إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشخصية العرفانية والحركية للسيدة زينب عليها السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشخصية العرفانية والحركية للسيدة زينب عليها السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    الشخصية العرفانية.
    زينب قطعة من العبادة وكانت تصلي النافلة كل ليلة حتى في ليلة الحادي عشر من المحرم، هذه القطعة من العبادة ذابت في الله تبارك وتعالى، وقد حصلت زينب على الرؤية الملكوتية، فهناك رؤية ملكية وهناك رؤية ملكوتية، الرؤية الملكية هو من يقرأ الكون قراءة رياضية أو قراءة فيزيائية، أما الرؤية الملكوتية هو الذي يقرأ الكون مرآة لله ومظهراً لله، يستثمر علمه في الوصول إلى الله عزوجل، الرؤية الملكوتية أعطيت للنبي إبراهيم ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: 75] ومن يمتلك الرؤية الملكوتية يصل إلى درجة الاطمئنان واليقين ويكون مصداقاً لقوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ «27» ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً «28»﴾ [الفجر: 27 - 28]، وزينب حصلت على تلك الرؤية الملكوتية، فوصلت إلى درجة الاطمئنان واليقين، ونتيجة لوصولها إلى هذه الدرجة انعكست على تصرفاتها وأفعالها، وهناك عدة مشاهد تكشف عن وصولها لهذه الدرجة:
    المشهد الأول: يقول حميد بن مسلم: لما قتل الحسين خرجت امرأة خفرة مخدرة تجر أذيالها خفراً وصوناً حتى وصلت إلى الجسد الشريف، فقيل: من هذه؟ قيل: إنها زينب، فجلست ومدت يديها تحت جسمه ورفعته إلى السماء قليلاً وقالت: اللهم تقبل منا هذا القربان.
    المشهد الثاني: عندما ردت على ابن زياد لما قال: كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ قالت: ما رأيت إلا جميلاً. فهنا يقول علماء العرفان أن جمال الرؤية نابع من جمال الروح، إذا كانت الروح جميلة رأيت كل شيء جميل، فإذا كانت الروح تعيش جمالاً لا ترى الوجود كله إلا نعم من الله ومنن من الله، لا ترى إلا جمالاً.
    أيها المشتكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلا
    زينب تعيش جمال الروح وجمال الاطمئنان، وجمال القرب من الله، وجمال رؤية ملكوت السماوات والأرض؛ ولأن روحها تعيش الجمال فلم تكن ترى إلا الجمال، وكل ما حل عليها رأته نعمة وليست نقمة، ولذلك كانت تقول: الحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة المغفرةوختم لآخرنا بالشهادة والرحمة. تفتخر وتعتز بما وقع لها.
    الشخصية الثالثة: الشخصية الحركية.
    زينب شخصية نشطة وحركية، شخصية إبداعية، فالشخصية الحركية هي التي تملك مشروع، فهي تخطط وتعد وتبرهن وتبرمج، تعزم وتنفذ وتراقب، تعيش دائماً في حالة حركة؛ لأنها تعيش مشروعاً حياتياً طويل الأمد، هكذا كانت العقيلة زينب، شخصية حركية، بدأت منذ ذلك اليوم لما أرادت الخروج من مكة، جاء ابن عباس إلى الإمام الحسين  فقال: كيف تمضي إلى العراق وقد غدروا بأبيك وأخيك من قبل؟ فلما سمعت كلامه قالت: يا ابن عباس ما تقول؟ قال: أقول له إذا كان عازماً على الخروج فليدع النساء هنا ويخرج. فقالت: كيف تشير على شيخنا وسيدنا أن يخلفنا هنا وأن يمضي وحده! فوالله إنا لنحيا معه ونموت معه، وهل أبقى الزمان لنا غيره. أظهرت قوة الإرادة وقوة التصميم.
    ولما صار يوم كربلاء ظهر دور زينب في ذلك اليوم بقوة التحمل والصبر فهي التي تودع الأبطال، وهي التي تستقبل الجنائز، وهي التي تضمد الجراح، وهي التي تهدأ الأطفال وتهدأ النساء، وهي التي تدور على المخيم وتحرسه في كل وقت، وهي التي تعطي الحسين شحنات روحية قوية لتدفعه إلى أن يبقى على موقفه، كما كانت أمها الزهراء مع أبيها رسول الله ، هي صاحبة الصوت وصاحبة الرأي وصاحبة المكانة، امرأة تجمع كل هذه الألوان كلها في ساعات معدودة.
