بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
لقدْ كانَ لأبي عبدِ اللهِ الحُسينِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عدة أولاد بنين وبنات منهم طفلة ذات ثلاث سنين معروفة ب (رقية) ومدفونة في سوق شارع العمارة في دمشق وقد ورد ذكرها في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء وناداها الامام الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ونطق باسمها في اكثر من موضع وحادثة وخصوصا في الساعات الاخيرة من عمره الشريف عند ما اراد ان يودع أهله وعياله نادى بأعلى صوته (يَا أُخْتَاهْ يَا أُمَّ كُلْثُومٍ وَ أَنْتِ يَا زَيْنَبُ وَ أَنْتِ يَا رُقَيَّة وَ أَنْتِ يَا فَاطِمَةُ وَ أَنْتِ يَا رَبَابُ اُنْظُرْنَ إِذَا أَنَا قُتِلْتُ فَلاَ تَشْقُقْنَ عَلَيَّ جَيْباً وَ لاَ تَخْمِشْنَ عَلَيَّ وَجْهاً وَ لاَ تَقُلْنَ هُجْراً)،الملهوف ، ص141 ، بحار الأنوار : ج 45 ص 2، وكذلك جاء في مقتل ابي مخنف الذي هو أقدم مقتل لابي عبدالله الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) نادى في يوم عاشوراء لكي يودع أهله وعياله (يا أمَّ كلثوم! ويا سكينة! ويا رقيّة! ويا عاتكة! ويا زينب!! يا أهل بيتي! عليكنَّ منّي السلام)، مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب ،ج 3،ص257.
وأمَّا في كتب السُّنة – ذكر عبدالوهاب بن احمد الشافعي المصري (المتوفي عام 673 هجري) مقام السيدة رقية في كتابه (المنن: العاشر) هذا البيت- بقعة شرفت بآل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) في دمشق وبنت الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الشهيدة (رقية) وقد ذكر العلامة الشيخ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي المتوفي عام 1294- إسم رقية عن لسان إبي عبدالله الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) (ثُمَّ نَادَى يا أُمَّ كُلْثُوم ! وَيا سَكينَةُ ! وَيا رُقَيَّة ! وَيا عاتِكَةُ ! وَيا زَيْنَبُ ! يا أَهْلَ بَيْتي ! عَلَيْكُنَّ مِنِّي السَّلامُ)، ينابيع المودّة ، القندوزي ،ج 3 ،ص 79، وفي المنتخب ذكر كيفية رحلتها في دمشق.
ولدت ما بين عام 57 هـ و58هـ، بالمدينة المنوّرة. وتوفيت في 5صفر61هـ .
إعتبرت بعض كتب التراجم أن أمها هي أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله زوجة الإمام الحسن التي تزوجها الحسين (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) بعد استشهاد أخيه. وقيل إن أم رقية هي السيّدة شاه زنان (شهر بانو) بنت يزدجر ملك الفُرس، فتكون رقية هي شقيقة الإمام زين العابدين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وقيل إن أم السيدة رقية هي الرباب بنت امرئ القيس.
وهي أصغر بنات الحسين الأربع أي زينب وفاطمة وسكينة، ولذا كانت لها مكانة خاصة في قلبه. وبدورها، كانت كثيرة التعلق بأبيها ولم تفارقه حتى في الوقت الذي تهجع فيه عيون الأطفال للنوم، فقد نقلت بعض كتب التاريخ أنها كانت تستيقظ ليلاً لتجهز سجادة الصلاة لأبيها وهي جالسة بقربه حال تأديته لصلاة الليل، وكان يكثر من ضمها إلى صدره ، ولم يعرف في التاريخ سابقة لتعلق ابنة بوالدها إلَّا جدتها فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) وتعلقها بأبيها رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه).
ومعنى إسمها: كما جاء في كتب اللغة هي تصغير لكلمة راقية بمعنى الارتفاع والسمو والتصغير هنا للتحبيب .
حضرت السيّدة رقية (عَلَيْهِا السَّلاَمُ) واقعة كربلاء، وهي بنت ثلاثة سنين، ورأت بأُمّ عينيها الفاجعة الكبرى والمأساة العظمى، لما حلّ بأبيها الإمام الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وأهل بيته وأصحابه من القتل، وكانت خلال ملحمة كربلاء تعالج المرض دون علم بما جرى لأبيها الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ثمّ أُخذت أسيرة مع أُسارى أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلاَمُ) إلى الكوفة، ومن ثَمّ إلى الشام .
