- لا شك إنّ قرار الصلح قد انطوى على نتائج هامة تصب في صالح الأمة الإسلامية وحركتها التاريخيّة،
- فنشوب حرب بين فئتين يؤدي لا محالة إلى تشتيت الدولة الإسلامية وتفتيت وحدتها، وهنا نلمس دور الصلح وأثره في توحيد الدولة الإسلامية وتوحيد كلمة المسلمين، وجمع قلوبهم على غايةٍ واحدة، وتوحيد صفوفهم.
- وإنّ نشوب حرب بين المسلمين بمثابة سرطان ينخر في جسد الأمة الإسلامية،
- ومما لا شك فيه إنّ الحرب التي تكاد تندلع إنّما هي حرب استنزاف تزهق فيها أرواح المئات،
- بل الآلاف من المسلمين من كلا الطرفين ولا يلوح لنهايتها أفق.. لكن الصلح الذي أبرمه الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية أدى الى قلب الأمور رأساً على عقب
- فاستأصل ذلك السرطان الذي كاد أن ينتشر في جسد الأمة الواحدة، بإخماد نار الفتنة وإطفاء فتيل الحرب،
🔹والذي يؤدي بالنتيجة الى حقن دماء المسلمين، يقول الإمام الحسن: (عليه السلام):
- (وقد رأيت أنّ حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلاّ إصلاحكم وبقاءكم) (1).
- وإذا كان لكل حرب استحقاقاتها الخاصة، فإنّ دخول الإمام الحسن (عليه السلام) في حرب مع معاوية بن أبي سفيان يعني وضع جميع إمكانات الدولة الإسلامية وقوّتها العسكريّة في صراع
- يأكل الوجود الإسلامي من الداخل، وبالتالي سيكون هذا الوجود ضعيفاً منهكاً يتهاوى لمجرد أيّ ضربة متوقعة من الخارج، أو فتنة من الداخل
- وعليه فقد خطر الصلح في نفسه لأول مرة، كيف لا والإسلام يواجه خطر أعدائه إلى جانب خطر المفروضين عليه باسمه (2).
🔸والصلح يعني بقاء الصفوة الخيّرة في وسط الأمة؛ من أجل تنظيم صفوفها وتنسيق برامجها في الإصلاح والتغيير، وتحكيم المفاهيم والقيم الإسلامية الأصيلة، والوقوف بوجه الزيف والتدليس وتحجيم الانحراف والتآمر على الإسلام باسمه.
▫والإمام الحسن (عليه السلام) عندما هادن معاوية وتنازل عن الحكم اتجه إلى تغيير الأمة وتحصينها من الأخطار التي كانت تهددها،
- والإشراف على القاعدة الشعبيّة وتوعيتها بمتطلبات الشخصيّة الإسلاميّة وتعبئتها بمستوى التغيير الرسالي للإسلام ولبعث الأمة من جديد (3).
1- أسس قاعدة رصينة انبثقت منها النهضة الحسينيّة لإحياء الدين وكل القيم الانسانيّة يوم نقض معاوية العهود والمواثيق التي اشترطها الإمام الحسن (عليه السلام) عليه
- ، عندما خلّف ابنه يزيد (لعنه الله) على المسلمين أميراً فعاث في الأرض فساداً.
2- كشف للمسلمين حقيقة معاوية والحكم الأموي، حيث أقّر في خطابه قائلا:
- "إنّي والله ما قاتلتكم لتصلّوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجّوا، ولا لتزكّوا، إنّكم تفعلون ذلك، إنّما قاتلتكم لأتأمر عليكم",
- فهذه الحقيقة أسقطت الحكم الأموي من شاهق، وكشفت أوراقه وأزالت القناع عن وجه حكامه وأرسلتهم الى الحضيض.
3- أتاح للإمام الحسن (عليه السلام) فرصة تمهيد أرضيّة ملائمة لنشر علوم جده وأبيه (صلوات الله عليهم أجمعين)
- لاسيما مسألة الإمامة، الأمر الذي من شأنه توسيع القاعدة الشعبيّة لأهل البيت (عليهم السلام).
4- كان سبباً في انفتاح الشام على البلاد الإسلامية بعد ما كانت موصدة الأبواب منعزلة عن مراكز الوعي الإسلامي.
_____________
1- باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ص264.
2- سليمان كامل، الحسن بن علي، ص105.
3- الأديب عادل، دور أئمة أهل البيت في الحياة الإسلامية، ص198.
🍃✨📚