأسيرُ: المقبوضُ عليهِ، وهو في الأصلِ بمعنَى مَنْ شُدّ رِباطُهُ بإسارٍ وهو القِدّ وكُلُّ ما يُربطُ بهِ ثم اُطلقَ علَى منْ اُخذَ وقُبضَ عليهِ وإنْ لمْ يُشدّ يداهُ.
    إلا أنَّ هُناكَ أقوالاً مُتعدَّدَةً فيمَا يُرادُ بالأسيرِ ؟ قالَ كثيرونَ: إنَّ المُرادَ الأسرَى مِنَ الكُفَّارِ والمُشركينَ الّذينَ يُؤتى بِهِم إلَى مَنطقةِ الحُكومَة الإسلاميَّةِ في المدينةِ، وقيلَ: المَملوكُ الّذي يكونُ أسيراً بيدِ المالكِ، وقيلَ هُمُ السُّجناءُ، والأوَّلُ أشهرُ ، ويردُ هُنَا سؤالٌ: كيفَ جاءَ ذلكَ الأسيرُ إلى بيتِ الإمامِ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) طِبقاً لِمَا ورَدَ في سبَّبِ النُّزولِ والمفروضُ أنْ يكونَ سَجيناً ؟
    ويتضحُ لنَا جوابُ هذا السؤالُ بالإلتفاتِ إلَى أنَّ التَّاريخَ يؤكدُ عدمَ وجودِ سُجناءَ في عهدِ النَّبيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) حيثُ كانَ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يقسِمَهُم علَى المُسلمينَ، ويأمرَهُم بالحفاظِ عليْهِم والإحسانِ إليهِم، فكانوا يُطعمونَهُم الطَّعامَ وعندَ نفاذَ طعامِهِم كانوا يطلبونَ العونَ منْ بقيَّةِ المُسلمينَ ويرافقونَهُم في الذِّهابِ إلَى طَلَبِ المعونَةِ، أو أنَّ الأسرَى يذهبونَ بمفردِهِم لأنَّ المُسلمينَ كانوا حِينذاكَ في ضَائقةٍ منَ العَيشِ.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X