وفي الشام أمر اللعين يزيد أن تسكن الأُسارى في خربة من خربات الشام، وأثناء الأسـر في الشام حين شفيت قامت بما هي معتادة عليه من إعداد السجادة لوالدها عليه السلام وقت الصلاة. وانتظرته كثيراً دون جدوى .. فظلت تسأل عنه وهي تبكي.. و نساء أهل البيت في حيرة بما يخبرنها وحين سمع نداءها يزيد.. سأل عما تطلبه فأجيب بأنها تطلب والدها الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) .
فأمر اللعين أن يذهبوا برأس أبيها إليها، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل ديبقي فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه فقالت: ما هذا؟ قالوا: رأس أبيك، ففزعت مرعبة لجريمة القتل المخيفة أصابها الدهشة حينما قالوا لها إنَّهُ رأس أبيك، فرفعته من الطشت حاضنة له وهي تُنادي: ( يَا أبتاهُ مَن الذي خضّبكَ بدمائِكَ، يا أبتاهُ مَن الذي قطعَ وريدك، يا أبتاهُ مَن الذي أيتمني على صغرِ سنّي، يا أبتاهُ مَن لليتيمةِ حتّى تكبر)؟ ، المنتخب للطريحي، ص 136 .
ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاءً شديداً حتى غشي عليها، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدنيا، فلما رأى أهل البيت (عَلَيْهِم السَّلاَمُ) ما جرى عليها أعلوا بالبكاء واستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق، فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية .
والآن عندما تذهب الى دمشق الشام وفي نهاية سوق الحميدية ترى مقامها كالدّر الأبيض الذي يلمع ، على بعد 100 متر أو أكثر من المسجد الأموي بدمشق،وقد دأب المسلمون شيعة وسُنة على زيارة مقامها الشريف والمبارك حتى أصبح من المشاهد المشرفة التي تهوي إليها النفوس من كل فج عميق. وقد التجأ إلى قبرها كثير من الناس بحوائجهم، فجعلوا هذه اليتيمة شفيعة ووسيلة إلى الله سبحانه، وقد قضى الله حوائجهم ببركة السيدة رقية (عَلَيْهِا السَّلاَمُ).
وَكُلُّ مَنْ أرادَ زِيَارِتَهَا عَليْهِ أنْ يَقولَ:
السَّلامُ عَلَيكِ يا سَيِّدَتَنـا رُقَيَّةَ، عَلَيكِ التَّحِيَّةُ وَالسَّلامُ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيكِ يـا بِنتَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكِ يـا بِنتَ أمير المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبِ، السَّلامُ عَلَيكِ يا بِنتَ فاطِمَةَ الزَّهراءِ سَيِّدَةِ نِسـاءِ العالَمينَ، السَّلامُ عَلَيكِ يا بِنتَ خَديجَةَ الكُبرى اُمِّ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ، السَّلامُ عَلَيكِ يا بِنتَ وَلِىِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكِ يا أخت وَلِىِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكِ يا بِنتَ الحُسَينِ الشَّهيدِ، السَّلامُ عَلَيكِ أيتها الصِّدّيقَةُ الشَّهيدَةِ، السَّلامُ عَلَيكِ أيتها الرَّضِيَّةُ المَرضِيَّةُ، السَّلامُ عَلَيكِ أيتها التَّقيّةُ النَّقيَّةُ، السَّلامُ عَلَيكِ أيتها الزَّكِيَّةُ الفاضِلَةُ، السَّلامُ عَلَيكِ أيتها المَظلُومَةُ البَهِيَّةُ، صَلَّى اللهُ عَلَيكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ، فَجَعَلَ اللهُ مَنزِلَكِ وَمَأواكِ في الجَنَّةِ مَعَ آبائِكِ وأجدادك الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ المَعصُومينَ، السَّلامُ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ، وَعَلَى المَلائِكَةِ الحـافّينَ حَولَ حَرَمِكِ الشَّريفِ، وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسليماً بِرَحمَتِكَ يا اَرحَمَ الرّاحِمينَ .