لم يكن النصر الذي أحرزه الإمام المهدي عليه السلام في قتاله أعداء الله ورسوله باستعمال السلاح وحده، سواء أكان هذا السلاح تقليديا أم متطورا بكافٍ لصد هجمات تلك القوى الشريرة دون التأييد الإلهي الحاسم، ويصحبه أو يواكبه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضةً، ويتخلله مجادلة أهل الضلال ومحاججة رؤوس الطغيان.
إن الطبيعة البشرية في العدوان والادراع بالباطل تأبى إلا أن يجابهها الإمام بالقوة والكفاح المسلح، وتكون سيرته في هذا الضوء هي التكليف الشرعي الوحيد، فعن الإمام الباقر (عليه السلام):
*«إن رسول الله (ص) [يسير] في امته باللين والمنّ، وكان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل ولا يستتيب احدا!! بذلك أمر في الكتاب الذي معه، ويلٌ لمن ناواه»(١)*
وهذا النهج القتالي كتب للإمام في عهد من جده رسول الله كما في الروايات. وعليه فإن إعداد الجيش، وتهيأة المعدات الحربية، وبناء اسس المجتمع المقاتل، وإظهار القوة المتصلبة، كل أولئك من مستلزمات حرب الإمام.
إلا ان جانباً غيبياً يمد الإمام بأسباب وقوى خارقة تتحدث عنها الروايات، وبالإضافة إلى ما تقدم يكتب للإمام النصر المؤزر.
فعن الإمام الباقر (عليه السلام)، أنه قال:
*«إذا ظهر القائم (عجّل الله فرجه)، ظهر براية رسول الله، وخاتم سليمان، وحجر موسى وعصاه.»(٢)*
ويأتي دور الملائكة في النصر بما لا يستطيع البحث تحديد دوره أو تعريف ماهيته، ولكنه الزلزال الشامل الذي يهد عروش الظالمين:
فعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال:
*«لو قد خرج قائم آل محمد لنصره الله بالملائكة المسوّمين، والمردفين، والمنزلين، والكروبيين، يكون جبرائيل أمامه، وميكائيل عن يمينه، وإسرافيل عن يساره، والرعب مسيرة شهر أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، والملائكة المقربون حذاءه.»(٣)*
وقد أضيف إلى الملائكة بدرجاتها الرفيعة، وواجباتها المختلفة مدرك الرعب السائر من جهاته الأربع مسيرة شهر، فتضطرب مشاعر الجيش المقابل للإمام، ويهتز كيانه هزاً عنيفاً، فيوحي بالقلق والخيبة والفشل، وفي هذا كله من النصر المعنوي للإمام عليه السلام ما تعرفه الجيوش المقاتلة في إحداث الأثر النفسي سلباً وإيجاباً بين جيشين متقاتلين، فالأثر السلبي الغامر لأعداء الإمام يسلمهم إلى الهزيمة، والأثر الإيجابي لجيش الإمام يكلله بالنصر والفتح المبين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) النعماني/ الغية/ ١٢١.
(٢) النعماني / الغيبة / ١٤٥ + المجلسي/ بحار الأنوار / ٥٢/ ٣٥١ .
(٣) النعماني / الغيبة/ ١٢٢ + المجلسي / بحار الأنوار/ ٣٤٨/٥٢.
*~ الامام المهدي المنتظر (عج)، د. محمد حسين علي الصغير، ص٢٥٢،...*
أمونة جبار الحلفي