تتفاوت مقامات اصحاب المعصومين عليهم السلام رغم عظمتهم جميعا بحسب مواقفهم مع المعصوم وطبيعة نصرتهم له في ظل التحديات التي يواجهونها
فصحابة رسول الله المخلصين لا يتساوون جميعهم في المرتبة وكذلك اصحاب امير المؤمنين وسائر الائمة سلام الله عليهم اجمعين.
ولان عاشوراء حالة استثنائية في سيرة المعصومين ووجوب نصرة
الامام الحسين عليه السلام تفاوتت مكانة اصحابه تبعا للتفاوت في كيفية نصرتهم للامام الحسين (ع)، فمنهم من نصره بنفسه ومنهم من نصره بنفسه وولده ومنهم بنفسه وولده وماله ومنهم من نصر الامام الحسين نصرة مشروطة كالضحاك بن عبيد الله المشرقي ومنهم من عدوا من شهداء كربلاء رغم شهادتهم في الكوفة كمسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وقيس بن مسهر الصيداوي وغيرهم وجميع مواقفهم وشهادتهم نقرؤها لنعرف كيفية نصرتهم لامام زمانهم بنحو ظاهري وان كانت لها قراءة معنوية يعلمها اهل هذا القراءات جيدا .
ولكن العوام امثالنا يستطيعون قراءة تلك النصرة بحسب فهمهم المتواضع، ولكن تصادفنا احيانا مواقف مختلفة للنصرة نقرؤها من منظور اخر بعيدا عن المنظور التقليدي منها:
(مر ميثم التمار على فرس له، فاستقبله حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد فتحادثا حتى اختلفت عنقا فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب أهل بيت نبيه، فتبقر بطنه عن الخشبة، فقال ميثم: واني لأعرف رجلا احمر له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة ثم افترقا.
فقال أهل المجلس: ما رأينا أكذب من هذين، قال: فلم يفترق المجلس حتى اقبل رشيد الهجري فطلبهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان: كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما نسى: ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مأة درهم. ثم أدبر فقال القوم: هذا والله أكذبهم، قال: فما ذهبت الأيام والليالي حتى رأينا ميثما مصلوبا على باب عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين " ع " ورأينا ما قالوا)(١)
لو تأملنا الرواية اعلاه بنظرة ثلاثية الابعاد -ان صح التعبير- لعلمنا ان تهيئة النصرة كانت منذ امد بعيد وبعناية خاصة من المعصومين حيث تعهدوهم بعلم خاص من علم المنايا والبلايا فحبيب ورشيد من صحابة رسول الله ومن خواص وحواريي الامام علي وميثم وان كان من التابعين الا ان قصته المشهورة مع ام المؤمنين ام سلمة تدل على عناية رسول الله به عندما (حج في السنة التي قتل فيها، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت له: من أنت؟ قال: عراقي، فاستنسبته فذكر لها أنه مولى علي بن أبي طالب عليه السلام فقالت: أنت هيثم؟ قال: بل أنا ميثم، فقالت: سبحان الله والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يوصي بك عليا في جوف الليل، فسألها عن الحسين بن علي عليهما السلام فقالت: هو في حائط له، قال: أخبريه أني أحببت السلام عليه ونحن ملتقون عند رب العالمين إن شاء الله، ولا أقدر اليوم على لقائه، وأريد الرجوع، فدعت بطيب فطيبت لحيته، فقال لها: أما إنها ستخضب بدم، قالت: من أنبأك هذا؟ قال: أنبأني سيدي، فبكت أم سلمة وقالت: إنه ليس بسيدك وحدك هو سيدي وسيد المسلمين أجمعين، ثم ودعته)(٢)
وبلحاظ ما تقدم يتبين بوضوح ان هذه النصرة الخاصة للمعصوم عليه السلام تمت بوصية ودعوات رسول الله ص وتعهدها الامام علي ع حتى اتت اكلها في عاشوراء وما قبلها لاخلاص هؤلاء الانصار وتميزهم بخِلال وقابليات معنوية عظيمة لا يعلمها الا المعصومين،
انها حلقة ملكوتية مضمخة باسرار العشق نتعلم منها معالم ادب نصرة امام الزمان بالروح قبل البدن بتعانق ارواح الانصار قبل ان ترسم الاجساد ملحمة النصرة الحقيقية لامام الزمان.
الهوامش:
(١)أبصار العين في أنصار الحسين، ص١٠١.
(٢)بحار الأنوار، ج ٤١، ص٣٤٤.