اللقاء لشخصية قريبة عن الحدث هو حظ عظيم وبركة من بركات المولى ابي الفضل العباس (عليه السلام). وقد رزقني الله اللقاء بالشيخ موفق خادم الامام الرضا (عليه السلام) ان يتخطى الازمنة ليأتي لزيارة الامام الحسين (عليه السلام).
فتحت الحديث معه عن قضية الام (عليها سلام الله) فقلت اسأله:ـ في مجتمعات مازالت لها حكمة القبيلة واحكامها، وما يزال التأثر العروبي واضح المعالم في طريقة تفكيرهم بالتفوق النسبي القبلي والتمييز الجاهلي، كيف سيطر الامام على تلك النعرات وهو ابن امرأة فاضلة من سيدات نساء المسلمين عفة وطهارة، لكنها تبقى في نظر مجتمع ذلك الزمان هو من أبناء الاماء؟
أجابني الشيخ موفق:ـ إن الإسلام - بكلّ اعتزاز وفخر - ألغى جميع ألوان التمايز العنصري واعتبره من أهمّ عوامل التأخّر والانحطاط في المجتمع؛ لأنّه يفرّق، ولا يوحد ويشتّت ولا يجمع، ولذلك فقد سارع أئمة أهل البيت إلى الزواج بالإماء للقضاء على هذه النعرات الخبيثة، وإزالة أسباب التفرقة بين المسلمين، فقد تزوج الإمام زين العابدين، وسيد الساجدين، بأمة أولدت له الشهيد الخالد، والثائر العظيم زيداً.
وتزوّج الإمام الرضا (عليه السلام) أمة فأولدت له إماماً من أئمة المسلمين وهو الإمام الجواد (عليه السلام). لقد كان موقف الأئمة (عليهم السلام) من زواجهم بالإماء هو الردّ الحاسم على أعداء الإسلام الذين جهدوا على التفرقة بين المسلمين.
أما اسم السيدة اُمّ الإمام الجواد (عليه السلام) اسمها: الخيزران، سماها به الإمام الرضا (عليه السلام)، وكانت تسمى درّة. قلت: سيدي الموفق كانت هناك علائم غيب يستدل بها الامام الرضا (عليه السلام) شأن عظمة على ولادة امامة معصوم؟
قال الشيخ الموفق:ـ أحاط الإمام الرضا (عليه السلام) السيدة الكريمة جاريته بكثير من الرعاية والتكريم، فقد استشف من وراء الغيب أنها ستلد له ولداً قد اختاره الله للإمامة وللنيابة العامة عن النبي الأعظم (ص) فهو أحد أوصيائه الاثني عشر، وقد اخبر الإمام الرضا بذلك أعلام أصحابه.
وعهد الإمام الرضا (عليه السلام) إلى شقيقته السيدة الجليلة حكيمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليها السلام) بأن تقوم برعاية جاريته، وتلازمها حتى تلد، وقامت السيدة حكيمة بما طلب منها الإمام الرضا، ولما شعرت الجارية بالولادة أمر (عليه السلام) شقيقته بأن تحضر مع القابلة لولادتها.
وقام (عليه السلام) فوضع مصباحاً في البيت، وظلّ (عليه السلام) يرقب الوليد العظيم.. ولم تمضِ إلاّ لحظات حتى ولدت جاريته علماً من أعلام الفكر والجهاد في الإسلام، وسر شديد السرور بوليده المبارك وقال:ـ وُلِد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، قُدست أمّ ولدته.
واجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية،، قلت له: سيدي الموفق، نحن في هذه الأزمنة نتشوق كثيرا لتذكر معالم نشأة كل امام. اجابني معقباً:ـ كان الامام الرضا (عليه السلام) يشرف بنفسه على رعايته، فكان يصحبه في حلّه وسفره، ويطعمه بنفسه ويقول: لم يولد في الإسلام مولود أعظم بركة على شيعتنا منه.
إن هذا اللون من التربية المطعّم بالحبّ والتكريم له أثره البالغ في التكوين النفسي وازدهار الشخصية حسبما قرّره علماء التربية والنفس، ومن آيات نبوغه المذهل انّه في سنه المبكر قد سأله العلماء والفقهاء عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عنها..! ولا مجال لتعليل هذه الظاهرة إلاّ بالقول إنّ الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت (عليهم السلام) طاقات مشرقة من العلم لم يمنحها إلاّ أولي العزم من أنبيائه ورسله.
وكان الإمام الرضا (عليه السلام) يشيد دوماً بولده الإمام الجواد، ويدلّل على فضله ومواهبه (سلام الله عليه).
أعجبني
تعليق
مشاركة