    ولما بدأت رحلة السبي قامت زينب بعدة أدوار أدارت القافلة كلها، فلولا إدارة زينب لهامت النساء في البراري وهامت الأطفال في الصحاري لأن المسير طويل، زينب تداري الإمام السجاد العليل المريض، والحسين  كان له خليفتان، الخليفة الواقعي وهو الإمام السجاد لأنه الإمام المفترض الطاعة، والخليفة الظاهري وهي زينب  فكانت الخلافة لها ظاهراً لأن موقعها الاجتماعي كان يفرض هذا،
    وكانت كلمتها أكثر تأثير من الإمام زين العابدين في تلك الظروف فهي ابنة فاطمة وابنة علي بن أبي طالب، فكان لكلمتها وقع، وكانت لها الخلافة الظاهرية ولكن الخلافة الواقعية للإمام زين العابدين حفاظاً على حياته وبقاءه.
    والدور الثالث أن تنتصر لنسل رسول الله، لما دخلوا الكوفة أقبل الناس يرمون عليهم التمور والخبز والصدقات، بعضهم يبكي وبعضهم يهزأ، فانتصرت لآل بيت رسول الله، فرمت الصدقات من أيدي الأطفال، وقالت: الصدقة علينا حرام. انتصاراً لنسل رسول الله وانتصاراً لحرمة رسول الله.
    وزينب هي التي وقفت أمام الطاغية ابن زياد تدافع عن الإمام زين العابدين، لأنه أعتقد بأن الرجال كلهم قتلوا وإذا بشاب أُدخل إلى المجلس فقال: من هذا؟ فقالوا: هذا علي بن الحسين. قال: أوليس قتل الله علي بن الحسين؟ رد عليه الإمام السجاد: كان لي أخ يقال له علي قتله الناس. قال: بل قتله الله.​
    فقال: بل قتله الناس ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الزمر: 42] قال: أولك جرأة على رد جوابي؟ خذوه واضربوا عنقه. فتعلقت به زينب وقالت: والله لا تقتله وإن قتلته فاقتلني معه، يا ابن زياد حسبك من دمائنا.
    زينب تدير الأطفال وتحافظ على السجاد، تخاطب الأعداء وتحامي عن الأطفال والأيتام، وصل الأمر إلى أنهم من طول الطريق والجوع وقلة الطعام وقلة الماء وحرارة الشمس يقول الرواة حتى تكشرت وجوههم من حرارة الشمس، جاءوا بهم في طريق طويل وعطش وجوع يسرع بهم الحادي حتى يوصلهم الشام في أول شهر صفر، وعندما أدخلوهم أوقفوهم على باب يزيد ست ساعات على درج الباب، ثم ربطوهم بالحبال أوله في عنق زين العابدين وآخره في عنق زينب، لكنها ما انكسرت ولا ذلت ولا وهنت ولا ضعفت، وعندما دخلت وقفت على يزيد بكل جرأة وقالت وهي تخاطب يزيد مفتخرة بعزة وكبر وهي تقول له: إني لأستحقر قدرك وأستكثر توبيخك وأستعظم تقريعك لكن العيون عبرى والقلوب حرى، فكد كيدك واسعى سعيك، وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا، وإن رأيك إلا فند وجمعك إلا بدد وأيامك إلا عدد حين ينادي المنادي ألاألا لعنة الله على القوم الظالمين.
    فهي شخصية فريدة تجمع كل هذه الألوان وكل هذه المواقف في شخصيتها صلوات الله وسلامه عليها.
    فكيف بمن يقول أن الإسلام أهان المرأة وبخس حقوقها، وطوق المرأة بأطواق متعددة، نقول له انظر إلى هذه المرأة، هل عاقها حجابها عن القيام بأدوارها؟ زينب هل أعاقها حجابها عن القيام بأدوار متعددة لا تقوم بها امرأة عادية؟ هل طوقها الإسلام بطوقٍ مَنع من أن تكون شمساً في التاريخ، خلدت ذكرها بأداء أدوارها العظيمة!​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X